المؤتمر البيئي الأول في إقليم شمال وشرق سوريا… ثورة بيئية في وجه هجمات الاحتلال

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

---

خرج المؤتمر البيئي الأول الذي عُقِد على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا بجملة من القرارات التي تصب في صالح تطوير مجتمع إيكولوجي بيئي ضمن أطروحات القائد عبد الله أوجلان، وناقش على مدار يومين جميع المشاكل التي تدمّر البيئة في المنطقة وعلى رأسها الهجمات التي يشنها الاحتلال التركي، فيما أُغني المؤتمر بمشاركات عالميّة ومحليّة في مقدمتها المرأة.

انعقد المؤتمر البيئي “الإيكولوجي” الأوّل في إقليم شمال وشرق سوريا بمشاركة 120 مندوباً من ممثلي الإدارة الذاتية الديمقراطية والأحزاب السياسية والتنظيمات الاجتماعية والمدنية، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات المهتمة بالشؤون البيئية في دول خارج سوريا والشرق الأوسط عبر الزوم، تحت “شعار بالنهج الأيكولوجي الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان وحل القضية الكردية” والذي استمر على مدار يومين متواصلين (26 ـ 27 نيسان الجاري).

وجاء هذا المؤتمر للمشاركة في الحملة العالمية المُطالِبة بحرية القائد عبد الله أوجلان الجسديّة، ومناقشة أفكاره الخاصة بالبيئة، إلى جانب بناء جو بيئي في المنطقة وفق النهج البيئي الذي طرحه، مناقشة القضايا المتعلقة بالبيئة ووضع الحلول، ويهتم بتصعيد هذه القضايا والمشكلات التي تُعيق تطور القطاع البيئي للعالم.

برنامج غني بالمحاور المهمة

وناقش المؤتمر في يوميه عدة محاور مهمة للبيئة في المنطقة والشرق الأوسط، كما ناقش المؤتمر الجمع بين النضال الإيكولوجي والنضال ضد الاستعمار والرأسمالية، وشاركت العديد من الشخصيات من جنوب أفريقيا والهند وأمريكا اللاتينية وباشور كردستان وسوريا ومصر ليكون مؤتمر عالمي بهذه المشاركات الدوليّة، كما تم تقييم الواقع الزراعي الإيكولوجي في روج آفا.

فيما تطرّق اليوم الثاني إلى التعاون بين المنظمات والحركات في إقليم شمال وشرق سوريا، من اتحاد البلديات، وجامعة روج آفا، ومنصة المرأة لمؤتمر ستار، وجنولوجيا (علم المرأة)، وأهمية بناء الزراعة الأيكولوجية كعملية إنهاء الاحتلال في إقليم شمال وشرق سوريا.

المؤتمر محلي وعالمي

وما ميّز المؤتمر المشاركات الدوليّة ومناقشة الواقع البيئي في العالم وربطه بأطروحات القائد عبد الله أوجلان ضمن النهج الإيكولوجي.

وهذا ما بيّنته الرئيسة المشتركة لهيئة البيئة في إقليم شمال وشرق سوريا، “بسمة محمد” التي أشادت بالمشاركات الدولية بقولها: “إن علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة قوية، ولابد من إعادة بنائها كأساس للحداثة الديمقراطية من خلال احتضان هذه البيئة، ويجب أن يتساعد جميع المكافحين ويشاركوا المعرفة والخبرة الإنسانية والطبيعة، لحل هذه الأزمات البيئية وهذا ما شهدناه في المؤتمر”.

وقد بينت أن المشاكل البيئية تواجه العديد من الدول كجنوب أفريقيا والهند وغيرها، وهذه المشكلات لن تُحل إلا بتطبيق نهج وإيكولوجية القائد لخلق مجتمع يهتم بالبيئة ويستخدم المصادر الطبيعية غير المُضِرة بالبيئة.

استغلال البيئة في الحروب

كما كان هناك مشاركات من الحضور لمناقشة وضع المياه في المنطقة، وبينت هذه النقاشات أن مياه الفرات ودجلة أنهار مشتركة مع الدول ومن حق المنطقة الاستفادة منها إلا أن الجانب التركي يستخدمها كسلاح لمحاربة شعوب المنطقة.

وتطرقت الرئيس المشترك لهيئة البيئة في الطبقة “جمال عبد اللطيف” إلى الأمر قائلاً: “من أساسيات النهج البيئية، رفض جميع حروب السلطة وجميع أشكال الاستعمار، فإن دولة الاحتلال التركي بهجماتها المتكررة على روج آفا وباشور وباكور كردستان تقوم بتدمير دائم ومتعدد الجوانب للمجتمع والطبيعة”.

وناقش المؤتمر جميع المشاكل التي تدمّر البيئة في المنطقة وعلى رأسها الهجمات التي يشنها الاحتلال التركي.

فيما أشار عبد اللطيف إلى التغيير الديمغرافي والتطهير العرقي في عفرين إذ يتم اقتلاع مئات الآلاف من أشجار الزيتون، ومصادرة الأراضي ويسعى الاحتلال إلى تدمير نسيجها التاريخي والثقافي، وقال: “إنها أمثلة حيّة عن الإبادة البيئية والجماعية بحق شعوب المنطقة، وتزعزع النظام البيئي وتؤدي للتصحّر والجفاف”.

مُشاركات حثيثة للمرأة

في إقليم شمال وشرق سوريا كانت المرأة هي أساس المجتمع الإيكولوجي البيئي، كما عدّها القائد عبد الله أوجلان جزء من الطبيعة، وتطبيق مجتمع إيكولوجي بيئي بعيد عن السياسات يقع على عاتقها، وهذا ما أشارت إليه الرئيسة المشتركة لهيئة البيئة في مقاطعة الجزيرة “كوين محمد”.

كما أكدت إن المؤتمر يهدف إلى تحطيم البنى الاستغلالية القائمة على الجنس والطبقة والعرق والدين، وأشارت إلى أن اليوم الثاني حظي بمشاركة غنيّة من قبل المرأة في منسقية المرأة ضمن مؤتمر ستار وجنولوجيا ونوهت المرأة من خلال مشاركتها إلى مشكلات عدة تُعيق تطور الواقع البيئي.

فيما كان هناك مشاركات من باشور كردستان للمرأة شرحت فيها واقع البيئة وما تعرضت له البيئة في كردستان من دمار جرّاء نهب ثرواتها الباطنية والتدمير المُجحف للقرى وحرق الغابات، ولا تزال الإبادة الأيكولوجية مستمرة فيها بهدف قطع صلة شعبها بالأرض عبر تهجيرهم من قراهم.

ونوهت كوين إلى الأزمات المجتمعية والبيئية والبشرية جراء سياسات النظام الرأسمالي المهيمن على العالم، واختتمت: “علينا طرح فكر القائد عبد الله أوجلان لنظام الحداثة الديمقراطية حل للعديد من الأزمات، فمفهوم القائد حول الاقتصاد البيئي يُعدُّ أحد الركائز لحماية البيئة”.

جملة من القرارات

واختتم المؤتمر أعماله ببيانٍ ختامي حمل 21 بنداً تركزت على البيئة والسياسة وكيفية التغلب على المشكلات التي تواجه المجتمع لخلق مجتمع بيئي أيكولوجي، وكان أهمها:

– إن النظام الرأسمالي والدولي اليوم أدى إلى إتلاف التربة، ويعتمد مؤتمرنا على بناء مجتمع ديمقراطي وبيئي محلي ويدعو إلى نضال دولي مناهض للاستعمار والرأسمالية.

– على أساس النهج البيئية، تُرفض جميع حروب السلطة وجميع أشكال الاستعمار. حيث يتسبب هجوم واحتلال الدولة التركية لروج آفا وباشور وباكور كردستان بتدمير دائم ومتعدد الجوانب للمجتمع والطبيعة.

-إن الهجرة المنهجية/ التطهير العرقي في عفرين، والاقتلاع المنهجي لمئات الآلاف من أشجار الزيتون، مصادرة الأراضي والتغيير الديموغرافي في المنطقة وتدمير نسيجها التاريخي والثقافي، هي أمثلة حيّة عن الإبادة البيئية والجماعية.  وكل هذه الممارسات مرتبطة ببعضها البعض في كردستان.

– يؤكد المؤتمر على ضرورة وجود وضمان حق الحماية لجميع الكائنات الحية في الجبال والغابات والأنهار والأنظمة البيئية المرتبطة بها، قانونياً وسياسياً.

– انطلاقاً من النهج الديمقراطي والبيئي وحرية المرأة الذي صاغه القائد عبد الله أوجلان، وفي هذا السياق تهدف الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا/ روج آفا إلى إدارة كافة أنشطة البناء الاجتماعي وكافة المؤسسات والمنظمات بمنظور بيئي والقيام بواجباتها وفقاً لهذه المبادئ.

– نجد أن الإنتاج البدائي للنفط لتلبية الاحتياجات والاستهلاك المحلي يسبب تلوث التربة والمياه ويشكّل تهديداً خطيراً على الصحة العام، ونهدف كمجلس البيئي والمسؤولين في روج آفا الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة المتجددة، ومع ذلك، هناك حاجة إلى الدعم الدولي وصولاً للغاية.

–  تعتبر حماية الشعب الكردي والأقليات العرقية والدينية الأخرى على أساس الأمة الديمقراطية والمجتمع البيئي بمثابة طابع مناهض للاستعمار ويعتبر النضال البيئي ضد هجمات الرأسمالية والدولتية على الطبيعة مبدأ أساسياً مكملاً، وتأخذ بالنضال الدولي ضد الرأسمالية وتنظم التضامن والمقاومة الجماعية ضرورة.

– في مواجهة السياسات البيئية والجفاف الناجم عن الأزمة المناخية، ينبغي تنظيم “منصة البيئة الكردستانية واليوم العالمي” بشكلٍ فعال مع لجنة البيئة في إقليم شمال وشرق سوريا.

– تستخدم تركيا المياه كسلاح ضد إقليم شمال وشرق سوريا/ روج آفا وتفرض قطع المياه بشكلٍ منهجي. إن توفير مياه الشرب والري للقطاع الزراعي أحد أكبر الأزمات الإنسانية والبيئية في شمال وشرق سوريا/ روج آفا، وقد تم اعتماد زراعة الحقول الإنتاجية المقاومة للجفاف وإعادة تشجير الغابات وطرق جمع المياه وأنظمة الري البيئية، ويعدُّ نشر هذه السياسات والخطوات العملية المبدأ الأخلاقي لمؤسستنا وتنظيمنا بأكمله.

– نحن مُدرِكون أن السدود ومحطات الطاقة الكهرومائية تُعدُّ الحل الخاطئ لمشاكل الزراعة والغذاء والطاقة.

– هناك مسألة أخرى لا تقل أهمية عن الغابات الحضرية وهي تحسين الغابات والمروج والمراعي المتدهورة خارج المدن وربطها ببعضها البعض.

– ينبغي اتخاذ تدابير فعالة لتعزيز الزراعة البيئية والطبيعية ضد الهجرة/النزوح والدمار الاقتصادي في المناطق الريفية.

– ينبغي الاعتماد على الأنواع النباتية والحيوانية المحلية/ الطبيعية المقاومة للتغيرات البيئية، وإنشاء مراكز لحماية التنوع البيولوجي والبذور المحلية في كافة المناطق وتنظيمها كمنطقة استراتيجية.

– حماية ودعم المشاريع الإنتاجية الزراعية والحيوانية الصغيرة الصديقة للبيئة.  ويتم دعم التعاونيات بشكلٍ خاص ويعتمد عليها في الكومينات باعتبارها العناصر الأساسية لهذه العملية.