تل بري (كخت – ( Kahat المدينة الحورية – الميتانية

زاوية شواهد وأوابد ـ رستم عبدو-

يعتبر تل بري أو ما يُعرف تاريخياً باسم كخت الواقعة بالقرب من قامشلو على نهر الجغجغ من المواقع الهامة في الجزء الشمالي الشرقي من سوريا وقد احتل عبر تاريخيه مكاناً استراتيجياً هاماً جعل منه عقدة للمواصلات بين الشمال والجنوب.

يشكل الموقع مساحة والتي تُقدر بـ 37 هكتار (7 هكتار مساحة الجزء العلوي “الأكروبول” و30 هكتار مساحة الأجزاء المنخفضة) ويرتفع عن السهل المحيط به 32 م

بدأ التنقيب في الموقع منذ عام 1980 على يد بعثة إيطالية بإدارة الباحث باولو إيميليو بيكوريلاPaolo Emilio Pecorella الذي كشف عن قصور ومعابد ولُقى أثرية منوعة تعود بداياتها إلى الألف الخامس قبل الميلاد.

ذُكرت “كخت” في نصوص ماري (تل الحرير) التي تعود إلى 1800 ق.م والتي كانت وقتها تابعة لماري. كما ذكر اسم كخت في نصوص العصر الأشوري الوسيط من بين أسماء المدن السبعة الذي احتلها أدد نيراري الأول Adad Nirari I  كذلك ذكر كمحطة هامة على الطريق الملكي الذي يربط بلاد آشور مع منطقة الخابور من خلال النصوص المسمارية التي خلفها الملك الآشوري شمشي أدد الخامس Shamsh Adad IIIII وساركون الثانيSargon II.

ظهرت كخت كمدينة مستقلة في بدايات الألف الثاني قبل الميلاد حيث كان عاصمة لمنطقة بانوم المكونة من أربعة مدن صغيرة هي شاكيني- إيدانو- كالاهويرا- كابينو في القرن الثامن عشر قبل الميلاد كما ورد في مراسلات شمشي أدد ملك آشور وابنه إشمي داجان Ashmi Dagan المدونة على الرقم المسمارية المكتشفة في ماري وذلك قبل أن تخضع لجيش زمري ليم Zamri Lim حاكم ماري وتصبح تابعة لماري.

في تلك الفترة كان النفوذ الحوري – الميتاني الذي كان يتخذ من أوركيش (تل موزان) عاصمة له، يزداد شيئاً فشيئاً ضمن مناطق حوض الخابور العلوي وتمكن من بسط سيطرته على كامل منطقة حوض الخابور لا سيما بعد سقوط مملكة ماري.

في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد تشكلت المملكة الحورية – الميتانية التي امتدت حدودها من جبال زاغروس حتى البحر الأبيض المتوسط واتخذت المملكة من واشو كاني (تل الفخيرية) عاصمة لها. في تلك الفترة تعاظمت شان كخت ودورها وأصبحت واحدة من أهم مدن المملكة خلال القرنين الخامس عشر والرابع عشر قبل الميلاد من الناحية الدينية، فقد ورد في أحد الرُقم المسمارية المكتشفة في ماري عن ذكر معبد مع كامل مقاييسه في كخت يعود للميتانيين وعن أن هذا المعبد كان مخصصاً للإله الحوري تيشوب (إله الطقس) بالإضافة إلى ذكر النسخة من المعاهدة الدولية بين الملك الحثي شوبيليوليوما Shubilioliuma وبين شاتيوازا Shattiwaza الملك الميتاني الذي أودع ضمن هذا المعبد.

وجود هذا المعبد ذو الطابع الدولي دفع بالباحث باولو سالغيني للقول على إن كخت كان مركزاً دينياً هاماً للميتانيين.

عثرت البعثة الإيطالية المنقبة هناك على أواني فخارية من نوع نوزي بالإضافة إلى العثور على كميات كبيرة من الكسر الفخارية من نمط فخار الخابور، كما كشف عن أسوار للمدينة كان يحيط بها من ثلاث جهات فيما كان نهر الجغجغ (الهاليس) يحميها من الجهة الرابعة.