في ظل الاحتلال التركيّ… عفرين بؤرةُ لإنتاجِ المخدّراتِ

رامان آزاد-

---

حوّلَ الاحتلالُ التركيّ منطقة عفرين إلى جزيرةٍ معزولة عن العالم وخارج كلّ القوانين، ووفر البيئة لتداول كلِّ أنواع الممنوعات لتكون مرتعاً لتصنيع والاتجار بالمخدرات وتمريرها إلى الخارج، وبذلك يستكملُ الاحتلالُ تدمير المنطقةِ باستهدافِ الصحّةِ العامّةِ والعقولِ ونشر الإدمان على المخدرات. ويعتبرُ إنتاجُ وترويجُ المواد المخدّرة، أحد أشكالِ الجريمةِ المنظّمةِ، ولا ينفصلُ عن سياقِ ممارسةِ الإرهابِ.

 ضبط شحنة مخدّرات بميناء إسكندرون مصدرها عفرين

في 17/5/2021 ذكرت مواقع تركيّة أنَّ كميةً تتجاوز طناً من الموادِ المخدّرةِ ضُبطت في ميناء ليماكبورت Limakport ــ إسكندرون، وتفيدُ المعلوماتُ أنّها كانت قادمة من ناحية شيه/شيخ الحديد في عفرين المحتلة، لتعبرَ الأراضي التركيّة بطريق الترانزيت، وفيما أعلنت السلطاتُ التركيّة مصادرةَ البضاعة، فقد تحفظت على مصدرها.

وأعلن وزير التجارة التركيّ محمد موش أنّ فرق الجمارك التابعة لوزارته ضبطت أكبر كميةٍ من المخدّرات “كبتاغون”.

وذكر موش أن عناصر مديرية الحماية الجمركية والتهريب والمخابرات في هاتاي/إسكندرون أجروا عملية بحث عن المادةِ المعلنة وأنها كانت “حجر بناء” مكونة من 17 حاوية تم تحميلها في ميناء إسكندرون قبل فترة لنقلها إلى دولة الإمارات العربيّة المتحدة، وقال موش: “أثناء البحث، تم ضبط 1072,6 كغ من حبوب المخدّرات من نوع كبتاغون في 11 حاوية، وتعادل القيمة السوقيّة التقريبيّة للمادة المضبوطة 313 مليون ليرة تركيّة.

وتم تداول معلومات تفيد بأن السلطات التركيّة نفذت مداهمات على خلفية ضبط كمية المخدرات طالت أشخاصاً محسوبين على مرتزقة “العمشات” في مدن الريحانيّة والعثمانيّة، وأنّ مصدر الشحنة المدعو “محمد أنس” مقرّبٌ من المدعو “محمد جاسم/ أبو عمشة”.

والجدير ذكره أنّ عملية المصادرة جاءت بالتزامن مع أزمةٍ في تركيا فجّرها رجلُ المافيا سادات بكر، على خلفيّةِ حملة المداهماتِ واعتقال رجاله في 9/4/2021، واتهم بكر عبر فيديوهات مصوّرة رجالَ السياسةِ من الصفِ الأول بالفساد والتهريب والاتجار بالمخدرات، ومنهم نجلُ وزير الداخلية سليمان صويلو والبرلماني تولغا آغار نجل رئيس ما يسمّى الدولة العميقة ووزير الداخلية السابق محمد آغار، ووعد بالكشف عن مزيدٍ من الشخصياتِ.

 إنتاج الحبوب المخدرة في عفرين

في ظل الاحتلال التركي لإقليم عفرين تحوّلت المنطقة إلى بؤرةٍ لنشاط عمليات تصنيع وتهريب حبوب كبتاغون وزراعة الحشيش المخدر.

في 8/4/2021 أفادت مصادر محلية من عفرين بأنه تم ضبط أكثر من 100 ألف حبة مخدّرة مُعدّة للتهريب، ضمن كبسولات دوائيّة ووضعت داخل عبوات لنقل الزيتِ، بغايةِ تمويهِ الشحنةِ وإخفائها.

ونشرت عفرين بوست في 8/7/2020 أنّ ثلاثة مستوطنين من حي السكري بحلب (أم واثنين من أبنائها) افتتحوا منذ عدة أشهر معملاً لصناعةِ الحبوب المخدّرة مثل (كبتاغون وترامادول وبالتان ومعجون) إضافة لحشيش “التتن”. والمعمل ظاهرٌ للعيان ويقع ما بين قريتي معرسكة وقطمة بناحية شرا/شران، في بستان كمال عزت، الذي احتله هؤلاء المستوطنون، ويبيع المعمل الحبوب للصيدليات بالمنطقة وكذلك للمرتزقة ومتزعميهم.

وتداولت مواقع إخبارية في 6/4/2021 أنّ شحنة كبيرة من ملايين الحبوب المخدرة المعدة للتصدير ضبطتها مرتزقة الشرطة العسكرية، وقد تم كبسها في جبال ناحية بلبله بريف عفرين، وأضافت، أنّه سبق وأن أرسلت شحنات من هذه الحبوب إلى الأراضي التركيّة، ومنها تنطلق إلى العديد من الدول الأوروبية والعربية وعلى رأسها السعودية.

وأفاد مصدر بأنّ شخصاً يُدعى أبو يزن الحمصيّ يبيع الحبوب لمسلحي المرتزقة في ناحية شرا/شران، وفي قيباريه، تشير المعلومات إلى امتلاك المدعو “عبد الناصر شمير” معملاً (مكبس) لصناعة الحبوب المخدرة (كبتاغون) في مقر سريّ في القرية.

اقتتالٌ سببه المخدرات

حوادث عديدة وقعت واستخدم فيها السلاح بين مسلحي المرتزقة بسبب خلافات على تقاسم المكاسب التي تدرها المخدرات عليهم.

مساء السبت 9/5/2021 ألقى المرتزق خلدون توفيق من مرتزقة “ملكشاه” التابعة للاحتلال التركيّ، قنبلة داخل مقر المدعو “عرابة إدريس” متزعم المرتزقة في ناحية شرا، ما أدى لمقتل مسلحين وإصابة آخرين، فقد اختلف المسلحون بعد جلسة لتعاطي المخدرات فتطور الأمر إلى تبادل إطلاق النار، ليلقي المدعو “خلدون” قنبلة يدوية داخل المقر.

في 30/3/2021 رفض مسلحون تابعون لمرتزقة السلطان مراد الوقوف على حاجز لمرتزقة الشرطة العسكرية بسبب وجود كمية من المخدرات في السيارات ما أدى لاندلاع اشتباكات مسلحة بين الطرفين.

في 27/3/2021 اندلعت اشتباكات عنيفة في قرية باسوطة بين مرتزقة “الحمزة” ومرتزقة الوحدات الخاصة” التي يتزعمها المدعو “عبد الله حلاوة” والمنشقّة حديثاً عن مرتزقة “الحمزة”، لتنضم إلى مرتزقة “فيلق الشام”، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين، وكان سبب الاشتباكات التنافس على طريق تهريب المخدرات الذي يبدأ من بلدتي نبل والزهراء وحتى الحدود التركيّة.

وفي 8/4/2020 وقعت اشتباكات بين مرتزقة “الجبهة الشامية” ومرتزقة “أحرار الشام” على خلفية خلاف على صفقة بيع حشيش والمخدرات بين العناصر، بحسب أوساط المرتزقة.

وفي 18/1/2021 أقدم عنصر من مرتزقة الحمزات يدعى علاء عساني على قتل زوجته تحت تأثير المخدرات في قرية قبر المقري بريف الباب، وتتكرر مثل هذه الحالات كثيراً في المناطق التي يسيطر مرتزقة الاحتلال التركيّ بسبب عدم وجود محاسبة أو قانون يمنع ترويج لتجارة المخدرات.

شهادة المرصد السوريّ

نشر المرصد السوريّ لحقوق الإنسان في مطلع تشرين الثاني 2018 تفاصيل من مصادر موثوقة، حول عملية إدخال وتهريب الحبوب المخدّرة والمواد الممنوعة إلى المناطق التي تحتلها تركيا شمال سوريا، حيث تشهد رواجاً للمواد المخدّرة ومادة “الحشيش” وأكدت مصادر المرصد، أنَّ عملية بيع المخدرات والترويج لها، تجري باستخدام سيارات طبيّة كالهلال الأحمر، ومن المواد التي يروج لها: كبتاغون والترامادول والزولام وهيكزول (2 – 5).

 ونقل المرصد عن مصادره أنَّ تسعَ سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر قادمة إلى منطقة إدلب عبر معبر قلعة المضيق، وصلت، مدينة الباب بعد مرورها بمناطق إدلب وعفرين وإعزاز، وجرى إفراغ 7 منها من بعض الأدوية، فيما مُنعَ فتحُ السيارتين المتبقيتين، بحجّةِ أنَّ حمولتها من الأدويةِ ستُنقل لمنطقةِ الراعي الحدوديّة.

في 27/2/2021 ذكر المرصد السوريّ لحقوق الإنسان أنّ مرتزقة الاحتلال التركيّ ومنها “أحرار الشام والسلطان مراد وأحرار الشرقية والجبهة الشامية” تزرع “الحشيش” على نطاق واسع بريف عفرين، وبخاصةٍ في قرى ميدان إكبس، وخرابي سلوك وسوركه بناحية راجو.

وتفيد المعلومات أيضاً بأنّ الحشيش يُزرعُ في قرية كفر مزة التابعة لناحية شرا/ شران وبالضبط في منزل المدعو إسماعيل اللهيبي.

المخدراتُ ظاهرةُ تعاطٍ واتجارٍ

وكتبت إليزابيث تسوركوف في “النيويورك ريفيو أوف بوكس” يقوم مقاتلون في الثّالثة عشرة من عمرهم، كما يبدو، بتحذير النّساء من أجل ارتداء ملابس مناسبة، لكن في الوقت نفسه، يتعاطى هؤلاء المخدّرات ويقومون بأشياء محظورة (دينيّاً).

وتابعت تسوركوف: “عندما يُطرحُ السؤال بشأن الهتافات ومقاطع الفيديو الجهاديّة، يدّعي المقاتلون (وأشخاص من مجتمعاتهم المحلّيّة) في كثير من الأحيان أنّهم ببساطة يقدّمون عرضاً ويتظاهرون بأنّهم محاربون مقدّسون، بينما هم في الواقع يشربون الخمر ويدّخنون ويتعاطون المخدرات”.

المرتزقة يروّجون للمخدرات

تجارة وتعاطي المخدرات رائجة بشكل كبير في المناطق التي تحتلها تركيا والمرتزقة الإخوانية التابعة له، ويتم تسهيل دخول المخدرات والاتجار بها من قِبل متزعمي المرتزقة دون وجود رقابة أو ردع انتشار المخدرات بالمنطقة.

 مرتزقة السلطان مراد

استولت مرتزقة السلطان مراد على أراضٍ زراعيّة هُجّر أصحابها قسراً بسبب الحرب، وتتوزع في قرى منطقة الباب بين مدينة كري سبي وسري كانيه المحتلتين، وقامت بزراعة “حشيش القنب” فيها.

في 14/1/2021 اعتقلت الاستخبارات التركيّة “مصطفى عيسى” ابن شقيق المدعو “فيهم عيسى” متزعم مرتزقة “السلطان مُراد” بمنطقة حوار كلس قرب الحدود السورية – التركيّة بريف حلب الشماليّ، وضُبطت بحوزته 4 كيلو غرامات من المواد المخدّرة.

وكانت مرتزقة “السلطان مراد” قد ضبطت مطلع حزيران 2017، أراضٍ مزروعة بالحشيش من نوع “القنب” في قرية الجطل التابعة إداريّاً لمدينة منبج، بمساحة دونم واحد زرعها نازحٌ بالمنطقة، ولكن المرتزقة استولت على الأرض واستثمرت إنتاجها من القنب بدل إتلافه.

 مرتزقة المعتصم

في إقليم عفرين تفيد معلومات متداولة بين المرتزقة نفسها أن المدعو “معتصم عباس”، متزعم مرتزقة “المعتصم بالله”، أنشأ مزرعة للغزلان ويعمل بتجارة المخدرات والحبوب المنشّطةِ في مناطق سيطرة القوات التركيّة بريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب.

 مرتزقة الحمزات واستدراج الأطفال

في 16/1/2021 ذكرت عفرين بوست أنَّ عناصر من مرتزقة “الحمزات” في مدينة عفرين وبلدة باسوطة يستدرجون أطفالاً أعمارهم بحدود 10 – 11 سنة، للإيقاع بهم في شرك الإدمان، والمفارقة أنّ الأماكن التي يتم تعاطي المخدرات فيها، مقرا الأسايش سابقاً في مدينة عفرين وفي بلدة باسوطة، والتي كانت مراكز ضبط الأمن والاستقرار سابقاً.

وعُرف من المسلحين الذين يستدرجون الأطفال: أبو رياح وأبو حسن وأبو فاضل، وهم من يروّجون ويبيعون الحبوب المخدرة لصيدليات افتتحها المستوطنون في عفرين.

 مرتزقة أحرار الشرقية

ذكرت منظمة حقوق الإنسان ــ عفرين في 15/1/2021 نقلاً عن مصادر إعلامية أنّ عمليات تهريب المخدّرات والحشيش وغيرها، مستمرة من قبل مرتزقة أحرار الشرقيّة التابعة للاحتلال التركيّ، ويعتبر المدعو “حاتم أبو شقرا” متزعم مرتزقة أحرار الشرقيّة العقل المدبّر الذي يدير عمليات تهريب وإدخال المخدرات والعبوات الناسفة والمتفجرات من معبر التفاحة الحدوديّ بين سوريا وتركيا، ويساعده شقيقه المدعو “أبو الوليد شقرا”.

 مرتزقة الجبهة الشامية

من المرتزقة التي تُعرف أيضاً بنشاط مسلحيها في الاتجار بالمخدّرات وتداولها، مرتزقة الجبهة الشامية التي تتخذ من قرية كفرجنة مقراً لأحد أهم سجونها، وتوجدُ ضمن السجن مستودعات المخدرات والهيروين والكوكائين، تقوم بالاتجار بها، ومن المعلومات المتداولة أنّ الاستخبارات التركيّة تتقاسم مكاسب هذه التجارة.

معبر السلامة في مدينة إعزاز أحد أهم قنوات مرور المواد المخدّرة، ويعملُ فيه مرتزقة “الجبهة الشامية”، ويُعرف منهم عبدالله دربالة الذي يقوم بعمليات تهريب البشر والمخدرات من المعبر بالتعاون مع هشام دربالة وهيثم عموري وصالح عموري ومدوش شيخو، وفي 31/3/2020 اُعتقل ماجد سجو وبحوزته 35 كيلو حشيش وأخلي سبيله بعد ساعتين.

يُذكر أنَّ المدعو أبو علي سجو مسؤول سجن المعصرة في إعزاز التابع لمرتزقة “الجبهة الشاميّة” كان مسجوناً قبل الأزمة السوريّة بتهمة الاتجار بالمخدّرات، وكان يهرّب المخدرات والدخان إلى تركيا، وله علاقة متينة مع والي غازي عينتاب والاستخبارات التركيّة، كما أنّه كان عميلاً مزدوجاً، وعمل في تهريب المخدرات والبشر عبر بوابة السلامة، وقد تمَّ تداول إقدام المدعو محمد جاسم متزعم مرتزقة سليمان شاه/ العمشات على ضرب أحد الأشخاص بقسوة بالغة تحت تأثير تناول المخدّرات.

السعودية تضبط شحنات مخدرات مصدرها تركيا

في 28/3/2021 ضبط السلطات السعودية طرود فراء مشحونة من ميناء إسكندرون بتركيا، تحوي على أكثر من 1.3 مليون حبة كبتاغون المخدرة، وألقي القبض على شبكة اتجار على أراضيها من ضمنهم سوريين.

وكانت السعودية قد أحبطت في 2/4/2020 شهر آذار محاولتي تهريب كمية من حبوب كبتاغون، تجاوز عددها 2.5 مليون حبة، تم إرسالها عبر ألواح الأسقف المستعارة، وفي 16/12/2020 أعلنت السلطات السعودية إحباط محاولة تهريب شحنة شملت أكثر من 8 ملايين و700 ألف حبة كبتاغون في ميناء جدة، كانت قادمة من تركيا.

يُذكر أنّه في عهد “الإدارة الذاتية” كانت منطقة عفرين محصنّة من آفات المخدرات، واُتخذت إجراءات أمنيّة دقيقة على المعابر لمنع دخول المواد المخدرة إلى المنطقة، وتم تشكيل شعبة مكافحة الجريمة المنظمة، التي عملت على ضبط المواد المنوعة من أسلحة وذخائر ومخدرات.