النزاع أمر ضروري لا مفر منه..

نورا خليل-

في سياق الوساطة وتفشي النزاع وكذلك الاحتياجات والمواقف والمصالح ماذا نقول؟ وماذا يجب أن نحصل عليه وما نريده حقاً؟

النزاع أمر ضروري ولا مفر منه في العلاقات الإنسانية حيث لا يتجزأ منه، ولكن كيف يمكننا التعامل معه؟ وكيف نتعلم وننمو؟  كيف نتعاون في سبيل حل النزاعات بطريقة بناءة وإيجابية؟ وهل من مبادئ توجيهية أساسية للتحويل البناء للنزاع؟

طبعاً الكثيرين كتبوا عن إدارة النزاعات منهم فريدريك غلاسيل وفيشر وغيرهم الكثيرين, نحن كوسطاء عند التعامل مع المشاكل يجب فصل الأشخاص عن المشاكل, فعند التعامل مع المشاكل غالباً ما نعبر عن غضبنا تجاه الشخص الذي ربطناه في عقولنا بمشكلة معينة, وفي حالات معينة نأخذ تصريحات حول مضمون المشكلة ونعتبرها هجوماً شخصياً بهذه العلاقات المتبادلة بين الأشخاص مع المشكلة، وتحدث هذه العملية بشكل تلقائي عند تصعيد النزاع, وكنتيجة لذلك يتم التعامل مع الشخص أو الأشخاص أو المشكلة القائمة بينهم على أساس أنهم نفس الشيء، وبدلاً من التركيز معاً على حل المشكلة نعتبر الشخص الآخر هو المشكلة, لا يعتبر التعامل مع المشكلة موضوعية أو الحفاظ على العلاقات الجيدة بين الأشخاص من أهداف النزاع, بل يركز التحويل البناء للنزاع على فصل الاشخاص عن المشكلة, ولذا يجب تسهيل هذا التحويل في عقلية أطراف النزاع أثناء عملية الوساطة فقد يدخل أطراف النزاع عملية الوساطة وهم يتصورون أن الشخص الآخر هو المشكلة.

الحديث يطول والانتقال من المواقف إلى المصالح والاحتياجات وكذلك تغير وجهات النظر، فلا توجد حقيقة موضوعية في التعامل الإنساني، فكل إنسان يستوعب موقف معين وفقاً للتجارب التي مر بها سابقاً في حياته، وكلما اختلف التجارب بين الأشخاص اختلف إدراكهم لنفس الموقف، وبالتالي فإن تغير وجهة النظر هي نقطة التحويل في التحويل البناء للنزاع.

فمن المهم أنه قبل أن نبدأ النظر في مقدار الثقل الذي سيعطي لعملية حل النزاع أن نسعى إلى التخطيط، ويجب أن يكون خفيفاً ومرناً ومتجاوباً مع الظروف المتغيرة، وعلى أمل أن ندرك كشعب سوري بأن حلول النزاعات في وطننا لا تكون فقط بالربح أو خسارة أحد الأطراف على حساب الآخر الذي يطيل أحد النزاع ويمنع إمكانية حله, وعلى أمل أن نصل إلى خيارات الربح للجميع وتوليد خيارات الربح المشترك لكل السورين, وعلى أمل أن يكون للنساء دور في تسوية الأزمة السياسية التي وقعت في سوريا عقب الربيع العربي والتي بلغت ذروتها, وأن يحدث إدماج رسمي للمجموعات والقيادات النسائية في المفاوضات الرئيسية والتي ستكون سابقة هامة وستكون هناك إمكانات وطاقات لإحياء تلك المكاسب في المستقبل القريب، فالمرأة هي قوة التغيير.. كوني سر قوتكِ.