زينه ورتي عنوان لا يحتمل سوى الحوار والتفاهم

سيهانوك ديبو –

ما يحدث في زينه ورتي اللحظة غير مطمئن، مخالف للعقد الوجداني المجتمعي الكردي، بالضد من المصالح المشتركة التي تتشارك بها شعوب المنطقة وتتداخل بها أمنها وحل القضية الكردية، بالمقوّض للمكانة المتقدمة التي وصل إليها الكرد بعد تحولهم إلى رمز عالمي بالضد من الإرهاب.

في العقد الأخير انحسرت أصوات الضد كثيراً وتشتتت كتلة الصد المناوئة لحل القضية الكردية، كما برز على السطح تفهم واقتناع لغالبية عربية بشكل خاص وتركية وفارسية؛ مفاده بأن وقت حل القضية الكردية قد حان، ليس من دواعٍ مُلِّحة وضرورة قصوى لشرح تبدل الموقف هذا، إذْ قد يكون بسبب بروز الكرد كقوة أساسية بالتصدي لواقعة داعش التي لا تنتمي إلى دين معين ولا إلى قومية معينة؛ إنما لثقافة محددة تتعكز في نهاية المطاف على استبداديات محلية وإقليمية وعالمية. وقد يكون بسبب اقتناع الجميع بأن حل هذه القضية يعتبر واحد من أهم أساسيات تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة المشرقية من المتوسط، وقد يكون أيضاً سببه بأن الخرائط المفروضة قبل مئة عام على المنطقة من قبل نظام الهيمنة العالمية وقتذاك؛ باتت تتقلص وتنكمش وبحكم المنفلت، وفي بال الهيمنة الجديدة هندسات جغرافية مستجدة وجديدة، وقد يكون بسبب كل ذلك مجتمعاً وأسباب أخرى تتعلق بالقراءات الواقعية وأحكام البراغماتية المحضة التي تحتكم إليها القوى الفاعلة في الحقل السياسي الإقليمي.

خطى الكرد من خلال قواهم وأحزابهم في العقد الأخير خطوات جمعية مهمة أقلّها تنم عن استشعار أهمية استحصال موقف كردي موحد إثر الموجة الجدية التي بدأت تهب على المنطقة؛ بخاصة بعد أن أينعت حركات ما سميت بالربيع العربي رأسها؛ جُزّت فيها رؤوس وأبقت على أخرى، وكانت أهم هذه الخطوات بالرغم من تعثرها أو عدم إتمامها الحراك الدبلوماسي الكردي المكثف في صيف العام 2013، تحت عنوان انتظره وما يزال ينتظره قرابة الـ 60 مليون كردي، وربما أضعافاً مضاعفة من أصدقاء الكرد؛ مرة أخرى بالأخص من قبل أقدم شريك لهم في المنطقة، العرب الذين جمعت بهم والكرد أوابد متعددة المناح والمستويات، عنوان ذلك الصيف هو عقد المؤتمر الوطني الكردستاني. ومن المهم حين التطرق لحجر الزاوية هذا أي المؤتمر الوطني الكردستاني تبيان أهمية جذرية للعامل الذاتي صاحب الدور الكبير في التهيئة لعقده؛ ويعتبر طي صفحة الاقتتال الكردي الكردي وتحريم سفك الدم بينهم أبرز مفاصله، وهذا بالتأكيد لما كان أن يحصل لو لم تمتلك جميع القوى والأطراف الكردستانية حس المسؤولية وإبداء الحرص على المكتسبات التي تحققت والمكتسبات التي تتحقق؛ بما لها الأثر الكبير على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة كلها وليست فقط في مناطق الكرد. في ذلك فإن مشهد وجود البيشمركه في كوباني نهاية 2014 إلى جانب وحدات حماية الشعب الكردية العربية السريانية -التي سالت دمائها سخية في شنكال/ سنجار- كان بمثابة نقطة انعطاف في القضية الكردية بالرغم من تلك المشاركة الميدانية الرمزية.

ما يحدث في زينه ورتي اللحظة غير مطمئن، مخالف للعقد الوجداني المجتمعي الكردي، بالضد من المصالح المشتركة التي تتشارك بها شعوب المنطقة وتتداخل بها أمنها وحل القضية الكردية، بالمقوّض للمكانة المتقدمة التي وصل إليها الكرد بعد تحولهم إلى رمز عالمي بالضد من الإرهاب، بالمزعزع لثقة الشعب الكردي وبشكل كبير لعوائل الشهداء في كل جزء منها، بالمطمئن فقط لأنظمة الاستبداد السوداء ولكل راية سوداء من مصلحتها تكريس الشقاق الكردي؛ في مقدمتها: تركيا الأردوغانية التي لا تحرص وحسب على حدوث الحرب البينية الكردية الكردية إنما على اشتعال المنطقة واستعار الحروب الداخلية في كل بلد في المنطقة برمتها؛ فقط بهدف تعبيد الطريق إلى عَثْمَنة المنطقة مرة أخرى.

الأمل كبير بتغليب لغة الحوار، بتحقيق التفاهم وتدوير الزوايا، فإن الكرد كما كل شعوب المنطقة حان وقت عيشهم كشركاء وليسوا بيادق بيد لأحد، حقاً لقد حان وقت حل القضية الكردية.