سورخين روجهلات… شعلة الحرية في درب النضال والمقاومة

كوباني/ سلافا أحمد –

---

سورخين روجهلات، تاريخ حافل بمقاومة ونضال ضد الطغاة والفاشية، وهي المناضلة، التي غيرت بكفاحها ملامح نضال ومقاومة المرأة في العالم، وسطرت بمقاومتها الباسلة ملامح جديدة لتاريخ المرأة الحرة.

أسماء زُين فيها تاريخ المرأة المناضلة، غيرن بنضالهن واقع المرأة الكردية، التي كانت مقيدة بسلاسل الذهنية الذكورية عبر الزمان، وهذا كان سبباً رئيساً لاغتيال الفاشية التركية لهنَّ، واليوم باتت لهن مكانة خاصة في قلب كل امرأة تواقة للحرية والنضال.

تواصل دولة الاحتلال التركي جرائمها، ومجازرها بحق نساء وأبناء إقليم شمال وشرق سوريا، وسط صمت دولي مخزٍ، يدعم عبرها المجتمع الدولي جرائم ومجازر تركيا الإرهابية، التي تقوم بها عبر مسيراتها ومرتزقتها، واستهدافها للمرأة المناضلة، والذي يأتي لثني عزيمة المرأة، والنيل من مقاومتها في ثورة المرأة الحرة.

وفي هجوم جبان وغاشم لدولة الاحتلال التركي الفاشي؛ استهدفت بمسيرات في الحادي عشر من شهر شباط الحالي، مقر فدراسيون جرحى الحرب في إقليم شمال وشرق سوريا بمدينة قامشلو، وراح جراء ذلك استشهاد القياديتين “سورخين روجهلات” و”آزادي ديرك”.

وهذا الاستهداف ليس الأول من نوعه، فتركيا المحتلة، دائما تستهدف النساء المناضلات في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، ولها تاريخ عريق في الجرائم والمجازر، التي ترتكبها بحق أبناء المنطقة، وخاصةً المرأة القيادية والريادية في المجتمع.

وتعدُّ هذه الاستهدافات الجبانة، استهدافات إرهابية، تحاول بها الفاشية التركية، أن توقف نضال المرأة، وتقضي على المساعي، والآمال الساعية؛ لتحقيق وطن حر ديمقراطي، تعيش فيه شعوب سوريا بحرية وسلام.

إلى جانب مساعيها ومحاولتها المستمرة في ضرب اللبنة الأساسية للأمة الديمقراطية، التي تقودها المرأة المناضلة في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، والنيل من انتصاراتها العظيمة التي حققتها المرأة في سيرها على خطا فلسفة القائد عبد الله أوجلان.

وتعد سورخين روجهلات من القياديات والمناضلات، اللواتي كانت لهن بصمة تاريخية في نضال المرأة، التي ناضلت على مدار 18عاماً ضد الذهنية الدكتاتورية والسلطوية، وأثبت للعالم أجمع بنضالها ومقاومتها جدارة المرأة المقاومة.

سورخين.. حياة مليئة بالمقاومة والنضال

سورخين روجهلات؛ الاسم الحقيقي فاطمة ساكان، من مواليد عام 1985، ولدت في قرية كرك (Girik) بمدينة ماكو شرق روجهلات كردستان، ولدت ضمن أسرة مكونة من سبع شقيقات، وأربعة أشقاء.

ترعرعت المناضلة “سورخين روجهلات” في كنف عائلة وطنية، تنحدر من عشيرة جلاليان، التي رفعت راية الانتفاضة في وجه المحتلين ولم تحن رأسها لأحد قط، ومن موطن المنتفضتين “شيرين علمهولي” و”زينب جلاليان” اللتين أبدتا مقاومة في وجه الذهنية الأبوية، والعادات الرجعية.

تعرفت المناضلة سورخين على حركة التحرر الكردستانية منذ نعومة أظفارها، ورأت في فلسفة القائد عبد الله أوجلان الحلول للمشاكل والقضايا العالقة في العالم، والتي رأت بانضمامها للحركة ضمانة لحريتها وحقوقها المشروعة، فقررت بعدها الانضمام للحركة عام 2006، فتلقت التدريب في أكاديميتي الشهيدتين بيريتان وزيلان، وأصبحت بعدها قيادية ومناضلة طليعية في أرجاء كردستان، حتى جبال روجهلات، وقنديل، وبوتان، وسهول روج آفا، وأزقة كوباني، أصبحت شاهدةً على نضالها المقدس والتاريخي.

تميزت سورخين بوقفتها الشامخة، والثورية الجسورة في حياتها النضالية، كانت مناضلة لم تعرف الخنوع والاستسلام، كانت ذات قلب نابض بالحيوية والنشاط الأمر الذي جعلها محبوبة من الجميع.

بعد انخراط سورخين في صفوف حركة التحرر الكردستانية عملت في تسيير الأعمال والأنشطة التنظيمية للحركة في أجزاء كردستان الأربعة، وحملت على عاتقها مسؤولية نشر فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان في أرجاء العالم، والسعي بشكل دؤوب لتحرير المرأة من قيود العبودية وتعريفها على حقوقها المشروعة.

نضالها ومقاومتها الشامخة حددتا ملامح نضال ومقاومة المرأة في وجه الذهنية الشوفونية والدكتاتورية، ورسمت من جديد ملامح ومجرى نضال المرأة الحقيقي المطالب بحريتها المشروعة، وبنضالها ومقاومتها في وجه المتربصين وأعداء الشعب الكردي.

بصمتها التاريخية في مقاومة كوباني

عندما توجهت مرتزقة داعش وبأعداد ضخمة صوب كوباني المقاومة، توجه أبناء أجزاء كردستان الأربعة صوب مدينة كوباني المقاومة والانضمام لتلك المقاومة التاريخية وبملاحمهنَّ البطولية.

فعند ذكر مقاومة كوباني، ومعركتها الحاسمة بوجه أعتى مرتزق إرهابي في العالم، لا بد أن نذكر المقاومة الباسلة، التي قام بها المناضلون والفدائيون، كالمناضل كلهات، وآرين ميركان، وريفانا كوباني، والقيادية سورخين روجهلات، أولئك الذين أدخلوا الرعب في قلب كل مرتزق منهم.

حيث كانت سورخين، طليعية في مقاومة كوباني، بمقاومتها الجسورة والشجاعة، ومن خلال مقاومتها في وجه ظلام داعش فقد تعرضت لإصابات بليغة، ففقدت عينيها في إحدى المعارك، وعلى الرغم من إصابتها البليغة، واصلت مقاومتها التاريخية في كوباني دون توقف، وبهذا الشكل تبنّت قيم حرية المرأة، وأدت دوراً بارزاً في تطوير، وتعظيم وحدات حماية المرأة.

ومؤخراً، كانت القيادية سورخين من القياديات الجرحى، التي انضمت إلى فدراسيون جرحى الحرب في إقليم شمال وشرق سوريا، وكانت مثالا لرفع معنويات رفاقها الجرحى.

وفي الحادي عشر من شهر شباط الجاري، شنت دولة الاحتلال التركي هجوماً على مبنى فدراسيون جرحى الحرب في إقليم شمال وشرق سوريا بمدينة قامشلو، بواسطة طائرة مسيّرة؛ ما أدى إلى استشهاد القياديتين “سورخين روجهلات” و “آزادي ديرك”.

وتنفيذاً لوصيتها؛ ووري جثمانها الثرى في مزار الشهيدة دجلة بمدينة كوباني، الذي احتوى جثمان المئات من رفاق دربها وعهدها.

رفاق دربها يعاهدون بالسير على خطاها

وفي السياق ذاته؛ التقت صحيفتنا بشخصيات رافقت الشهيدة المناضلة سورخين، وأجرت معهم لقاءات خاصة، ومن ضمنهم عضو مجلس كوباني العسكري “محمود بلو” الذي تعرف على المناضلة سورخين أثناء محاربتهم مرتزقة داعش في كوباني.

ويقول: “إن المناضلة سورخين كانت ذات شخصية قوية، أرعبت مرتزقة داعش الإرهابي”.

ويضيف بلو إلى حديثه: “لم تكن الشهيدة سورخين فقط قيادية لنا في مقاومة كوباني، بل كانت الرفيقة، والحامية لنا في حربنا ضد داعش”.

وأشار إلى أن الهدف من استهداف القيادية البارزة في وحدات حماية المرأة، وإحدى القيادات في مقاومة كوباني، سورخين روجهلات، من الفاشية التركية، هو لانتقامها لمرتزقتها، التي عجزت عن تحقيق أحلامها في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، وعجزها عن احتلال مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، لذا تحاول عبر هذه المحاولات الجبانة النيل من إرادة أبناء المنطقة، وإخماد روح المقاومة فيهم.

وأضاف: “وإن استُشهد أحد رفاقنا، فإن ذلك يزيدنا إصراراً على المقاومة والنضال. ونحن نعاهد أنفسنا ورفاقنا الشهداء بالسير على خطا المناضلة سورخين كوباني، ورفاقها حتى الرمق الأخير، والانتقام لهم مهما كلفهم الأمر”.

أما المواطن “إسماعيل عبد القادر” الذي تعرف على المناضلة سورخين، أثناء مقاومة كوباني عام 2014، ورافقها على مدار ستة أعوام متتالية، استذكر مقاومة ونضال الشهيدة سورخين: “لقد كانت سورخين بطلة ثورة الحرية، ناضلت من أجل حرية وكرامة شعبها وضحت بنفسها في سبيل تحقيق هذا الهدف”.

وأضاف: “كانت الشهيدة سورخين تمتاز بوقفتها الشامخة والأبية والجسورة، وفي حياتها النضالية كان همها الوحيد نشر فكر وفلسفة القائد العظيم عبد الله أوجلان في أرجاء العالم، لم تكن تعرف يوماً الاستسلام والخنوع لأحد، كانت ذات ابتسامة رقيقة وقلب نابض بالحياة والنشاط، والعدالة”.

فيما نوه عبد القادر “أن الشهيدة سورخين محبة لأهالي كوباني، كانت تقصد منازل أهالي كوباني، كانت رفيقة الصغير قبل الكبير، وكان أهل كوباني يحبونها حبا كثيرا”.

مستذكراً لحظات مغادرة سورخين مدينة كوباني: “لقد كان لمغادرة الشهيدة سورخين أثر كبير في قلب كل كوبانيّ، حيث باستشهادها زادت أبناء كوباني عزيمة وإصراراً على الانتقام لها، والصمود أمام طغاة وإرهاب تركيا”.

وأكد عبر حديثه: “إن دولة الاحتلال التركي تسعى عبر هجماتها الغاشمة زرع الخوف، والرعب في نفوس أهالي المنطقة، لكن إرادة شعبنا أقوى من إرهاب الدولة التركية، وسنفشل بتلك الروح مساعي ومخططات تركيا الإرهابية في مناطقنا”.

وزاد: “بعد فشل مخططات دولة الاحتلال التركي على المنطقة، واستهدافها البنية التحتية، وحماة الوطن، فهي تسعى لضرب الأمن والاستقرار، اللذين تنعم بهما شعوب المنطقة في ظل مشروع الأمة الديمقراطية”.

الانتقام عهدنا

واختتم المواطن “إسماعيل عبد القادر” حديثه: “بسيرنا على خطا شهدائنا وأحرارنا، سنفشل مخططات تركيا الإرهابية في مناطقنا، وإننا، رفاق عهد الشهيدة سورخين، عهدنا الوحيد هو الانتقام لأجل شهدائنا”.

وانتقاماً للشهيدتين “سورخين روجهلات” و”آزادي ديرك”؛ نفذت وحدات حماية المرأة سلسلة عمليات ضد مواقع جيش الاحتلال التركي ومجموعاته المرتزقة على امتداد إقليم شمال وشرق سوريا، في إطار حق الدفاع عن النفس.

في 12 شباط الجاري، نفذت مقاتلات وحدات حماية المرأة عملية اقتحام في جبهة الصيادة بقرية الحمرات في منبج، حيث اقتحمت فرقتان من مقاتلات وحدات حماية المرأة مواقع الأعداء ودمرتا المواقع بالكامل، ولاذ جنود جيش الاحتلال والمرتزقة بالفرار، وقد أسفرت هذه العملية عن مقتل ثلاثة مرتزقة كانوا داخل الموقع المستهدف، ومقتل ثلاثة آخرين بينما كانوا يلوذون بالفرار، وجرح ثلاثة آخرين.

إضافة إلى استهدف موقع آخر في جبهة تل تمر- صوامع عالية بين قريتي الريحانية، والسوسة قاعدة لجيش الاحتلال

 بالأسلحة الثقيلة، حيث راح ضحية في هذه العملية ثلاثة جنود محتلين، وأصيب عدد آخر، وكانت حصيلة هذه العمليات مقتل تسعة جنود، وإصابة ثمانية من المرتزقة على الأقل.