النساء من يدفعن فاتورة الحروب والصرعات الدموية

هيفيدار خالد_

أدّت الحروب المشتعلة منذ آلاف السنين في المنطقة، والتي تؤجِّجها سياسات الدولة القومية والنظام العالمي القائم على استهداف هوية الشعوب، إلى حالةٍ من الفوضى وعدم الاستقرار، بالإضافة إلى خلق صراعٍ دمويٍّ ذي طابعٍ عنصريٍّ لا إنساني، تغذيه مشاعر الحقد والكراهية والإنكار والمحو.

سياسات الإبادة الممنهجة، تلك التي قادها الحكام المهيمنون على العالم زادت وتنامت بعد أن اتخذ أولئك القادة سلاح قتل الأبرياء والمظلومين هدفاً لهم، في انتهاك صارخ لقوانين حقوق الإنسان أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي، الذي غضّ الطرف منذ زمنٍ بعيد عن المظالم المرتكبة بحق الساعين للعيش بحرية وكرامة على أرضهم وتراب وطنهم الأم، فالشعوب التواقة للحرية غالباً ما تدفع فاتورة حروب ضحاياها النساء والأطفال الأبرياء.

نعم الحروب التي تشنها السلطات الحاكمة المشبعة بالذهنية الذكورية هي أشد أشكال العنف المطبقة ضد المرأة وبأساليبها الوحشية والمنهجية كافة، تلك التي لا تمتلك من الإنسانية شيئاً. حيث تتعرض النساء لعمليات الاعتداء الجنسي والنفسي بالإضافة لموجات النزوح والتهجير من ديارهن.

وقد رأينا مؤخراً هجمات الجيش الأذربيجاني ضد الشعب الأرميني قد ألحقت أضراراً كبيرة بمستقبل حياته، وعلى وجه الخصوص المرأة الأرمنية، فتعرضت نساء أرمنيات لانتهاكات حقوق الإنسان على يد جنود أذربيجان. وكذلك التصعيد الأخير بين حركة حماس، والإسرائيليين في قطاع غزة الفلسطيني ليس ببعيد، إذ خلق حالة من الهلع والفوضى وحالات عنف غير مسبوقة تعرضت لها العديد من النساء.

ما حدث ويحدث للمرأة من مجازرَ وانتهاكاتٍ غريبة على الفطرة البشرية، ولكنه ليس بغريب على مجتمعٍ اعتاد هضم حقوقها في حالة السلم، فكيف بحالها إذاً في حالة الحرب؟ حيث الجرائم والعنف الوحشي دون أي محاسبة لمرتبكيها. تصرفات الجنود الأذربيجانيين ضد النساء الأرمنيات.

انتهاكات وممارسات خلقت ظروفاً صعبة خاصةً على النساء، اللاتي هجرن من أرضهن، وتقطعت بهن السبل في مخيمات اللجوء.

وهجمات الدولة التركية ضد الشعب الكردي بشكل عام وشمال وشرق سوريا بشكل خاص، على مرأى ومسمع من العالم، يبين مدى خطورة سياسات النظام الذكوري ومخططاته ومؤامراته ضد الشعوب المضطهدة والمقهورة، حيث أقدم رئيس النظام التركي رجب أردوغان على تنفيذ مجازر بحق الأبرياء بدمٍ بارد وبتواطؤ مع قوى إقليمية ودولية، دون أي تنديدٍ أو شجبٍ أو استنكار من مجتمع طالما اعتاد الشجب والاستنكار فقط دون أن يحرِّك ساكناً لنصرة مظلوم أو ردع ظالم.

ولذلك فإنه يتطلّب من النساء تنظيم الصفوف وتجميع القوى التي يستطعن من خلالها الحد من هذه الهجمات والسياسات الممنهجة، إضافةً إلى ممارسة مفهوم الحرية للمرأة في المجتمع، وتدارك أهميته البناءة، ذلك إذا ما أردن الوقوف في وجه التحديات، التي تواجههن واجتثاثها من جذورها التاريخية والفكرية والسياسية، إلى جانب التركيز على الحماية الجوهرية وتقوية تنظيم المرأة في ميادين الحياة كافة، والإيمان بقوتها الأبدية ونضالها من أجل الخلاص من براثن الظلم والاستبداد.