تل كوجر/ مثنى المحمود ـ
للعام الثاني على التوالي ومناطق تل كوجر دون موسم زراعي، حيث الخوف من أن “دواليب” الحصادات لن تدور في الأراضي الزراعية بسبب الجفاف وقلة الأمطار.
تشهد مناطق شمال وشرق سوريا عامَ مَحلٍ وقحطٍ ثانٍ بعد العام الماضي، الذي مر شبيهاً لهذا العام، لكن تختلف نسبة الضرر من منطقة إلى أخرى، إذ أن منطقة تل كوجر وريفها المحيط تعد الأكثر تضرراً، نظراً لطبيعة أراضيها وندرة الأمطار التي هطلت في هذه المنطقة، ما سبّب جفافاً عاماً يتخلله بعض الزرع الأخضر العائد للزراعة المروية التي قد تكون حسّنت المشهد قليلاً.
لم ينبت شيئاً
جرت العادة أن يكون هناك ناجياً وحيداً في كل الكوارث التي تصيب الزرع، أي أن ينجو محصول أو نوع من أنواع المحاصيل الشتويّة التي تزرع، لكن هذا العام لم يسلم شيء، حيث يقول المزارع مصطفى الحاجي: “في سنوات الجفاف كنا معتادين أن يسلم الكمون مثلاً أو الكزبرة أو ما شابه من محاصيل عطرية، نظراً لحاجتها القليلة للمطر، وفي سنوات أخرى كان موعد الزراعة يُنقِذ بعض المحاصيل إذ أن بعض المزارعين كان يعمد إلى الاستفادة من تأخير موعد الزراعة بغية الاستفادة من الأمطار التي قد تهطل في نهاية فصل الشتاء، وعلى العكس تماماً كان البعض ينتهج منهج الزراعة المبكرة، لعل العكس يحدث وبدء الشتاء باكراً وتتم الاستفادة من ذلك، لكن لم يحدث لا هذا ولا ذاك ولم تفلح كل تلك الخطوات، إذ لم ينبت شيئاً، وما نبت لا يمكن حصاده”.
إلى أفواه وبطون الماشية
ما يحصل الآن على صعيد جميع المزارعين وأصحاب المحاصيل التي استطاعت مقاومة الجفاف، واستفادت من زخات المطر المتفرقة، أن الكل له خيار واحد لا ثاني له، ألا وهو بيع الأراضي المزروعة لرعاة الأغنام، أي يتم تضمينها، حيث يُقدم أصحاب المواشي على شراء الزرع وانتظاره حتى يتعرض للتيبس، كي يتسنى للماشية تناوله، يتم بيع الدونم الواحد بحوالي خمسة عشر ألف ليرة سوريّة، رغم استفادة أصحاب المواشي من هذا السعر البخس إلا أنهم كانوا يُحبذون لو كان هناك موسم خصب إذ يقول مربي الأغنام عباس السليم: “إن ما تأكله أغنامنا الآن، سوف يضعنا في ورطة البحث لها عن العلف في فصل الشتاء”، ويضيف السليم أن “هلاك الموسم الزراعي يؤثر في الدرجة الأولى على المواشي، وأن ما ترعاه المواشي الآن بسعرٍ بخس، سوف ينعكس سلباً على العلف في الشتاء وفرق الأسعار الآن سوف يظهر عند البحث عن التبن بعد عدة شهور، إذا بات الآن الراعي والمزارع في “مهب الريح” جراء الجفاف الحاصل والقحط، الخسائر الجمة التي تعرض لها المزارعون هذا العام”.
الأمل الأخير
يتبقى لدى أبناء المنطقة أمل أخير، علّه يُنقذ موسم قضى معظم المواطنين، عامهم الماضي يحلمون بسيناريو مغاير لما حدث هذا العام، لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن تتوالى سنوات الجفاف ويمر المواطنون بذات ظروف العام الماضي، لكن يبقى الأمل في الزراعة المروية التي كلفت المزارعين جهداً وتكاليف مضاعفة، حيث اضطر المزارعون إلى زيادة عدد ساعات العمل في سقاية الأراضي نظراً إلى قلة الأمطار في الآونة الأخيرة، يضاف إلى ذلك الضغط النفسي إذ أن الموسم المروي لم يعد يُشكل هاجساً لدى المزارع فقط، بل إنه غدا أمل الجميع، حيث نحتاج جميعاً للحد الأدنى من محصول القمح الذي يُعد الحاجة الأولى نظراً لتعلقه بمادة الخبز الأساسية في غذاء أبناء شمال وشرق سوريا، والكل يتخوّف حالياً من انقطاع القمح الذي سوف يؤدي إلى مشاكل جمة تلقي بظلالها على حياة المجتمع في شمال وشرق سوريا بشكلٍ عام ، إذا يتبقى علينا انتظار نهاية الموسم لنشاهد المشهد الأكثر جمالاً ألا وهو الحصادات وهي ترسم دوائرها داخل الأراضي الزراعية لعل هذا العام يمر رغم جميع الضغوط بأقل الخسائر الممكنة.
