تكتيكات تجنيد المرتزقة السوريين من قبل تركيا وروسيا

سلطت دراسة جديدة الضوء على الممارسات الاستغلالية التي ينطوي عليها تجنيد المرتزقة السوريين من قبل قوى أجنبية، بما في ذلك تركيا وروسيا وأذربيجان، بحسب موقع “ميدل ايست آي” البريطاني.

أصدر المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC)، الخميس، بالتعاون مع (سوريون من أجل الحقيقة والعدالة (STJ))، دراسة عبر بحث ميداني جديد، يدرس الأساليب المختلفة المستخدمة لتوظيف هؤلاء المرتزقة السوريين، وتشمل: الاحتيال على العائلات، وتدني الأجور أو عدم دفعها، والتجنيد من الفئات الضعيفة، مثل النازحين والأطفال.

وتسلط نتائج التقرير الضوء على العلاقة بين اقتصادات الحرب والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في سوريا والنزاعات الخارجية، وتستند إلى تحقيقات الطب الشرعي الرقمي والمقابلات مع المرتزقة والمعلومات مفتوحة المصدر.

استغلال فقر السوريين

ويتضمن التقرير المؤلف من 34 صفحة شهادات مرتزقة سوريين. حيث قال مرتزق من الجبهة الشامية للباحثين إن الظروف المعيشية السيئة، وليس أي التزام أيديولوجي، دفعه إلى التجنيد للقتال في قره باغ: “لدي العديد من الأطفال، هنا في سوريا تدفع لي الجبهة الشامية 400 ليرة تركية فقط كل 50 يومًا، لذلك قررت الذهاب إلى أذربيجان لتأمين حياة كريمة لي ولعائلتي”.

منذ عام 2019، جُنّد آلاف السوريين كمرتزقة من قبل تركيا وروسيا – الوسيطان الأجنبيان الرئيسان في الحرب الدامية في سوريا التي دامت عقدًا من الزمن – للقتال في حروب بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة، ومنذ ذلك الحين، انخرط المرتزقة السوريون في الصراعات في ليبيا وقره باغ عام 2020.

ويروي مرتزق آخر كيف أُرسل إلى ليبيا مع مرتزقة فرقة السلطان مراد التابعة لمرتزقة “الجيش الوطني السوري”، ويشرح كيف حاول كبار المرتزقة الاستيلاء على رواتبهم.

وقال المرتزق في شهادته: “ذهبنا ثلاثة أشهر دون أن نتقاضى أجرًا، وبعد أن طلب كل منا سلفة قدرها 300 دولار، أعطونا 100 دولار فقط واحتفظوا بالباقي”.

تخفيف تكاليف الاحتلال

كما كشف التقرير عن أدلة على تجنيد الأطفال، حيث أجرى الباحثون مقابلة مع أسرة مرتزق اسمه أ. عثمان، والذي قُتل في ليبيا في أيار/ مايو 2020 وهو يبلغ من العمر (19 عامًا) والذي تم تجنيده عندما كان لا يزال قاصرًا. وقال أحد أفراد عائلة عثمان إن والدته صدمت وبشدة بخبر مقتله، وتحدث معها مرتين من ليبيا ليخبرها أنه سيؤمن لها حياة أفضل.

ويقول مُعدو الدراسة إن تحليلهم يجب أن يُنظر إليه في ضوء ظاهرتين رئيسيتين:

أولًا: تنامي انتشار ظاهرة الارتزاق بين القوى الإقليمية والدولية كوسيلة لإبعاد تكاليف التدخل العسكري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال استخدام المرتزقة.

ثانيًا: حجم المعاناة الإنسانية في جميع أنحاء سوريا التي جعلت من الارتزاق أحد الخيارات الممكنة الوحيدة لتحقيق الدخل للشباب السوريين الذين تشوهت حياتهم بسبب الحرب والنزوح.

ويقول التقرير: “بدلًا من التركيز على الالتزامات الأيديولوجية المزعومة للمرتزقة والتي تظهر عادةً في التحليلات الجيوسياسية للمرتزقة السوريين، نسلط الضوء هنا على الوضع المادي لدى المرتزقة وعائلاتهم الذي دفع الكثيرين للتجنيد للقتال في الخارج”.

غاليات سياسية

وكثيرًا ما تتفاقم هذه الظروف بسبب الطبيعة الاستغلالية لتجنيد المرتزقة، ومن المهم توثيق اقتصادات الحرب هذه بالنظر إلى أن هذا التجنيد للمرتزقة قد أثرى وعزز بعض أكثر الفصائل الإجرامية التي يتألف منها مرتزقة الجيش الوطني السوري، بحسب التقرير.

وغالبية المرتزقة السوريين هم من المناهضين السابقين لحكومة دمشق والذين جرفتهم الأمواج في أجزاء من شمال غرب سوريا والتي تقع تحت نفوذ الاحتلال التركي.

كما تم إرسال بعض الأعضاء السابقين في الجيش السوري النظامي ومسلحي الميليشيات المتحالفة معه من قبل لاعبين عسكريين روس، مثل مجموعة فاغنر الغامضة.

وخلال الصراع الأخير في ليبيا بين أبريل/ نيسان 2019 ويونيو/ حزيران 2020، دعمت تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة بينما دعمت روسيا القوات الموالية للمشير خليفة حفتر.

وفي غضون ذلك، في الصراع الذي اندلع العام الماضي في منطقة القوقاز المتنازع عليها في قره باغ، أرسلت تركيا مرتزقة من وكلائها السوريين لدعم أذربيجان ضد أرمينيا.

وكالات