اضطر مروان العنبري (46عاماً) وهو من سكان حي التجارة بدمشق للانتقال إلى حي الدويلعة، بعد إنذار صاحب منزله السابق بأنه يرغب في رفع قيمة الإيجار إلى 500 ألف ليرة، بعد أن كان في السابق 300 ألف ليرة. وقال “العنبري” الذي يملك ورشة ميكانيك سيارات في حي الصناعة إنه اضطر لإخلاء المنزل: “لأن إيجاره يفوق قدرتي في ظل تراجع العمل في الورشة وازدياد المصاريف”.
“نصف الإيجار”
وبفضل بعض الأصدقاء المقيمين بالحي استطاع أن يسكن في الدور الثاني لمنزل من أربع غرف، وبنصف الإيجار الذي كان يدفعه في منزله السابق.
وفي الآونة الأخيرة ارتفعت وتيرة انتقالات السكان ضمن أحياء مدينة دمشق، نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحرجة التي تمر بها البلاد وارتفاع إيجارات المنازل التي شهدت قفزات كبيرة على مراحل متعددة، متأثرة بتراجع قيمة الليرة. ويعتبر حي الدويلعة الواقع شرق العاصمة من الأحياء التي شهدت إقبالاً متزايداً على الإيجار والسكن به.
ويعد من الأحياء الشعبية المنتشرة على أطراف العاصمة، ويصنف في عداد العشوائيات. معظم منازله تأخذ شكل البيت العربي التقليدي المكون من دورين، حيث يتوسط المنزل غالباً فسحة سماوية، ودرج يوصل للدور الثاني.
وتتراوح إيجارات المنازل في الدويلعة بين 100 و150 ألف ليرة شهرياً، فيما تتراوح في أحياء مثل التجارة والقصاع بين 400 و600 ألف ليرة، وغالباً يكون الشرط دفع أجرة ستة أشهر أو عام كامل، وذلك حسب عدد الغرف ووضع المنزل. ويصل إيجار بعض المنازل في منطقة عرنوس إلى 700 ألف ليرة شهرياً، وتزيد عن المليون بحي فيلات شرقية في المزة وأبو رمانة والمالكي.
عقود وهمية
ووفقاً لما ذكره رامي حسين، وهو اسم مستعار لمحامٍ في دمشق، فإنه في الفترة الماضية تم فسخ العديد من عقود الإيجار التي سبق وأن نظمها، بسبب رغبة المالك برفع قيمة الإيجار بشكل لا يستطيع المستأجر تحمله.
ورأى المحامي أن “الدولة” تعجز عن التحكم بقيمة الإيجارات حتى مع إلزام السكان بتنظيم عقود الإيجار، حيث يلجأ المالكون لوضع قيم إيجار وهمية وتحديد مدة العقد بشهر واحد بحيث يستطيع المالك إخراج المستأجر “متى يحلو له”.
كما يلزم المستأجر بدفع مبلغ تأمين عن أي ضرر يحدث للمنزل يتراوح بين ضعف وضعفي الإيجار، وهو مضطر دائماً للقَبول بالشروط التي يضعها المالك نظراً لقلة الخيارات.
شروط للإيجار
وعانت سميرة خوالدي (23 عاماً) وهي طالبة في كلية التربية بجامعة دمشق وتنحدر من مدينة دير الزور طيلة ثلاثة أشهر حتى استأجرت غرفة في منزل بسكن مشترك في الدويلعة، حيث رفض العديد من السماسرة مساعدتها أو أصحاب المنازل تأجيرها.
وأشارت الطالبة التي تعمل كمربية في روضة بدمشق، إلى ندرة مشاهدة المكاتب العقارية في الحي، حيث: “يقتصر العمل على بعض السماسرة الذين يقومون بدلالة الناس لكن بشرط معرفتهم أو قدمهم عبر أحد المعارف في الحي”.
وتفضل “سميرة” المنزل الجديد على منزلها السابق رغم سوء وضعه ورداءة المرافق فيه بسبب قدمه، وذلك نظراً لقيمة الإيجار التي تشكل نصف ما كانت تدفعه سابقاً.
ويبلغ آجار غرفتها في الدويلعة 40 ألف ليرة، فيما كانت تدفع أثناء إقامتها في منطقة باب شرقي 75 ألف ليرة شهرياً.
ويؤجر سليم دحدل (67 عاماً) وهو موظف متقاعد من سكان الدويلعة الغرف بشكل مفرد على أن يقيم في الغرفة شخص واحد فقط، “وحصراً أن يكون من طلاب الجامعات”.
وبحسب قوله، إنه يعتمد هذه الشروط حتى لا يزعج باقي سكان الحي، حيث يعتبر الطلاب من: “أكثر الفئات التزاماً بالهدوء وقلة المشاكل”.
ولا يلجأ “دحدل” لتنظيم عقود إيجار للمستأجرين، ويعتمد الثقة المتبادلة بينهم، خاصة أنه لا يقبل المستأجر دون معرفة سابقة به أو تزكية أحد المعارف به.
