رياح التغيير في باشور كردستان قادِمة لا محالة

رفيق إبراهيم_

بات باشور كردستان بحاجة مُلحّة لظهور قوة سياسية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية المتدهورة في باشور كردستان، وبخاصةٍ أن الحزبين الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني، في صراع دائم على السلطة والمال، ما يشكّل خطراً كبيراً على الكرد في باشور كردستان.

جبهة الشعب واستغلال الخلافات بين القوى السياسية

حزب جبهة الشعب، القوة السياسية الجديدة التي ظهرت على الساحة في باشور كردستان، يقودها السياسي الكردي المحنك، لاهور شيخ جنكي، الذي اختار التوقيت والزمن المناسبين للإعلان عن حزب جبهة الشعب، حيث شعر الشعب في باشور كردستان، بأن الحزبين الرئيسيين لم يَعُدا يصلحان لقيادة المرحلة القادمة، في ظل التحديات والصعوبات الكبيرة التي تعترض حكومة باشور كردستان، واستمرار هيمنة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، على باشور سيخلق مشاكل كبيرة قد تؤدي بالنهاية إلى تفكيك مشروع فيدرالية العراق، وبخاصةٍ أن الديمقراطي الكردستاني، مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتركيا التي تحاول الاستفادة من الخلافات العميقة بين الحزبين، والتدخّل في شؤون باشور كردستان.

الحزب الجديد سيدخل المعركة الحقيقية من خلال الانتخابات البرلمانية القادمة في باشور كردستان، وهناك توقعات بأن هناك تغيير في الخارطة السياسية بشكلٍ جذري، وهناك فرصة ذهبية لحزب جبهة الشعب في الحصول على نتائج قد تحدث للمرة الأولى، ومن الأسباب الرئيسية التي قد تساهم في فوز الحزب الجديد، التراجع الكبير في شعبية الأحزاب الكبيرة على الساحة، حيث قد يستفيد الحزب الجديد منها بشكلٍ كبير، والشعب في باشور ملَّ من الصراعات البينية لدى الأحزاب التي تقود دفة الحكم، ويتمنى وجود جسم سياسي جديد ودماء جديدة، تحقق ما يحلم به هذا الشعب.

وبدأت بوادر نجاح هذا الحزب، بانضمام عدد لا بأس به من نشطاء ومنتسبي الأحزاب الأخرى، الذين كانوا ممتعضين من أداء أحزابهم في المراحل الماضية التي أدت للكثير من الانتكاسات، ومؤسس الحزب لا يترك مناسبة ألا ويوجه انتقادات لأداء الأحزاب السياسية في باشور كردستان، وبخاصةٍ الإصلاحات الداخلية في تلك الأحزاب.

اختيار شخصيات فاعِلة لخوض الانتخابات القادمة

الحزب ولكي يلعب دوراً فاعلاً في الحياة البرلمانية والسياسية في باشور كردستان، اختار مرشحيه بعناية ودقة، والكثير من هؤلاء كانوا ينتمون لحزب الاتحاد الوطني، وحركة التغيير، وشخصيات اعتبارية لها دور بارز في الحياة السياسية والاجتماعية، وكان الحزب قد عقد مؤتمره الأول بمشاركة مئة وستين عضواً، حيث تم انتخاب فرهاد عمر رئيساً للحزب، واختاروا ثلاثة عشر عضواً للمجلس القيادي للحزب.

وفي كلمة كان قد وجهها لاهور شيخ جنكي للأطراف الحاكمة في باشور كردستان، قال: “على الأحزاب الحاكمة في باشور تصحيح مسار الحكم، وتجاوز العقلية الاحتكارية للسلطة، وإلا فعليها أن تتنحى جانباً وتترك الفرصة لغيرها في قيادة مستقبل باشور كردستان”.

كما أكّد في كلمة له بمناسبة أعياد رأس السنة الكردية الجديدة، “عيد النوروز”، بأن “تجربة الحكم في باشور كردستان، تعيش حالة من الفشل الذريع، وأن أحزاب السلطة ما زالت تختلق الأعذار بدلاً من الاعتراف بفشلها، ويعود الفشل في إدارة باشور كردستان إلى العقلية الاحتكارية والاستبدادية، وتجاهل إرادة الشعب، وهناك مقولة شائعة في الثقافة الشعبية الكردية تقول: “المياه التي لا تجري وتتدفق ستتعفن”، وهذا المثل ينطبق على أقطاب الأحزاب الحاكمة والمعارضة.

سيحاول الحزب الجديد، الاستفادة من الانتخابات البرلمانية المُقبِلة في باشور كردستان، التي ستجري في العاشر من شهر حزيران المُقبل، وإذا ما نجح فيها سيحدث قفزة نوعية في إدارة باشور والتعامل مع الحكومة المركزية، ومع القضايا التي تهم الشعب الكردي في باشور وفي أجزاء كردستان الأخرى، وهذه الانتخابات لها أهميتها الكبرى في إخراج باشور كردستان، من مأزق الفراغ الدستوري الذي دخله، منذ أن رفضت المحكمة الاتحادية العراقية، قبل نحو عام قرار برلمان باشور بالتمديد لفتره برلمانية أخرى.

تراجع دور الأحزاب القديمة فرصة ذهبيّة

وكانت المحكمة الاتحادية العراقية قد قلّصت في الآونة الأخيرة عدد نواب برلمان باشور كردستان، من مئة وأحد عشر نائباً، إلى مئة فقط، كما قررت تقسيم الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية بدلاً من دائرة واحدة، وأسندت الإشراف على الانتخابات إلى المفوضية المستقلة العليا للانتخابات، بدلاً من المفوضية المحلية التابعة لباشور كردستان.

فرص حصول حزب جبهة الشعب، بقيادة لاهور شيخ جنكي، على عدد كبير من مقاعد برلمان باشور كردستان قوية، وباتت في متناول الأيدي أكثر من أي وقتٍ مضى، ما يؤكد أن بوادر التغيير في باشور كردستان قادمة، حيث بات شعب باشور يُدرِك أن الأحزاب القديمة لم يعد بوسعها تقديم أي شيء لهم، في ظل الخلافات التي تزداد يوماً بعد يوم بينهم، وبناءً على ذلك فإنه من المتوقع أن تزداد حظوظ الحزب الجديد في الحصول على العديد من المقاعد البرلمانية في باشور كردستان.

على الديمقراطي الكردستاني العودة للصف الكردي

الحزب الديمقراطي الكردستاني بات يدرك مدى خطورة الأوضاع في باشور كردستان، وبخاصةٍ أنه من أكثر الأحزاب التي سيواجه المصاعب التي ستعترضه في الانتخابات المقبلة، وبخاصةٍ أن علاقاته تزداد سوءاً في داخل باشور وحتى مع الحكومة المركزية، حيث يتعرض لسيل من الانتقادات بسبب سوء إدارته للعديد من الملفات، في داخل باشور وأيضاً مع حكومة بغداد، ما أدى إلى خسارة الكرد للكثير من المزايا، والمناطق المتنازع عليها، والتي تعتبر ضمن أراضي باشور كردستان، ما تسبب بامتعاض الشارع الكردي واعتراضه علي سياساته المتبعة.

وعلى الديمقراطي الكردستاني اليوم، اتخاذ خطوات عاجلة لترتيب البيت الكردي على مستوى باشور كردستان، وأيضاً فتح علاقات جديدة مع باقي الأجزاء الكردستانية، هذا أولاً، وثانياً، استبدال قياداته التي تتحكم بالسلطة والمال وواردات باشور، بقيادات تعمل لمصلحة الشعب الكردي في باشور، وثالثاً، إيقاف التعاون مع المحتل التركي لضرب وإبادة الشعب الكردي ومكاسبه التي تحققت بدماء عشرات الآلاف من الشهداء، واتخاذ هذه الخطوات قد تكون طوق النجاة الذي يمكن الاعتماد عليه في تغيير مسار الحزب، والتوجه للعمل من أجل القضايا الكبرى للكرد في جميع أجزاء كردستان.

وأوضاع الاتحاد الوطني الكردستاني، أيضاً ليست على ما يرام، وهو أيضاً خسر الكثير من الأعضاء لصالح حزب جبهة الشعب في الآونة الأخيرة، وعليه أن يتدارك ذلك قبل أن يفوته القطار، لأن المنافس الجديد كسب ثقة الشعب، والقاعدة الشعبية هي أساس أي فوز على مستوى البرلمان أو الرئاسة أو غير ذلك، وهذا ما استغله حزب جبهة الشعب، والأيام القادمة حبلى بالكثير من الأحداث في باشور كردستان، فلننتظر ونراقب لعل رياح التغيير تأتي بالخير لباشور والكُرد بشكلٍ عام.