زاوية مرآة المرأة ـ هيفيدار خالد

ثورة جينا أميني لم تُطفَئ.. بل زادها آذار ألقاً

 تجدّدت الانتفاضة الشعبية، التي انطلقت شراراتها منذ أكثر من خمسة أشهر في إيران، إثر مقتل الشابة الكردية جينا أميني على يد السلطات الإيرانية، وتفاعلت معها فئات المجتمع بدخولنا شهر آذار، وحلول فصل الربيع، واستقبالنا اليوم العالمي للمرأة، الذي تحوَّل إلى يومٍ تاريخيٍّ للنساء المناضلات، اللواتي كرَّسن حياتَهن من أجل النضال الحر، والحياة الكريمة.

النضال النسوي كان الأبرز والأقوى في تلك الانتفاضة، لا سيما في هذا الشهر المليء بالفرح والسعادة والعنفوان، حيث إنه لطالما أضفى على الجميع بهجة وألقاً وجمالاً وإبداعاً، وخاصة النساء، أولئك اللواتي يقدن ثورة جينا أميني في إيران، بعد أن رأينا كيف أن مطالبهن سمت، وتعاظمت فيه بشكل ملحوظ، ذلك لأن النصر وضعنه نصب أعينهن، فبات هدفهن الذي من المحال التراجع عنه مهما كلف الأمر، فالتراجع عنه لهن هو الموت… نعم بمثابة الموت المتربص بهن منذ مئات السنين، وهو ما يعني القضاء على قضيتهن عموماً، وخاصة بعد أن مزقن كفن الموت، وكسرن حاجز الخوف، وحطمن قيود وسلاسلَ العبودية، التي لف النظام بها أرواحهن، وتحدين قمع السلطات، وجابهن أحكامها وأعرافها، التي لا تمت للإنسانية بصلة أبداً.

النساء المنتفضات في وجه النظام الإيراني، أبدعن في تطوير وتعزيز طرق وأساليب جديدة أكثر قوة للمقاومة والنضال، وابتكرن سبلاً جديدة من أجل خلق حياة حرة كريمة، وغدٍ مشرق وأفضل، بعيداً عن القوانين الصارمة، التي يتباهى بها النظام الإيراني، بعيداً عن سلاسل العبودية، التي يتفاخر بها أمام الحشود، وهو يعلّق الأحرار والمظلومين والأبرياء بأعمدة المشانق في الساحات والميادين العامة.

نعم بتصعيد وتيرة الانتفاضة النسائية في البلاد يتصاعد نضال الحرية والحياة الكريمة أكثر فأكثر، وتتعالى معه المطالب السامية لكافة أفراد المجتمع، وبشكل خاص النساء المناضلات، اللواتي يقدن انتفاضة الحق في وجه أهل الباطل، وثورة النور ضد سلطة الظلام، نعم إنهن يقدن انتفاضة الحياة الحرة في وجه آلة الظلم والقمع والعبودية، يقدن ثورة لخلق نظام ديمقراطي أخلاقي جديد ضد الذهنية الديكتاتورية المكبلة بأسوار العقلية الرجعية.

النساء الكرديات، والأذريّات، والفارسيات، والعربيات، والبلوش، اللواتي خرجن برموزهن المقدسة بالعمق، والتنوع الثقافي العريق في المدن والبلدات كافة، فنددن بسياسات وانتهاكات النظام الإيراني ضد النساء، وخاصة الصحفيات والناشطات، والمعتقلات في السجون، ليرسمن بذلك لوحة عصرية، وموزاييكاً رائعاً عن الحياة التشاركية العصرية، التي يسعين إليها في بلادهن، التي كانت منبعاً لحضارات الشعوب الأصلية في المنطقة، بعيداً عن الطائفية والعنصرية المقيتة.   بيد أن النظام الإيراني لا يفتأ محاولاً تدمير هذه الحضارات بسياساته الإقصائية والتعسفية، وعنصريته الطائفية بحق الشعوب، والمكونات المتعايشة منذ آلاف السنين هناك، وخاصة المرأة، ولكن نضال المرأة الكردية، والإيرانية بات منظماً أكثر من أي وقت مضى، لدرجة أنها تستطيع به تحديد مصير هذه المعركة التاريخية، التي تخوضها من أجل الحرية، والحياة في وجه النظام وممارساته، وانتهاكاته بحقها، وتحقيق المطالب المحقة، التي تطالب بها، وتناضل من أجلها.