شنكال.. جرح غائر لا يندمل

 هيفيدار خالد-

رغم مرور سبعة أعوام على أبشع مجزرة ارتكبها داعش الإرهابي بحق الإيزيديين في شنكال بالعراق، والتي تعد من أشنع الإبادات التي شهدتها الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، إلا أنه ما زالت مأساة ومعاناة الإيزيديين مستمرة بانتظار تحقيق العدالة لقضيتهم.

ما زالت تلك الصور ومشاهد الفيديو التي جسَّدت وبقوّةٍ حجمَ المعاناة التي تعرَّض لها الإيزيديون محفورةً في ذاكرتي لم تفارق ذهني لحظة واحدة.

في عدسة الصور التي التقطها مصورون صحفيون كانوا يرافقون النساء والأطفال قسوة كارثتهم في رحلة البحث عن الحياة هرباً من الموت وفراراً من غزاة غزوا وطنهم الأم وخطفوا نساءَهم وقتلوا أطفالهم وأبعدوهم عن ديارهم وأحرقوا منازلهم وممتلكاتهم، تظهر حجم الكارثة التي عاشها الإيزيديون في القرن الحادي والعشرين وأمام أنظار جميع العالم.

في عدسة الصورة نساء ثكلى وأطفال جياع حفاة الأقدام يسيرون ببط، أهلكهم التعب وحرارة شهر آب الحارق، نشفت أفواههم وقرحت أجفانهم من البكاء والتعب وعناء الطريق وصعوبته، بعد أن قطعوا مسافة كبيرة سيراً على الأقدام في وادٍ طويل يمتد من شنكال إلى روج آفا، إلا أن وصولهم ذاك لم يكن أمراً سهلاً أيضاً فقد كلّف بعض النساء والأطفال حياتهم الفتية، في مسيرة البحث عن حياة آمنة في مكان آخر.

لم تنتهِ المأساة بوصولهم إلى روج آفا، بل تفاقمت واشتدت المأساة أكثر، فقد ارتكب داعش الإرهابي مجازر بحق من تبقى من سكان شنكال الذين لم يتمكّنوا من الخلاص من الانتهاكات المروعة بحقهم، فقد تعرضت النساء للعنف والاضطهاد والسبي.

عانت النساء الإيزيديات لشتى أنواع الظلم وتعرضن للاغتصاب حتى أن بعضهن فضل الانتحار على البقاء في قبضة هذا التنظيم الإرهابي لما عانينه من ممارسات بحقهن على أيدي أمراء داعش.

داعش الإرهابي الذي ليس له أي علاقة بالثقافة الإنسانية والأخلاق المجتمعية ولا حتى كافة الأديان السماوية، دمر عشرات المزارات والمراقد الدينية العائدة للإيزيديين والرموز التي تمثلهم، كما تسبب حصار فرضه داعش على إيزيديين لجؤوا إلى جبل شنكال لأيّام، بفقدان عدد من كبار السن والأطفال لحياتهم جرّاء الحر والعطش اللذين تعرّضوا لهما أثناء الهجوم، قبل أن تفك وحدات حماية الشعب ذلك الحصار عنهم وتجلي الكثيرين منهم إلى مناطق في روج آفا.

رغم مرور سبعة أعوام على أبشع مجزرة ارتكبها متطرفو داعش بحق الإيزيديين في شنكال إلا أن جرح شنكال الغائر لم يندمل بعد، ينتظر الإنصاف.

نعم إنهاءُ معاناة الإيزيديين والنساء الإيزيديات يمر من العمل الدؤوب على تحريرهن من الرق والعبودية، وإنهاء عذاباتهن في أسواق النخاسة، وبيعهن كسبايا. حتى يومنا هذا ما تزال هناك العشرات من النساء والأطفال الذين لم يُكشف بعد عن مصيرهم، الأمر الذي بقي مصدر ألم وعذاب لذويهم في الوطن والشتات.