تل كوجر/ مثنى المحمود ـ منذ قرابة أربعة أعوام تعاني قرية سفانة من شح مياه الشرب، تعددت الشكاوى، وكثرت الوعود ولم يعد بئر القرية يضخ الماء كسابق عهده.
تبقى مياه الشرب العمود الفقري للحياة البشرية، هذه “البديهية” لم تعد كذلك لدى أبناء قرية “سفانة”، التي تقترب من عامها الرابع دون قطرة ماء، تتعدد الحلول المقترحة، وكلها مضنية، يتهافت الواعدون، فتتطاير كلماتهم، التي داعبت قلوب المواطنين مع رياح الصيف الحارة، وعواصف الشتاء الباردة، أين الحل؟ ومتى تعود المياه إلى “صنابيرها”؟ ومتى يستكين المواطن دون عناء البحث عن قطرة الماء؟
حلول بديلة
يعمد سكان قرية “سفانة” جنوب مدينة قامشلو إلى شراء مياه الشرب من التجار، مع استخدام الحيوانات، ومنها الحمير، أعزكم الله، لاستجرار ماء غير صالح للشرب للاستخدام الشخصي، ويقول أهالي القرية، التي تتألف من 150 بيتا، إنهم يشترون برميل الماء بسعر 800 ل.س للبرميل من أصحاب الصهاريج الجوالة، وعادة ما يعمد صاحب المنزل إلى تعبئة خزان سعة خمسة براميل بـ 4000 ل.س تكفي لأيام قليلة، وحتى هذا الحل يصعب تحقيقه، حيث يستمر أصحاب الصهاريج بزيادة الأسعار اليوم تلو الآخر، حاليا تقطع الفتيات والأولاد مسافة تتجاوز الكيلو متر لتعبئة الأواني من بئر قرية “عكرشة” المجاورة، ثم يعودون وهم يحملونها بأيديهم أو على رؤوسهم، والسعيد منهم من يملك حمارا يوازن الأواني على جانبية، ويُحملّها على ظهره، وبعضهم يجبرون على سحل، أو دحرجة البراميل على الأرض حتى المنزل.
بداية المعضلة
يحدثنا المواطن علي الرحيل: إن مشكلة القرية تعود لربيع عام 2019 حين اجتاحت قرى أرياف تل كوجر، فيضانات بسبب الأمطار الغزيرة، فأضرت بالمحاصيل، وبعض المنازل والآبار ومصادر المياه الجوفية، وأضر تسرب المياه بقمصان (تغليف الحديد) لبئر مياه الشرب في القرية، هذا ما أدى إلى ردمه بشكل جزئي؛ ما أعاق عملية إنزال مضخة كهربائية (غطاس) إلى داخل البئر لسحب المياه، وفشلت محاولات السكان الفقراء في إصلاح البئر، بعد احتيال بعض أصحاب الحفارات الخاصة عليهم، فتوجهوا إلى جمعيات، ومنظمات فعملت إحداها بدعم من الهلال الأحمر على إنزال 35 مترا من القمصان، لكنها توقفت لأن حاجة البئر أكثر 85 مترا، وهذا مكلف مع ضرورة استخدام حفارة حلزونية تعتمد على الضغط، وليس “إزميل” عادي وأجورها أعلى، منذ ذاك الحين، والبئر متوقفة، وحال القرية يرثى لها.
شركاء في المصيبة
رغم أن “سفانة” تشارك بلدة “جزعة” بمشكلة نقص المياه، ولا تبعد سوى ثلاثة كيلو مترات شمالا، فصهاريج البلدية لا تزودها بالماء، كما هو الحال لسكان أحياء “جزعة”، وهناك قرى أخرى بمنطقة وادي الرد، تشارك “سفانة” معاناتها، وهي قرى:”البجارية، والزرقاء، وكنهو، والمستريحة، والعقاب، والهويرة، وكنانة، والبطحة، وعدنان، وقريش، والشبكة، واللقوة، وبصيصية، وقضاعة، وهمدان..الخ” القريبة من الطريق السياسي الحدودي بين بلدتي “تل كوجر، وتل حميس” مرورا ببلدة “جزعة” (اليرموك)، وقال زاهد محمد، الإداري في مياه تل كوجر، إن هناك /60/ قرية تابعة للبلدة تمتلك خزانات نظامية، وإن هذه القرى لا تعاني من مشاكل في المياه، لكنه قال أيضاً: إن /20/ قرية جنوب تل كوجر تفتقد للمياه بشكل كامل، بالإضافة لست قرى لا تصلح مياهها للشرب.
تحركات خجولة
تقوم بلدية تل كوجر بتوزيع المياه على القرى بواسطة الصهاريج، وبأسعار “رمزية” /500/ ليرة سورية للخزان الواحد (خمسة براميل)، ولعدم كفاية صهاريج البلدية، يقوم أصحاب صهاريج خاصة ببيع المياه بـ/2500/ ليرة لكل ألف لتر، وخلال الفترة الماضية، كانت إحدى المنظمات قد وزعت خزانات المياه على السكان في هذه القرى، كما عملت على تأمين بعض المضخات لتعبئتها بالمياه، وبلغ عدد خزانات المياه الموزعة في ريف البلدة الجنوبي /600/ خزان، إلا أن عملية التعبئة، توقفت بسبب الأعطال المتكررة في خطوط الكهرباء، بحسب أحد العاملين مع تلك المنظمة.
في سياق هذه الأزمة تحدث أحد عاملي البلدية المسؤولين عن هذا الملف، وهو زاهد محمد على أن المنطقة بحاجة إلى محطة تحلية للاستفادة من الآبار المحلية غير الصالحة للشرب، أو حفر آبار بحرية يصل عمقها إلى /٣٠٠/ متر على الأقل، بالإضافة إلى الحاجة لوضع مولدات ومناهل، وقال “محمد: إنهم سيزيدون عدد الصهاريج المتعاقدة، وذلك “كحل إسعافي من أجل ضمان وصول المياه إلى غالبية السكان”، وذكر الإداري في مياه تل كوجر، أنهم أرسلوا عدة طلبات إلى المعنيين في قامشلو، لوضع دراسة للمشكلة ومعالجتها، لكنهم لم “يتلقوا أي رد حتى الآن”.
