المرأة في عالم العمل المتغير وصعوباته…

روناهي/ قامشلو ـ يستيقظن قبل شروق الشمس ومع زقزقة العصافير، كي يذهبن لأعمالهن، هذه الأعمال التي تعتبر شاقة بالنسبة لهن ولأعمارهن، كل ذلك من أجل تقديم العون لأسرهن في ظل أوضاعهم المعيشية الصعبة.

تختلف أسباب عمل المرأة في المجتمعات، فقد تلجأ المرأة للعمل بغاية المساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية، ولتحسين أوضاع العائلة، فيكون وضعها الاقتصادي هو الدافع الأساسي للبحث عن العمل، فتجد في نفسها المنقذ للأسرة من الناحية المادية في بعض الأحيان.

وحول هذا الموضوع وعن مشاركة المرأة في العمل؛ التقت صحيفتنا “روناهي” مع العديد من العاملات اللواتي يعملن في زرع البصل بريف ناحية عامودا، مقابل أجر لا يتجاوز ثلاثة آلاف ليرة سورية وبدوام ست ساعات يومياً.

في البداية التقينا مع الطفلة العاملة زهرة عز الدين البالغة من العمر ثلاثة عشرة عاماً، والتي أشارت لنا في حديثها إلى سبب انقطاعها عن الدراسة في هذا السن المبكر، حيث اضطرت للعمل من أجل مساعدة عائلتها، وقالت: “مع ارتفاع الأسعار أصبحت المعيشة صعبة للغاية، لذلك أجبرت على ترك دراستي لمساعدة عائلتي، تتكون أسرتي من ستة أفراد بالإضافة إلى والداي، ووالدي لا يستطيع إعالتنا بمفرده”.

وفي نهاية حديثها تمنت زهرة عز الدين أن تنخفض الأسعار، وأن تقدم الجهات المعنية المساعدات للعوائل التي تعاني من أوضاع مادية صعبة.

عملنا متعب

أما العاملة “مطره رجب” البالغة من العمر 42 سنة من أهالي منطقة الكرامة التابعة لمدينة الحسكة، وقد توفي زوجها منذ ١٥ عاماً، ولديها خمسة أولاد تضطر لإبقائهم في المنزل لوحدهم، فهي تعمل من أجل إعالة أولادها وتأمين مصروفهم اليومي، فبينت لنا مطره قائلةً: “أعمل منذ خمسة عشر عاماً، وذلك منذ وفاة زوجي، لأصرف على أولادي ما أجنيه بعرق جبيني، ولكن جميع الأسعار أصبحت باهظة، وأصبحت الأمور المعيشية صعبة علي وحدي من أجل تأمين كل شيء لأولادي”.

الصعوبات

منوهةً إلى الصعوبات التي تواجهها في تأمين مستلزمات المنزل من الغذاء واللباس لأولادها من المال الذي تجنيه لقاء عملها اليومي، ورغم مشقة العمل وصعوبته بالنسبة لها ولكنها مجبرة على العمل، وزادت: “وأيضاً أخاف على أولادي عند إبقائهم في المنزل، أخاف عليهم من الكهرباء والماء فهم صغار لا يعلمون مدى خطورة الأشياء، ولا أستطيع الجلوس في المنزل لأننا بلا معيل”.

وأوضحت مطره بأنها تضطر للاستيقاظ باكراً والعمل لساعات طويلة فتأتي إلى منزلها في المساء وكل ذلك من أجل تأمين حياة سعيدة لأطفالها، ولكنها لا تستطيع، فأولادها “محرمون من أشياء كثيرة”، حسب تعبيرها.

أجرٌ زهيد..

أما العاملة “ريما عزيز” فحدثتنا عن عددهن الذي يتجاوز سبعين عاملة، وبأن قديماً لم يكن تعمل النساء الكبيرات في العمر في هذا العمل، ولكن الظروف المعيشية الصعبة أجبرتهن على العمل: “نعمل ست ساعات يومياً مقابل ثلاثة آلاف ليرة، حيث نقوم بزراعة البصل، فكل امرأة لديها أولاد ومنزل، ويحتجن لتأمين المواد الغذائية والمستلزمات الأخرى، وكلنا نعلم كيف أصبح الغلاء المعيشي بسبب تدني قيمة الليرة السورية”.

مبينةً بأن كل أربع أو خمس نسوة من منطقة واحدة يجتمعن في سيارة واحدة، ويؤخذن لمناطق العمل، وأضافت: “جميع العاملات التي يعملن معها من سكان المناطق التابعة لمدينة الحسكة، حيث نخرج في ساعات الصباح الباكر قبل شروق الشمس، ونتواجد في مكان العمل الساعة السابعة صباحاً، نعمل بحسب محاصيل فصول السنة”.

مؤكدةً بأنهن مجبرات على العمل، فمن بينهن اثنتا عشرة عاملة لم تتجاوز أعمارهن خمسة عشر عاماً، بحسب قولها، وأردفت: “نعمل ما يطلبه منا صاحب الأرض، الآن نعمل في زراعة البصل، وبعدها يوجد عمل تعشيف الكمون، وأيضاً نعمل في زراعة الخضار وجني محصولها وغيرها الكثير من الأعمال الزراعية”.

وفي النهاية اختتمت ريما عزيز حديثها؛ قائلة: “أصبحت الظروف المادية قاسية، حتى لو أننا قمنا بالتوفير والتقليل من استهلاك المواد، لن نستطيع توفير أي شيء بسبب الغلاء الفاحش، لذلك نتمنى أن تزول هذه الضائقة المادية وأن نعيش بسلام في وطننا”.