سعت مجموعة من الفتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة لتوصيل رسائلهن ومعاناتهن المكبوتة من خلال طرح قصصهن اليومية والعراقيل المجتمعية على خشبة المسرح.
أكدت مخرجة العرض المسرحي “طرف” منال بركات أن فكرة العرض كانت من أجل منح النساء والفتيات ذوي الاحتياجات الخاصة الثقة بأنفسهن، ولأنهن الأكثر قدرة في نقل الرسالة والقضية بصورة أكثر وضوحاً باعتبارهن أكثر الفئات هشاشة في المجتمع.
وقفت ثمان فتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة مبتورات الأطراف تعرضن قصصهن الحقيقية وتحدياتهن على خشبة المسرح، وأبرزن واقعهن المعيشي من خلال تجربتهن الأولى في الأداء المسرحي؛ بهدف إدماجهن في المجتمع.
وقالت مؤلفة ومخرجة العرض المسرحي منال بركات “هذا الإنجاز الحقيقي عبّر عن واقع النساء والفتيات ذوي الاحتياجات الخاصة في فلسطين ويعتبر العمل فريد من نوعه كون الممثلات تجسدن الصورة الواقعية لهنّ، فقد تشاركنا جميعاً في اختيار القصة والمكان، ووجدنا أن معمل الخياطة هو أكثر مكان لتجمع النساء للحديث والتعبير عن أحلامهن وطموحهن” .
وأوضحت أن قوة الفتيات في أداء العمل الفني ساهم في نجاح الفكرة “أقبلت 25 امرأة وفتاة على ورشة الباروميتر واخترنا ثمان منهن للتدريب الحكواتي على مدى 35 يوم، واستخدمنا تقنية جديدة تحت مسمى العلاج المسرحي كأداة نوعية لدعم النساء المبتورات من أجل رفع أصواتهن والتعبير عن القضايا التي تهدد أمنهن اليومي”، مشيرة إلى أنها جمعت قصص المشاركات وخضعت للمعالجة الدرامية بهدف التركيز على أهم القضايا والحقوق المنتزعة مثل التنمر وصعوبة دمج هذه الفئة داخل الأنشطة الاجتماعية.
ونوهت إلى أن هذه الفكرة تأتي من أجل منح النساء والفتيات ذوي الاحتياجات الخاصة الثقة بأنفسهن في ظل الظروف الصحية التي تتعرضن لها، وأكدت أنها استعانت بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لأنها الأكثر قدرة في نقل الرسالة والقضية بصورة أكثر وضوحاً باعتبارها أكثر الفئات هشاشة في المجتمع.
وأكدت أن هناك اتفاقيات خاصة تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منها “الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب تؤكد على أهمية إدماج قضايا الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة كجزء لا يتجزأ من استراتيجية التنمية المستدامة في المجتمع”.
بقدمٍ واحدة ترافقها ابتسامة أمل تقف فاطمة الحلولي (40) عام على المسرح تعبر عن اجتيازها التحديات التي واجهتها حتى وصلت أمام الجمهور لتعرض حكايتها “لم تمنعني الإعاقة من تحصيل بعض حقوقي وممارسة ما أحب، فأنا خريجة خدمة اجتماعية بعد أعوامٍ من التعب والتنمر الذي واجهته من المجتمع”، مشيرة إلى أن المرأة تستطيع أن تبرز قضيتها ورسالتها من خلال المسرح، ومن جانب آخر تحدث تغييرات في شخصيتها وترفع معنوياتها.
وأضافت “لقد أصبت بالإعاقة منذ كان عمري 7 أيام نتيجة إهمال طبي أدى إلى بتر قدمي ومن ثم اضطررت لتركيب الطرف الصناعي كي أستطيع تأدية الاحتياجات الخاصة وهذا الأمر يعد من أبرز المعوقات التي واجهتني، كذلك حين عملت ناشطة مجتمعية في رياض الأطفال رافقني الخوف والخجل من نظرات الأطفال وعدم تقبلهم أني بقدم واحدة لكنني استعنت بأساليب مرحة أثناء تعاملي معهم؛ تخفيفاً من روعهم حتى يتقبلوا الأمر”.
وتصمم فاطمة الحلولي على إكمال مسيرتها الحياتية بالسعي والأمل “من المستحيل أن استسلم للإعاقة وتعليقات المجتمع الظالم، ولا أشعر بأنني من ذوي الاحتياجات الخاصة بعد وقوفي على خشبة المسرح ومواجهة أعداد كبيرة من الجماهير وسرد قصتي من نجاح وتحديات”.
من جهتها قالت شيماء الصافي (28) عاماً، “ترددت كثيراً قبل أن اتجه إلى التدريب المسرحي لكنني رأيت الفكرة مجدية، فكادر التمثيل النسائي واقعي وليس تمثيلي، فقررت أن أفصح عما أعانيه طيلة السنوات السابقة خاصةً أن الفتيات من ذوات الاحتياجات الخاصة لا تتحصلن على حقوقهن كاملة كباقي المجتمع”، لافتةً أن المشكلة الأساسية تكمن في الفكر المجتمعي الرجعي الذي يحتم على ذوات الإعاقة تقبل أقل الإمكانيات.
وأوضحت أنها أنهت مرحلة الثانوية في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة لتلتحق بدورة التجميل الأكثر طلباً في السوق “أردت أن أكون فتاة منتجة وأصنع مصدر دخل كي أشعر بالاستقرار الذاتي والنفسي، فعملت في مركز للتجميل يوفر لي احتياجاتي الخاصة”.
