قراءة قصيرة في حضرة مهرجان القصة القصيرة الكردية

آراس بيراني_

تعد القصة القصيرة الكردية من الفنون الأدبية، التي تمتلك أهمية كبيرة في تاريخ الأدب الكردي، حيث الحكايات الكردية التراثية كانت الأصل للقصة، ومنها انبثقت أشكال القص والسرد والرواية، وتشكل القصة القصيرة بما تمتلك من شكل أدبي بطريقة مختصرة وبسيطة لتصل إلى عدد كبير من القراء، لتعبر عن حالات الحياة اليومية وتجارب الناس، وتنشيط الوعي الثقافي، وإثراء الثقافة واللغة.

وربما لم تنل القصة القصيرة الكردية نصيبها من الدراسات والبحوث النقدية، رغم أهمية القصة في الحياة الثقافية والأدبية الكردية.

وتأتي مبادرة اتحاد الكتاب الكرد في سوريا بتأسيس  مهرجان سنوي خاص للقصة الكردية، خطوة هامة للاحتفاء بهذا الشكل الأدبي العريق في الثقافة الكردية، والذي يسعى للتطور ليأخذ نصيبه من الاهتمام والمشاركة والمتابعة، بالشكل، الذي يليق بكونه مهرجانا، وليس أمسيات قصصية مجردة من صبغتها الكرنفالية، فرغم بلوغه عتبة النسخة الثامنة بإطلاق المهرجان الثامن للقصة بأواسط حزيران الحالي، فإنه مازال يخطو خطوات متواضعة تحتاج الدعم وتضافر جهود حقيقية من القائمين عليه، من الكتَّاب ومن الجهات ذات العلاقة بالثقافة والأدب الكرديين.

وربما تتطلب العملية هنا وقفة طويلة في مفارق واتجاهات القصة القصيرة الكردية، من جهة تناول القصص، التي تم تقديمها عبر منصة المهرجان الثامن من حيث بيان العناصر الأساسية، التي تركزت عليها القصص، فمن الصراع السياسي والأزمة السورية، التي أفرزت الهجرة والنزوح والغلاء والفقر والتفكك الأسري، إلى تناول قضية الهوية الكردية والوجود التاريخي، والإحاطة بالحيز الجغرافي ورسم الأمكنة في الفضاء الحكائي، ضمن عملية صراع وأثار ذاك الصراع على حياة الكرد البائسة، كما أن بعض القصص اتجهت لتناول قضايا الأسرة الكردية وبيان أوضاع المرأة الكردية

ومعاناتها، وتأثر المجتمع الكردي بقضايا العنف والإرهاب وتداعياته على الحالة النفسية للأفراد والمجتمع، من خلال تسليط الضوء على الحوار بين الشخصيات في القصص، وبيان حجم التفاعلات المجتمعية وحالة الصراع والتنافس في ظل نزاع وتحديات لا تنتهي، فأغلب شخصيات القصص الكردية تخوض صراعا مع ذاتها وصراعا مفتوحا ضد التاريخ والبيئة والسلطة، وتحولت كثير منها إلى رسالة مفتوحة إلى الآخر عبر انعكاس مشاكل الفرد ورصد القاص لحالة الناس وإضاءة أكثر الجوانب عتمة، في محاولات لم تنجح تماما في ملاحظة درجة العتمة والظلال، ودون متابعة للسراب الذي يعيشه، فأغلب القصص القصيرة ذهبت_ رغم طولها _ في جهة الإنشاء والتعبير والوصف والتكرار، مفتقدة للأدوات التعبيرية، فكثيرة هي القصص التي غاب عنها البناء الفني المغاير، وتطورت الأحداث القصصية دون معالجة الزمان والمكان بعناية، وأيضا ثمة تناول سطحي للشخصيات المحورية، وكأنه خاضع لمشروطية خاصة، فالشروط الخاصة لكل جنس أدبي تكتسب أهمية قصوى، وإن كانت الشروط دوماً عقبة في بنيات السرد أو الشكل القصصي، فالجانب الشكلي يتخذ أهميته في عملية بناء أو كتابة قصة ناضجة مستوفاة الشروط الإبداعية، فالاستهلال القصصي والعنونة، وبناء الحبكة وربما الحوار، ورسم الشخصيات، ولغة التعبير وكثافتها، وليس أخيرا قيادة الحكاية نحو خاتمة تحمل كل ما أراد الكاتب قوله في قفلة مدهشة، ومن هنا على الكاتب القصصي أن يكون سيداً لأدواته التعبيرية، وليس خادماً مطيعاً للشروط والأسلوب الكلاسيكي ولأدواته التعبيرية عامة.