كثيراً ما نسمع في الجلسات الحوارية والأحاديث الجانبية من فئات المجتمع، وعلى وجه الخصوص في الأوساط الأسرية والعائلية، عباراتٍ وجملاً حول ما يخص بيت زوجها، ولا بدّ لها أن تتزوج ويجب أن تُستَر، لأنّ الفتاة ضعيفة وبحاجةٍ لسندٍ وموصٍ عليها، بحاجةٍ لرجلٍ يكون إلى جانبها ويحميها، متجاهلين بذلك خصوصياتها وكيانها وكل ما من شأنه الارتقاء بها إلى عالم العلم والمعرفة أي أنه قبل الحديث عن الزواج أمامها العديد من المهام الحياتية الأخرى، التي يتطلب القيام بها.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة، لماذا مصير الفتاة متعلّق بمصير الرجل؟ ولماذا يعدُّ الزواج الوسيلة الوحيدة لعيش المرأة بأمان على حد وصفهم، ولكن في مجتمعاتنا؟ ألا تستطيع المرأة أو الفتاة العيش من دون الزواج؟ أو من رجل يقف معها لا عليها؟ كل هذه المعتقدات والأقاويل والنظريات القاصرة والخاطئة في معظم الأوقات بحق الفتيات، تحوّلت مع مرور الوقت في المجتمع الشرق الأوسطي إلى مفاهيم، ومقاييس تفرض على المرأة عنوةً، وهي من تحدد مصيرها المتعلّق بمصير الرجل.
نعم في مجتمعنا الشرق الأوسطي، الجميع يعلم أن الفتاة وهي طفلة صغيرة في المهد تتربّى وتنشأ على هذا الأساس وفق مفاهيم وأفكار معاقة، وأنها ستكون من نصيب ابن عمها، أو ابن خالها أو أي رجل يتقدم لها، وأنها مهما عملت أو فعلت سيكون مكانها بيت زوجها. أي أن حدود تفكيرها في المستقبل لا يتجاوز حدود بيتها الزوجي ورعاية وتربية الأطفال.
الموضوع الذي لا يستطيع المرء استيعابه وتلقينه المعنى الحقيقي، هو أنه لماذا الكل يتصور أن زواج الفتاة من الرجل هو سنة حياة؟ وربما التفكير بعكس ذلك يكون من المستحيل في وقتنا الحالي، وهو حقيقةً نتيجة العادات والتقاليد الموجودة في المجتمع، بعد أن بات بمثابة الأمر الذي لا مفر منه بالنسبة للفتاة.
ولكن إلى متى سيستمر بنا الحال على هذه الصورة النمطية، التي ترسخت عن المرأة عبر سنوات طويلة، ومن الممكن أن تطول أكثر وأكثر ما لم يتم الوقوف في وجهها وفي وجه النظريات التي وجدت خصيصاً لهذا الشيء، والتأكيد على أن المرأة تستطيع العيش بشتى الطرق والأساليب التي هي تريدها، وبأنها تستطيع أيضاً العيش من دون أن تتزوج وتقود حياتها كما تريد، لا كما يتم الإعداد والتجهيز له وهي ما تزال طفلة لم تذق طعم الحياة.
نعم هو ذا حال غالبية نساء مجتمعنا إلا من رحم ربي؛ لذلك ينبغي على جميع النساء كسر هذه الصورة النمطية عن المرأة، والتي ترسخت في المجتمع ومواجهتها من خلال الأساليب التوعوية الحديثة، إضافةً إلى بذل الجهود وطرح أفكار وأطروحات جديدة بهذا الخصوص والعمل على تغيير الأفكار والمفاهيم، التي تستعبد حرية المرأة وتغتصب حقوقها، وبالتالي كيانها الحر ومستقبلها وخصوصياتها، وذلك إنما يكون عبر تطوير ورشات عمل من شأنها الخروج بالمرأة إلى واقعٍ جديدٍ يمكنها من التعبير عن إرادتها واختيار قرارها وكل ما يخص حياتها.