نسرين آكري
كانت المرأة في روج آفا تعاني مثل غيرها من النساء في الكثير من المجتمعات الضعف والحرمان، ومن أبسط حقوقها في (العمل – التعليم – اختيار الزوج)، ولكن بعد قيام ثورة روج آفا التي سميت باسمها لأنها كانت القيادية فيها ولأنها تركت فيها بصمتها بكل قوة، حيث تحررت من العادات والتقاليد البالية ومن القيود التي كانت تكبلها في البيت، وفتحت لنفسها أبواب الحرية بيدها وخرجت إلى الحياة باندفاع لتشارك العمل في كافة مجالات الحياة جنباً إلى جنب مع الرجل. لقد فهمت المرأة في روج آفا المعنى الحقيقي للثامن من آذار، واستوعبت الدروس والعبر منه، لذلك شاركت في القتال والدفاع عن أرضها وشعبها وشكلت وحدات حماية المرأة، التي أثبتت وجودها وقدرتها على محاربة وهزيمة أعداء الإنسانية، أعداءً لم تعرف الإنسانية لوحشيتهم مثيلاً، وتفوقت في ذلك وأذهلت العالم بجرأتها وشجاعتها وحررت الكثير من النساء من براثن داعش، وأحرقت معهن تلك الجلابيب السوداء التي كانت قد لونت حياتهم بلون سوادها. كما أنها شاركت في الحياة السياسية بقوة وفعالية ٍعالية وأثبتت وجودها وقدرتها وحنكتها السياسية، وأوصلت قضية شعبها وأرضها إلى جميع أنحاء العالم بما فيها الدول الكبرى بكلّ أمانةٍ وإخلاص، وناقشت وتحاورت مع أعظم السياسيين في العالم بكل ثقة وشجاعة كما شاركت في جميع المؤسسات والاتحادات التي تشكلت في ظل الإدارة الذاتية.
إن نساء روج آفا وشمال شرق سوريا يدركن تماماً السرّ في نجاحهن والتطور السريع في شخصياتهن وعملهن. ومن خلال عملها الناجح فتحت عينها على الوجه الحقيقي للحياة، وتعرفت على حقوقها وإنسانيتها، لأنها رأت بأنها قادرة على تطور المجتمعات ووضعت كل ثقتها بها لأنها إنسانة قوية الإرادة، قادرة على البناء والعطاء، ويؤمن بقدرتها في بناء المجتمعات والحياة لأنها خالقة الحياة، فشربت من فلسفة قائدها الذي أنار لها دربها.
لذلك خلقت في نساء روج آفا روح جديدة وإرادة جديدة تتغلب على كل نقصٍ كان ينهش في روحها وإرادتها وحياتها، وبهذه الروح الجديدة والإرادة المتفجرة بداخلها أقبلت على الحياة، حياة كلها عمل وإخلاص، حياة تبني الوطن. لقد فهمت المرأة في روج آفا عيدها في الثامن من آذار وحولته إلى عمل ونضال، لأنها تدرك آلام شعبها ووطنها وتشارك الجميع في بناء وطنٍ جديد ديمقراطي حر، الكل يعبر فيه عن نفسه عن فنه عن ثقافته وتاريخه ولغته، وأدركت تماماً مدى أهميتها في المشاركة ومدى قدرتها على العمل والعطاء فالمجتمع لن يكون مجتمعاً حراً متقدماً، إن لم تكن المرأة حرة وفعالة فيه وستبقى نساء روج آفا عظيمات ومثلاً يحتذى به في كل العالم، وسيحتفلن بيوم المرأة الذي أعطته معناه الحقيقي بنضالها ومقاومتها لأنه يوم ٌ صنعته العظيمات وسيستمر بنضال العظيمات.