شمعة أضاءت كوباني

بيريفان خليل –

أحبت الحياة فلم تركع لما يسودها من مذلة، وسارت بمنوالها نحو طريق تتخلص فيه من العبودية. فتاة في ربيع عمرها فاقت من صمتها فحملت بقلبها قوة وبعقلها الإرادة وصرخت صرخة الحرية بمناداتها.

لم تجذبها ملذات الحياة فلم ترضخ لها ولم تستلم لما يقال بأنه النصيب أو القدر ومشت في درب جديد تبحث فيها عن ذاتها وتكوَن شخصية مستقلة لنفسها؛ شخصية تعبر عنها كامرأة حرة تحب الحياة.

ولأنها أحبت الحياة ناضلت وقاومت أنها شعلة مقاومة كوباني آرين ميركان، كوباني التي لقبت بقلعة الصمود هذه القلعة التي صمدت أبنائها من شيوخ وشباب وشابات وأطفال في وجه أعتى الأعداء، حملوا رايات النصر في أيديهم لأنهم كانوا يدركون مدى قوة إرادتهم وكيف لهم بالنصر المحتوم.

وقفت الفتاة مع والداتها والشاب مع والده يتحدون الصعاب ويتصدون ضربات المرتزقة، استمرت تلك المقاومة أياماً كثيرة حتى روت أرض كوباني بدماء أبنائها، آرين ميركان هذا الاسم الذي ثبت في التاريخ بأنها الأسطورة والأيقونة والشعلة التي أنيرت درب الكثيرات، فأضاءت ما حل بكوباني من سواد أعتم عليهم المرتزقة، آرين ميركان قررت أن تفدي بنفسها من أجل الحرية لبلدها وحقاً فعلت ذلك.

آرين وكما قلنا آنفاً كانت تحب الحياة وترغب العيش فيها بحرية وسلام ولأنها وجدت بأن المرتزقة يحاولون سلب السلام من المنطقة ليسود بدلاً منها السلطة والديكتاتورية سارعت آرين إلى تغيير الموازين بتقديم روحها فداءً لوطنها وشعبها.

قامت آرين بعملية فدائية ضد أشرس الأعداء وأكثرهم عدوانية للإنسانية وقد عملت ما كانت تقوله دوماً “أريد أن أفعل شيئاً لم يفعله أحد غيري”. ففي الخامس من تشرين الأول من عام 2014 لقبت آرين بالأسطورة وغيرها من الأسماء وصار اسمها يتردد في المحافل الدولية: آرين البطلة، آرين الفدائية، أرين المقاومة، آرين الأسطورة……

صار اسمها تكتب في كل مقالة أو موضوع يحكى عن النضال والمقاومة وصورتها ظهرت في كل الصحف وباتت ترمز بعمليتها هذه كرمز للتضحية والفداء.

بدلاً من آرين واحدة ولدت العشرات لا بل المئات مثلها ممن تسلحن بإرادتها وسرن على دربها، آرين العفرينية الأصل وقفت إلى جانب أختها الكوبانية وخلصتها من العبودية والذل وبرهنت أن المرأة لا ترض بالذل والاستسلام.

هنا يأتي دور الكوبانيات فاليوم ولدى رؤيتنا عفرين وسماعنا صرخاتها وهي تنادي بالحرية، على المرأة الكوبانية الوقوف إلى جانب أختها العفرينية والصمود في وجه دولة الاحتلال التركي لتحقيق النصر بتكاتفهن ووحدتنهم.

ليست آرين فقط بل كانت هناك ريفانا أيضاً وما فعلته المثيلات من أفيستا خابور وبارين وغيرهن ممن سجلن أسمائهن في التاريخ، فمادام هناك نساء مثيلات مثلهن علينا ألا نخاف على عفرين ولا على أي بلد آخر من موطننا لأن إرادة المرأة لا تلين البت وهي لا تستسلم أبداً ففي كل خطوة نحو الحرية تزداد قوة.