آلدار خليل –
سادت هيمنة اللون الواحد في سوريا عقوداً من الزمن؛ حيث وصلت الأمور إلى مرحلة من المراحل التي بات بث الفتنة وتطوير الصراعات والفصل والتفرقة ما بين الشعب السوري أمراً واقعاً من أجل الحفاظ على السلطة وتشتيت التركيز على الممارسات والإجراءات المتبعة من قبل السلطات الحاكمة.
ما حدث في عام 2004 هو أحد الأشكال التي أرادت فيها الأجهزة الأمنية السورية خلق صراع واقتتال ما بين الكرد والعرب آنذاك تحت حجج وعناوين لا تمت حتى الآن لأدنى معايير المنطق بصلة، بعد الأزمة التي حدثت في سوريا وما ظهر كذلك من محاولات حتى اللحظة لبث التفرقة والفتن في المجتمع السوري كانت الحاجة ملحة لأن يكون هناك مشروع يّحّد كل أبناء الشعب السوري بمختلف انتماءاتهم على أهداف ومبادئ مشتركة خدمةً لكل السوريين دون استثناء، كان هناك حاجة لمشروع يكفل العيش المشترك بأخوة ومحبة وينبذ الحلول القائمة على الانتقام من الآخر لأسباب كان وراءها أصحاب الغايات والقصد، لذا كان مشروع أخوة الشعوب مشروع الأمة الديمقراطية هو الطرح الأوفى ليكون نموذجاً لكل هذه المعضلات المختلقة وسبيلاً نحو عدم خلق أية صراعات ما بين أبناء الشعب السوري.
هذا المشروع الذي لا يروق للبعض دفع بتركيا وداعش والمعارضة التي تسمي نفسها بالسورية وقوى أخرى؛ إلى محاربة مناطقنا بشتى الوسائل والعمل على تشويه هذا المشروع لضمان إفشاله؛ كونه يمثل خطراً على كل مخططاتهم الرامية لضرب الشعوب السورية ببعضها البعض.
ما حدث في دير الزور، حيث استُهدفت بعض الشخصيات الوطنية البارزة التي لها رصيد وطني كبير في الحفاظ على أخوة الشعوب وأمن واستقرار المنطقة ومنهم الشيخ إبراهيم خليل الجدعان الهفل شيخ قبيلة العكيدات وعمه الشيخ مطشر حمود الجدعان الهفل الذي استشهد؛ حيث أراد البعض وعبر استهدافهما خلق فتن وإشعال فتيل أزمة في المنطقة التي عانت الويلات قبل تحريرها، فتوضحت الرغبة في جعل أهالي المنطقة يقفون في وجه من حرروهم من بطش داعش والنظام؛ هذه المحاولات إتمام لجهود الفتنة الرامية لضرب مشروع أخوة الشعوب ومشروع الأمة الديمقراطية، حيث سبق وتم استهداف شيوخ في الرقة للأهداف ذاتها ومنهم الشيخ بشير فيصل الهويدي أحد رموز العفادلة، وشيخ عشيرة البوعساف الشيخ عبيد الخلف الحسان. الأهداف التي يروجها البعض من قبيل الظلم والتفرقة ما بين العرب وغيرهم وما إلى هنالك في تلك المناطق وبخاصة بعض الأقلام من الذين يقدمون أنفسهم على أنهم أكثر الناس حرصاً على العروبة؛ هي كاذبة ولا يوجد أي نوع من القلق لهؤلاء المحرضين على مصلحة العشائر وأبنائها ولا حتى على مصلحة الشعب السوري؛ كون هؤلاء المحرضين اليوم هم السبب في ترك تلك العشائر وأبنائهم فريسة لداعش سنوات طويلة، وكذلك هؤلاء أنفسهم من وقفوا ضد تقوية مشروع الأمة الديمقراطية عبر جهود الحوار الكردي- الكردي الذي هو لمصلحة كل من يتشاركون في مشروع الأمة الديمقراطية على عكس ما يروجون أنها خدمة للكرد وحدهم فقط. وهم أنفسهم كذلك يريدون تقديم الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية على أنهم الخطر على الشعوب على عكس الواقع الذي تحاول فيه هذه الإدارة إيجاد منفذ ومخرج لضمان أمن وسلامة الأهالي وتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بجهودها السياسية والدبلوماسية أمام حالة التقصير الواضح الذي ظهر لدى النظام والقوى التي تقدم نفسها بأنها ساعية للديمقراطية في سوريا.
اليوم جميع الجهود وكل الحرص على سوريا وشعبها؛ يكمن في دعم هذه الخطوات والمحاولات التي تريد البحث عن سبل الحفاظ على سوريا وشعبها؛ فإن إثارة الأزمات تحت ستار العشائر العريقة التي لها باع طويل في مقارعة داعش بعد أن تركهم النظام فريسة لها؛ ما هي إلا محاولة دنيئة لتحقيق مكاسب وأجندات خاصة على حساب المنطقة وأهلها.
التعويل هو دوماً على الوعي والعقلانية التي تتميز به العشائر العربية الأصيلة لتجاوز هكذا مخططات هدفها الفتنة، حيث الدماء التي امتزجت على تراب دير الزور من مختلف مناطق شمال وشرق سوريا من أجل تحريرها من داعش وأعوانها؛ لن تنساها العشائر العربية الأصيلة التي ستتصدى كما تصدت على الدوام لمحاولات الفتنة والصراع. بهذه الإرادة وبالتمسك بمشروع الأمة الديمقراطية نؤكد بأننا معاً سنتجاوز كل محاولات الأطراف التي لا تريد أن نعيش معاً لنكون أقوياء ونكون أصحاب إرادتنا ومستقلين في قرارنا.