سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عن الموت و”القوالة” و”الندبيات”

أحمد ديبو_

عندما مات ابن عمتي، وكان ضابطاً في الجيش، كانت عمتي تندب سيارته، قائلةً: إنها لن تمرّ بعد اليوم من أمام بيتها، كانت تقول عن السيارة بأنها تشبه العروس في بياضها، وإنها كالفرس في ركضها، وإن مراياها سحرية، حكت عمتي عن السيارة أكثر مما حكت عن ابنها، حكت عن بزّته العسكرية، وعن النسر والنجمتين على كتفيه. عمتي روت عن أشيائه دون أن تروي عنه، لم تشأ عمتي الحديث عن عينيه، أو قامته، أو شعر صدره، أو لم تجرؤ، كانت تخاف الحديث عن موته، كانت تناور الحقيقة المرّة (موته) بالحديث عن موت أشيائه.
لكن عمتي عادت، وتحدثت عن موته، ونعته بالجبان: إن الذي أذهل هذه المرأة الثكلى، وجعلها تحقد على الموت، أن ابنها خاض معارك كثيرة، وعندما أخذ “إجازة” لثلاثة أيام؛ كي يقضيها مع زوجته وأولاده، انقلبت سيارة الأجرة فيهم، فمات.
قالت عمتي، وهي تندب بصوت مبحوح: “إن الموت لا يواجِه كالفرسان، بل يطعن في الظهر…”، عمتي حاولت طوال أسابيع، أن تثبت للناس، أن الموت جبان، والناس ينهونها عن ذلك، ويقولون لها: إنه حقّ، وإن ما تقوله كفر وتجديف.
كانوا يقولون لها: أنت امرأة مؤمنة، وكانوا يقولون: اصبري، وكانوا يقولون: ما تقولينه حرام، وعمتي لم تكن تسمعهم.
المرعب أن عمتي، لم تكن تسمع لأنها كانت مشغولة بالرؤية: كانت ترى الموت يأتي ولدها من خلف ظهره، ويطعنه، كانت تراه يتقدم رويداً رويداً، وفي يده خنجر معقوف.
عمتي قالت: إن لسانها شُلَّ في تلك اللحظة، وقالت: إنها أرادت الصراخ؛ لينتبه ولدها، وقالت إنها السبب، لكن أحداً لم يصدّق ذلك، قالوا: جُنّت.
للمراثي، التي ترتجلها الأمهات في مدينتنا، عيون كالتي نشاهدها تسيل وتلمع في بكائها: مراثي الأمهات، ليست تلك التي تُكتب أو تُنقّح، وليست أيضاً تُرتجل، لكنها المراثي، التي تسيل، وتحفر.
أذكر أن إحدى الأمهات كانت تلوم السماء؛ لأنها أمطرت أثناء أجر (عزاء) ابنها، قائلة كما لو أنه الشعر: “ياحيف ع هاي السما تشتي بعد موتك”، فردت عليها أخرى بالقول: إن السماء تبكي معها.
صوت ندب النسوة يصدح كلّ صباح من “الجبانة”، حيث يذهب أهل الفقيد لزيارته، حيث يجتمعون حول قبره، ويندبون على شكل “غناء” له، هكذا يعود الميت طفلاً صغيراً يُغنى له حتى ينام.
وأحياناً ينتقلون للغناء له كأنّه عريس، وكم زغردن عند تشييعه، من منزله محمولاً إلى “الجبانة”: يشيّع في موروث مدينتنا الشعبي، أن الذي يُرى عريساً في المنام، سيموت عمّا قريب: بهذا تحقق النسوة المنتحبات رؤاهن، ومناماتهن حين يجعلون من الميت عريساً، من دون أن يصير الموت عرساً.
بركة من عجائز يبكين… بعضهن لا يعرفن الفقيد جيداً، أو حتى لا يحملن محبة له، ولكنهنّ يبكين، احتراماً للطقس ربما، وغالباً ما تكون دموعهن على غير، الذي يتمدد أمامهن، ربما يبكين أخاً غرق في البحر، أو زوجاً مات في الغربة، أو في الحرب الدائرة علينا، أو أباً قضى في حادث.
المهم أنهن يبكين، المهم أن الواحدة منهن لن تترك للأخرى فضيلة “البكاء” أكثر منها.
موت أي إنسان هناك هي مناسبة لاستعادة أمواتنا من الذاكرة، لعودتهم أحياء، وإن لساعات، نبكيهم كما لو أنهم يموتون الآن، كما لو أنهم يموتون أمامنا دون أن تطالهم أيدينا، كما لو أنهم يموتون غداً.
“القوالة”، هي المرأة (غالباً ما تكون عجوزاً) التي تُنشد “الندبيات”؛ لتردد النسوة من خلفها نائحات.
في هذه “الندبيات”، التي تشبه كثيراً في طقوسها الفجائعية مجالس عاشوراء، تجلس “القوّالة” وسط هذا البحر الشاسع من السواد، حيث لا حقّ سوى للون الأسود في الحضور، أمّا البياض فهو لغطاء الرأس فقط.
لا يوضع الطعام للمعزين في “المبرات” أو في “بيوت الشعر” في مدينتنا، فالأكل في الموت، يعني أن تشارك الموت المائدة، ويعني أنك تستفزه، ويعني أنك تقامر حين تقايض الدمع بالطعام.
ألّا تأكل في الموت، يعني أنك تحترم حضوره، ويعني أنك تداريه، ويعني أنك تحمده على كل شيء: شائعٌ في شرقنا، ألّا يأكل الأولاد قبل أبوهم، بل ألّا يأكلوا في حضرته أبداً.
الموت هو ذلك الأب، الذي علينا احترامه، فلا نأكل حتى يفرغ من طعامه، ولا نمدّ أيدينا إلى المائدة قبل أن يقوم عنها.
لم يكن الموت هيّناً درجة تركه بلا مفاتيح، لم يكن موتاً حتى يحرمنا انتظار من يرحلون، فالانتظار سيرافقنا إلى الجنة حيث اللقاء الأبدي.

kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle