تقرير/ نشتيمان ماردنلي
روناهي/ قامشلو- نموذج مختلف في البناء والحياة الحرة تعيشها المرأة في قرية “جن وار” الكامنة في محيط مدينة الدرباسية شمال شرقي سوريا, هذه القرية هي إحدى نتاج ثورة المرأة في روج آفا والشمال والشرق السوري، وبتعاونهن استطعن رسم خريطة جديدة لواقع المرأة الحر في مجتمع ديمقراطي كومينالي.
بمشاركة كل من مؤتمر ستار ولجنة الجنولوجيا وعوائل الشهداء وهيئة المرأة ووحدات حماية المرأة والجهات المعنية بشؤون المرأة تم تدشين قرية باسم “جن وار” كفعالية ضمن فعاليات يوم المرأة العالمي لعام 2017وكان افتتاح هذه القرية بتاريخ 25 تشرين الثاني بيوم مناهضة العنف ضد المرأة لعام 2018 لتكون موطن المرأة الحرة.
الحياة في جن وار كيف تسير؟
فتحت جن وار أبوابها أمام النساء من كل الشعوب من اللواتي عانين من اضطهاد المجتمع واللاتي فقدن عائلاتهن أو معيلهن وزوجات الشهداء, لتمكينهن من بناء حياة مستقبلية جديدة يعتمدن فيها على ذاتهن ويدرن أمور الحياة من جميع النواحي بأنفسهن واليوم عندما نجد بأن هذا الشيء طبق على أرض الواقع ندرك تماماً بأن المرأة بنت لنفسها أساس متين لتتخلص عن العادات والتقاليد البالية التي وضعتها في محيط ضيق كانت تحاصرها وتحد من حريتها، فاليوم يكتب التاريخ إنجازات حققتها المرأة بسواعدها.
وفي الوقت الحاضر نجد بأن النساء من مناطق مختلفة ومن شعوب مختلفة يعشن سوياً في جن وار فهناك من باكور كردستان ومن باشور أيضاً وهناك نساء إيزيديات وأخرى كرديات وعربيات يتقاسمن العمل في جن وار ليشكلنَ نسيج متكامل باتحادهن.
خلال زي
المواشي, ومنهن من تخبز الخبز الطازج كل صباح لجميع نساء القرية, والأمهات تهيئن أطفالهن للذهاب إلى المدرسة، حيث أن الدوام المدرسي لأطفال جن وار يبدأ من الثامنة صباحاً إلى 12 ظهراً, ويتشاركن في جميع الأعمال في القرية من النظافة والطبخ والتنظيم في إيمان تام بأن المرأة قادرة على إدارة نفسها بنفسها.
خلية جن وار المتكاملة
تضم القرية أكاديمية للعلوم النسائية يتم فيها تدريس تاريخ المرأة وبطولاتها على مدار التاريخ بالإضافة إلى متحف يضم كل ما يتعلق بتاريخ المرأة من أعمال وصور وقطع أثرية, كما ويوجد مشفى خاص بالطب العربي، حيث ابتعدن في القرية عن استعمال الأدوية الكيميائية وقررن التداوي بالطب العربي, وبخصوص التعرف أكثر على تنظيم القرية التقينا مع الإدارية في مشفى جن وار هيفيدار هركول لتحدثنا عن آلية العمل في المشفى الخاص بهن قائلةً: “منذ افتتاح المشفى في جن وار بدأنا بتقديم دورة تدريبية لنساء القرية لكل من الطب العربي والطب العلمي، حيث شملت الدورة تطوير الناحية الفكرية حول أجسادهن وكيفية الوقاية من الأمراض التي تظهر عند المرأة أكثر, وأيضاً إبداء جهود أكثر لتطوير الطب العربي وكيفية العلاج بالأعشاب الطبيعية، وتم تصنيع مرهم لمعالجة الحروق، وأيضاً زيت للترطيب وعلاج تشققات الجلد ومواد لمعالجة أو تخفيف آلام الظهر بالمواد الطبيعية أيضاً”.
يتم في جن وار زراعة الكثير من الأصناف الغذائية ولا تقتصر منتجات الزراعة على حاجة سكانها فقط, حيث أنهن يختزنن ما يكفيهن من الغذاء ويقمن ببيع كميات أخرى من محاصيلهن في المدن كخطوة لتعزيز اقتصادهن وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنطقة.
جن وار كغيرها من المناطق في شمال وشرق سوريا كانت معرضة لهجمات الاحتلال التركي، فعند هجوم دولة الاحتلال التركي على مناطق عدة مثل سري كانيه فأن نساء جن وار قاومن وتشبثن بموطنهن الحر وبقين فيها لحمايتها إلا أنهن اضطررن إلى إبعاد الأطفال عن القرية للحفاظ على سلامتهم من هول الهجمات الوحشية الذي كان يشنها المحتل التركي في ذلك الوقت.
تمثل نساء جن وار المرأة الحرة القوية التي لا تخشى البقاء وحدها بسبب تنميط المجتمع هذه الفكرة عنها، لأن هدفهن من إنشاء القرية هو الاعتماد على الذات وإزالة الخوف والمصاعب التي تواجهها بنفسها, وإدارة أمور الحياة بنفسها، قرية تمثل النموذج الكومينالي الذي كانت تتبعه المرأة في العصر النيوليتي بأن يكون كل شيء منظم.
