الشدادي/ حسام دخيل –
تسبب الجفاف، وانخفاض معدل هطول الأمطار إلى تراجع كبير في الزراعة البعلية، والتي يعتمد عليها أكثر من سبعين بالمائة من المزارعين في مناطق شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى تضرر الزراعة المروية، لعدة عوامل، أهمها التحكم بمياه الأنهار، والتي تعدّ الشريان الرئيسي للزراعة المروية في المنطقة، فضلاً عن انخفاض كمية الدعم المقدمة للمزارعين، الذين يعتمدون على الآبار الارتوازية في ري أراضيهم، ما تسبب بانخفاض كبير في مردود أكبر القطاعات، التي يعتمد عليها الأهالي، وهو القطاع الزراعي.
وفي مدينة الشدادي جنوب الحسكة، تسبب الجفاف بخروج غالبية الأراضي المزروعة، بمحصولي القمح، والشعير بعلاً عن الخدمة، حيث لم تشفع لهم كميات الأمطار، التي هطلت مع بداية هذا العام، ما تسبب بخسائر جمة لهم، فضلاً عن عزوف المزارعين عن زراعة أراضيهم بمحصول الكمون، الذي دخل إلى المنطقة منذ قرابة أربعة مواسم.
ويقول المزارع أسعد الحسن، لصحيفتنا “روناهي”: “في الأعوام السابقة كنت أستأجر قرابة المئة دونم؛ لكي أقوم ببذرها بمحصول الكمون، بعد النجاح الذي حققه في المواسم المنصرمة، ولكن في هذا الموسم لم أقم بزراعة متر واحد، فالموسم غير مبشر على الإطلاق، فقد خسرنا أراضينا، التي زرعناها بمحصولي القمح، والشعير، ولا نريد أن تزيد الخسارة علينا، إذا ما قمنا بزراعة الكمون.
ودخلت زراعة الكمون إلى المنطقة في الموسم الزراعي 2017 ـ 2018 وحقق نجاحاً كبيراً، بعد تجربته من قبل بعض المزارعين، ما شجّع أهالي المنطقة على زراعته، وبمساحات واسعة في المنطقة.
وأضاف الحسن: “يجب على الإدارة الذاتية في هذه المرحلة التركيز على الزراعة المروية في المنطقة، ودعم المزارعين بكل ما يحتاجونه، وأهمها المحروقات اللازمة لتشغيل المضخات لري الأراضي بالإضافة إلى تقديم الأدوية اللازمة، ورش المبيدات الحشرية مجاناً للمزارعين؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموسم الحالي”.
فيما قال المزارع ياسر الأحمد: “كنت قد اشتريت الكمون في وقت سابق من الموسم الماضي؛ لكي أقوم بزراعته هذا الموسم، ولكن جرت الرياح بما لم تشتهِ سفينتنا، فهذا الموسم يبدو الأشد جفافاً على المنطقة، وغير مناسب للزراعة البعلية، لذلك غالبية المزارعين وبنسبة تسعين بالمائة، عزفوا عن زراعة الكمون هذا الموسم، بالإضافة إلى تعرض كثير منهم لخسائر فادحة، بعد زراعتهم للقمح والشعير بعلاً؛ بسبب قلة الأمطار، والتي لم تزر منطقتنا هذا الموسم سوى مرة واحدة”.
وأضاف “تأملنا خيراً عند هطول الأمطار، والثلوج في المرة الماضية، ولكن كان لله رأيٌ آخر، لم تهطل بعدها الأمطار نهائياً، ما تسبب بفقدان غالبية المزارعين، الذي يعتمدون على الزراعة البعلية، الأمل نهائياً”؛ لافتاً إلى أن شهر شباط لم يتبق له سوى بضعة أيام، ولم يهطل المطر، فالوضع سيء جداً، وإذا ما استمر على هذه الشاكلة لمواسم أخرى، سيتخلى أكثر من مليون إنسان في شرق سوريا عن الزراعة، وهذا يعني تحول سلة سوريا الغذائية من منتجة إلى مستهلكة وهذا ما تبين خلال هذه الفترة من خلال بعض الأزمات، التي تعيشها المنطقة، وأهمها أزمة الخبز، والذي يعد القمح المصدر الرئيسي لها.
وتراجع الإنتاج الزراعي في إقليم الجزيرة منذ عام 2011 إلى هذه اللحظة، بنسبة كبيرة، وصلت لأكثر من خمسين بالمائة، وبنسبة أعلى في بعض أنواع المحاصيل، فيما كانت تعدّ الجزيرة السورية السلة الغذائية لكامل سوريا، ويعتمد غالبية سكانها على الزراعة، ويزرع فيها أهم المحاصيل الاستراتيجية، مثل: القمح، والشعير، والقطن، والكمون، بالإضافة إلى عشرات الأصناف الأخرى من النباتات العطرية وغيرها.