سياسة تخريب ممنهجة وهدّامة في دير الزور.. والإدارة الذاتية تعيد الحياة إليها مجدداً

الرقة/ حسين علي ـ

سياسة التخريب هي نتاج الحرب الخاصة، التي تديرها أطراف خارجية وتدعمها؛ ما ينعكس سلباً على الأمن والسلم الأهليين، اللذين يقوضان طبيعة المجتمع في التآلف والقوة، ويزيدان التفكك ونشر الجريمة بين فئات الشعب المختلفة بريف دير الزور، ومحاولة من تلك الأطراف المعادية الخارجية إضعاف وعرقلة مشروع الإدارة الذاتية في إرساء الأمن، وضرب البنية التحتية الحيوية للمنطقة.

تعد منطقة ريف دير الزور من المناطق الغنية بالثروات الباطنية، والمحاصيل الزراعية، فهي عرضة للاستهداف، ولاستغلال القاطنين فيها، بغية تنفيذ مشاريع خارجية معادية لأمن واستقرار المنطقة، وتعد أعمال التخريب بريف دير الزور الشرقي في “الشحيل، وحوايج ذيبان، وحطلة”، وما يجاورها من أكثر القرى، التي تعرضت لأعمال التخريب الممنهجة، والتي تستهدف المدنيين والبنى التحتية الحيوية؛ ما سبب بآثار سلبية جسيمة على الحياة اليومية للسكان، ومستقبل المنطقة.

الأعمال التخريبية

 وعن ذلك تحدث لصحيفتنا “روناهي”، رئيس مجلس حزب سوريا المستقبل في دير الزور “ثامر الشمري“، عن هدف تلك الأعمال التخريبية: “صاحب الأحداث الممنهجة، التي جرت في دير الزور مؤخراً، والتي تهدف إلى محاولة ضرب مشروع الأمة الديمقراطية بالعمق، وزعزعة التماسك المجتمعي عبر سلسلة من العمليات التخريبية للمواقع الخدمية، مثل مقرات البلديات، ومحطات المياه، التي تخدم الصالح العام، وأهالي ريف دير الزور الشرقي”.

وأضاف: “وهذه الأعمال تؤكد العداء الدفين والواضح لأطراف غير راغبة بمشروع الإدارة الذاتية، وتدمير المكتسبات، التي حققتها الإدارة الذاتية”.

وفيما يخص أهالي دير الزور اختتم رئيس مجلس حزب سوريا المستقبل بدير الزور “ثامر الشهري”: “نهيب بشعبنا أن يحافظ على المكتسبات، التي حققناها بدماء شهدائنا، لأن ما يذهب من هذه المكتسبات لن يعود بسهولة، وأملنا كبير في قدرة أهالي دير الزور للتصدي لكل التحديات، التي تُحاك ضد أمن واستقرار المنطقة”.

وفي السياق، كشفت لنا الرئيسة المشتركة للمجلس التشريعي في دير الزور “ضحى الصالح“: “التخريب عمل إجرامي، ولا ينعكس إلا على قاطني المنطقة، فسرقة الألواح الشمسية من على أسطح المنازل، والمحال التجارية في ذيبان، ونهب وتخريب محطات المياه في درنج، وذيبان، والحوايج، وسرقة المحال التجارية للأهالي، لا ينعكس إلا على أهالي المنطقة”.

وأكدت: “إن سياسة تخريب الممتلكات العامة والخاصة، ما هي إلا حرب ممنهجة لأطراف خارجية هدفها زرع الفتنة في النسيج المجتمعي، وعلينا، نحن أهالي المنطقة، أن نعلم مدى خطورة حرب الفتن، ومدى تأثيرها على أهلنا”.

النزاعات والفتن في دير الزور

وتعدُّ النزاعات المسلحة، والفتن المدعومة من أطراف إقليمية، ودولية من أبشع الحروب الخاصة، التي تستهدف المشروع الديمقراطي في شمال وشرق سوريا ، وما حصل في دير الزور من عمليات تخريب، وتدمير، وسرقة للمنشآت الحيوية والخدمية، إلا دليل على أن هذه الأعمال، لن تضرَّ إلا أهالي المناطق المنهوبة والمعرضة للسرقات، وإن تدمير، وحرق، وسرقة المدارس والمستوصفات، والمضخات، التي تخدم شعوب المنطقة، ما هي إلا وسائل إرهابية تهدف إلى تهجير أبناء السوريين، والهدف من هذا التخريب كله إفراغ الريف من سكان القرى؛ كي يتسنى للمجاميع المخربة نشر الإرهاب والقتل في تلك المناطق، وبهذا الصدد، أشار الرئيس المشترك للإدارة المدنية الديمقراطية في دير الزور “محمد الرجب“: “إن هذه الحرب انعكست سلباً على المنشآت الحيوية، والخدمية العامة والخاصة، بشكل ممنهج من قبل المجموعات المرتزقة، التي صدرها النظام ودولة الاحتلال التركي إلى مناطقنا، لتدمير المكتسبات، التي حققناها بدماء الشهداء”.

وتعدُّ هذه الاستهدافات، تقويض مكتسبات الإدارة الذاتية، التي ساهم في تشكيلها أهالي مناطق شمال وشرق سوريا، الذين قدموا 13 ألف شهيد، لتحرير هذه المناطق من إرهاب مرتزقة داعش، ما كان من الأنظمة السلطوية، حتى بدأت للترويج لفتنة عشائرية عبر دعم العملاء بالضخ الإعلامي والأسلحة، وتدمير المراكز، والنقاط، والمصادر، التي يعتمد عليها الأهالي في حياتهم اليومية، فأكد الرجب: “طالت عمليات التخريب والسرقة محطة مياه ذيبان، التي يشرب منها الآلاف من أهالي المنطقة، ومستوصف ذيبان، الذي يحتوي على أجهزة، ومعدات طبية تخدم أهالي تلك المناطق والآليات، التي تم سرقة بعضها، وحرق بعضها الآخر في بلديات الشعب في ذيبان، والشحيل وسرقة الأبواب والنوافذ، ناهيك عن عمليات السلب، والنهب لمقرات قوى الأمن الداخلي على امتداد مناطق التوتر والفتنة”.

كما وتعدُّ هذه السياسة من أخطر السياسات ضد أهالي المنطقة، فحماية هذه المنشآت، والمراكز كانت على عاتق الأجهزة الأمنية، التي يعد غالبيهم من أهالي تلك المناطق، ولكن سياسة الفتنة، لا تقف عند ذلك، وفقاً لرجب: “بدورنا في المجلس التنفيذي في دير الزور، شكلنا لجاناً لرصيد حجم الضرر، وتقييم العمليات التخريبية، وكلفتها التقديرية، وشرعنا بالتدخل الفوري في الأماكن التي حدثت فيها سرقات، ونهب، وتخريب، منها “ذيبان، والبصيرة، والجرذي، والشحيل” وقرى وبلدات أخرى، كما وعقدنا اجتماعاً مع برنامج (فرات)، الذي أبدى رغبته بمساعدتنا في عملية الإصلاح والترميم”.

ومن خلال العمل المستمر بمشاركة شيوخ، وعشائر دير الزور، وقوات سوريا الديمقراطية، فالعمل جارٍ على تأهيل، وترميم تلك المنشآت، وفق تنسيق واسع مع اللجان، وبلدية الشعب في دير الزور، وفقاً لرجب.

واختتم الرئيس المشترك للإدارة المدنية الديمقراطية في دير الزور “محمد الرجب”: “لقد رصدنا ما يقارب عشرة ملايين ونصف المليون دولار، للاستثمار وإعادة الإعمار لما تم تخريبه على يد المجموعات المرتزقة”.

ويشار، إلى أن إعادة الترميم، والإعمار يعدُّ جزءًا حيويًا من العملية اللازمة، لاستعادة الحياة الطبيعية، وإعادة بناء المجتمعات المتضررة، وتوفير الدعم اللازم للأشخاص المتضررين، وإعادة الأمل والاستقرار إلى المناطق المتضررة.

وفي هذا الشأن تظهر مجموعة من الإجراءات والسياسات، التي تتبعها الإدارة الذاتية، والمنظمات المعنية للتعامل مع التدمير، وإعادة إعمار المنشآت والبنى التحتية، لإعادة الحياة إلى المناطق المتضررة، وتوفير الظروف الأساسية للحياة اليومية للسكان، وهي ليست مجرد إعادة بناء المباني، والبنية التحتية فقط، بل هي جهود متعددة الأبعاد لاستعادة الأمل والحياة للمجتمعات المتضررة، فتحتاج هذه الجهود إلى التزام أهلي قوي، وتعاون مشترك من أجل النجاح وتحقيق التغيير الإيجابي في المناطق، التي تعاني من التخريب.

 فيجب على المجتمع الدولي، والجهات ذات العلاقة العمل بالتعاون معًا، لإعادة بناء وترميم ريف دير الزور، ودعم السكان المتضررين، والحفاظ على التراث الثقافي القيم للمنطقة، ويتطلب ذلك جهوداً شاملة للتعافي وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، لتمكين السكان من بناء مستقبل مستدام، ومزدهر ومن خلال مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية.