قرية كري ديرا.. نموذج يعيد المرأة إلى جذورها وسيادتها في الزراعة

كركي لكي/ ليكرين خاني –

ضمن مساحة دونم واحد، تجد نساء قرية كري ديرا التابعة لناحية كركي لكي، في هذه المساحة أماناً وعودة إلى الجذور، حيث الرابط الوثيق بين شخصيتها والأرض، وتعلقها بها، وشغفها دوماً لتراها خضراء معطاء.

بالعودة إلى التاريخ نرى، أن المرأة لها سيادة على الغذاء، ولها مشاركة ونشاط في الإنتاج الزراعي، بدءاً من عملية التحضير إلى العملية الزراعية، والاهتمام بالمحاصيل، ومن المُسلَّم به أن الزراعة هي المُحرِّك الرئيسي للنمو في المجتمعات الريفية في شتى أرجاء العالم، وأن المرأة هي العمود الفقري للأسر الريفية، وفي حين أن النساء غالبًا ما يكدحن في المنزل، وفي المزرعة لتلبية احتياجات أسرهن، فإنهن يتمتعن عادةً بجمع ثِمار عملهن، ففي قرية كري ديرا التابعة لناحية كركي لكي نجد العشرات من النساء يملكن مساحة دونم واحد، يزرعن في هذه المساحة المحاصيل الشتوية والصيفية، قرية كري ديرا المعروفة بأرضها الخصبة، وعمل نسائها في الزراعة منذ عشرات السنين.

ولنتعرف على عمل النساء في الزراعة هناك، وعلى كيفية اهتمامهن بالمحاصيل الزراعية، كان لصحيفتنا “روناهي” زيارة إلى القرية؛ لتلتقي بإحدى النساء العاملات في المجال الزراعي.

الاهتمام بالأراضي الزراعية مهمة النساء في القرية

تقول حمدية محمد ذات الخمسة والستين عاماً، من سكان قري كري ديرا، إن تعلقها بالأرض بدأ منذ نعومة أظفارها، وقد كان لوالدتها الفضل الكبير في تعلم أساسيات الزراعة، والاهتمام بالمحاصيل، إلا أنها تضيف بشأن الخبرة في الزراعة، ومواصلة العمل في مساحتها الصغيرة منذ خمسين عاماً قائلة: “الاهتمام بالزراعة، والعمل في الأرض سمة من سمات قريتنا، فالنساء في القرية التفتت إلى الزراعة منذ البداية، واعتمدت على المحاصيل الزراعية والإنتاج الزراعي في تدبير حاجيات المنزل، فكل عائلة في القرية تملك مساحة قرابة دونم واحد، تزرع فيها محاصيل صيفية وشتوية، وتشرف على هذه المساحات النساء، حيث لها الدور الكبير في نجاح العملية الزراعية”.

وتتابع حمدية: “أستيقظ في ساعات الصباح الأولى، لأتوجه إلى مساحتي الصغيرة المزروع فيها عدة أنواع من الخضرة، ومن المزروعات الصيفية، فأسقي الأرض، وأهتم بالمحاصيل، ومعالجة الآفات زراعية، وبالنظر إلى خبرتي، فإنني ألاحظ ما إن كان هنالك خلل فيها”.

إنتاج الأرض تلبية لحاجات المنزل

ما إن قلت مياه القرية، تراجعت كمية الإنتاج الزراعي، فقبل عدة سنوات لم تعد قرية كري ديرا المعروفة بمياهها الغزيرة، تتمتع بهذه السمة؛ لذلك تواجه القرويات العديد من العقبات، منها قلة المياه في العملية الزراعية، بعد أن كانت سقاية الأراضي تعتمد على مياه النهر الوافدة من قرية حلاق المجاورة لها، والتي جفت المياه قبل عدة سنوات، ليصبح اعتمادهم على مياه الآبار، ولهذا السبب لم يعد سكان القرية، يبيعون إنتاج أراضيهم الزراعية، التي بالكاد تغطي احتياجات المنزل.

وحيال ذلك تشير حمدية بقولها: “قبل عدة سنوات كان الإنتاج كثيفاً، وكنا نقوم ببيع جزء من الانتاج، أما الآن ولصعوبة توفير المياه تضاءل الإنتاج”.

وأضافت: “أقوم بتحويل الإنتاج الزراعي إلى منتجات منزلية، مثل المخلل، والمربيات وغيرها، وأقوم بمنح الإنتاج لجيراني، حيث نتبادل إنتاج أراضينا، ولا نقوم ببيع محاصيلنا لأن مساحة أرضنا صغيرة”.

تعلقها بالأرض… يدفعها إلى التجربة والاستمرار

وتوضح حمدية بخصوص أنواع الخضروات، التي تقوم بزراعتها في فصلي الشتاء والصيف: “في الصيف أزرع الخيار، والطماطم، والبامية، والملوخية، والبصل، والثوم، وورق العنب، أما عن المحاصيل الشتوية، فهي نبتة الجرجير، والفجل، والبقدونس، وغيرها، وتختلف المحاصيل في كل عام، لأنني أقوم بتجربة أنواع جديدة في الصيف وفي الشتاء”.

كما وأكدت حمدية على تعلقها وحبها للأرض، وعدم قدرتها على الجلوس، وتكليف أبنائها وأحفادها للاهتمام بالأرض عوضاً عنها، رغم كبر سنها قائلةً: “لا أستطيع أن أعتمد على أحد في سير العملية الزراعية؛ لأنها تحتاج إلى خبرة، ولأنني لا أستطيع الابتعاد عن الأرض، التي تربطني بها صلة، تتجاوز الخمسين عاماً”.