انتفاضة جينا أميني… ثورة المرأة الحياة الحرية

هيفيدار خالد_

عامٌ من الانتفاضة الشعبية، التي أشعل شرارتها مقتل الشابة الكردية جينا أميني على يد السلطات الأمنية في العاصمة الإيرانية طهران، وما يزال النظام الإيراني متمسّكاً بسياسته تجاه الشعب الإيراني وخاصّةً فيما يتعلّق بالنّساء.

ورغم محاولات السلطات الإيرانية المستمرة للقضاء عليها وتكبيلها، فإن تلك الانتفاضة الحاشدة المطالبة بتحقيق العدالة لقضية جينا أميني، ازدادت زخماً، وسرعان ما تحوَّلت إلى ثورةٍ حقيقيةٍ في البلاد، وذلك تحت الشعار التاريخي ” “Jin jiyan azadî المرأة الحياة الحرية.

خرجت النساء من أطياف المجتمع الإيراني كافة، ومن مختلف انتماءاته وطبقاته بقيادةٍ نسائيةٍ إلى الشوارع والساحات العامّة، تعبيراً عن تضامنهن مع قضية جينا أميني التي أصبحت فيما بعد قضية النساء في المنطقة، بدأت الاحتجاجات من المناطق والمدن الكردية في شرق كردستان، ولكن سرعان ما اتَّسعت لتشملَ مدنَ طهران وباوه، وبانه، ومهاباد، ورشت، وسننداج، للتنديد بانتهاكات وممارسات ما تسمى بشرطة الأخلاق وسط دعواتٍ لحلها.

شعار “المرأة الحياة الحرية”، الذي رفعته النساء في التظاهرات الشعبية الحاشدة ألهب قلوب الباحثين عن الحرية والحقيقة، وأصبح مصدراً للقوة والثقة، والإرادة والنضال المشترك في وجه المنظومة الأبوية الحاكمة، بعد أن أثبت أن فلسفة المرأة الحياة الحرية، هي بمثابة خريطة النضال الحر في القرن الحادي والعشرين. وهو شعار مستلهم من أفكار القائد عبد الله أوجلان حول المرأة. نعم النساء بشعارهن وُجدن في صدارة هذه المعركة، ومن المدافعين الحقيقيين عنها. إذ أكدن مراراً وتكراراً عبر وقفاتهن واعتصاماتهن أن زمن الأنظمة الديكتاتورية والنظام المتسلط والذهنية الذكورية قد ولّى، وأن المعركة اليوم معركة أيديولوجية حقيقية من أجل تغيير النظام السياسي في البلاد.

النساء الكرديات والإيرانيات الشجاعات، اللواتي ساهمن منذ اليوم الأول في الحركة الاحتجاجية، التي تلاقت فيها ألوان قوس قزح في إشارةٍ إلى التنوّع الثقافي، والعرقي للشعوب المشاركة فيها، أضفن لتلك الانتفاضة القوة وبعثن فيها الإرادة الحرة والعزيمة، والإصرار على النضال الأيديولوجي في وجه السياسات والانتهاكات والممارسات، التي تحاول استهداف إرادة المرأة الحرة، التي تحققت بفضل النضال المتواصل. ولأن الخطوات الجريئة والطفرات الكبرى من النساء دائماً ما تواجه بالعنف والرعب من سلطة الرجل، كان لا بدَّ للنساء من الرد بوسائل وأساليب بناءة إذا ما أردن الحفاظ على زخم ثورتهن العالمية.

واليوم بعد مرور عامٍ على ذكرى مقتل جينا أميني، التي بعثت الروح والإصرار والعزيمة في نفوس الشعب الإيراني، الذي وجد فيها بادرةً للخروج من دوامة المآسي والعنف والاضطهاد بحق المرأة الإيرانية، لا بد للنساء الكرديات والإيرانيات من تصعيد نضالهن الأيديولوجي، والتنظيمي في وجه سياسات سلطة الرجل، التي ترى في المرأة خطراً على مخططاتها. والخروج إلى الساحات وتعزيز مقاومتهن أكثر من أي وقت مضى، والعمل من أجل نضالٍ حقيقيٍّ يلبّي مطالب النساء، اللواتي خرجن في هذه الانتفاضة وخاصةً اللواتي استشهدن من أجل حياة حرة، تسودها الحرية، والسلام، والعدالة.