المرأة خلال الأزمة السورية… بين المعاناة والتحديات

الشهباء/ فريدة عمر –

---

تعرضت المرأة السورية على مدار السنوات الماضية، منذ بدء اندلاع شرارة الثورة، لأنواع مختلفة من الانتهاكات على امتداد جغرافية البلاد، لكن آلاف السوريات وبالتحديد نساء مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، ما زلن يقاومن المعاناة لنيل حقوقهن وحريتهن.

أصبح الشرق الأوسط، وبالتحديد سوريا، مركزاً للحرب العالمية الثالثة، وحلبة صراع للعديد من الدول الكبرى لتصفية حساباتها، ولتمكين مصالحها. فعلى مدار 13 عاماً من الأزمة السورية، عملت العديد من الدول، التي لها اليد في إطالة عمر الأزمة، على إخماد شرارة الثورة، وتغيير مسارها، من ثورة للشعوب المطالبة بحريتها، إلى ثورة مصالح، من بين تلك الدول دولة الاحتلال التركي، والتي استغلت كعادتها هذه الأزمة، بتحويل الفئة المعارضة، إلى مرتزقة تدربهم وترسلهم لاستهداف الحركات التحررية في الدول المجاورة لها ولغيرها، كما فعلت في عفرين وباقي المناطق المحتلة.

وعانت البلاد من الويلات بتدمير وخراب، وعانى سكانها التهجير والجوع والحرمان، وكان للمرأة السورية النصيب الأكبر من هذا الصراع الدائر، فذاقت مرارة الفقدان لزوج أو ولد، أو فقدان العائلة بأكملها، وفقدان الوطن والديار، إلى جانب هذا فهي تعيش أزمة اقتصادية ومعيشية صعبة، جراء الحرب الوحشية، لكن الآلاف من النساء مازلن يقاومن لنيل حقوقهن والتعبير عن مطالبهن بعدم الرضوخ للسياسات الهادفة لكسر إرادتهن في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، على الرغم من ظروف التهجير والهجمات المستمرة، إلا أن النساء انضمت إلى العديد من التنظيمات، والحركات النسوية، التي تهدف إلى تحسين واقع المرأة، وتمكين دورها في مختلف مجالات الحياة.

حرب عالمية والمرأة لها النصيب الأكبر فيها

 وبهذا الصدد، أشارت لصحيفتنا، الإدارية في مكتب العلاقات بمجلس سوريا الديمقراطية، “بيريفان علي“، إلى أن الحرب الدائرة على الأرض السورية، هي حرب عالمية: “إن الشعب السوري، على مدار 13 عاماً من الأزمة السورية، يدفع ثمن مخططات ومصالح الدول الكبرى، التي جعلت سوريا مركزاً لتحقيق مصالحها، وتصفية حساباتها، على حساب مصلحة الشعب السوري، الذي عانى من سياسة النظام المستبد، والذي ركز على التعصب وإبادة الشعوب والطائفات المتعددة في سوريا”.

ونوهت بيريفان، إلى ما عانته المرأة السورية خلال الأزمة: “في الحروب والصراعات، التي تحدث، تكون دائما المرأة والأطفال هم المتضررين الأكثر فيها، فالمرأة السورية، عانت الكثير من الظلم والاستبداد، فالعديد من النساء اللواتي ساندن الثورة، تم اعتقالهن وتعذيبهن في السجون، والمئات منهن أجبرن على ترك أوطانهن، إضافةً إلى فقدان الأحبة والأولاد والأزواج، خاصة ما تعانيه من أوضاع اقتصادية سيئة، ذلك كله جعل المرأة تتجه نحو الجانب الخطأ عن طريق الوسائل الدخيلة للمجتمع السوري، كالترويج للمخدرات، وتشغيلها في الملاهي الليلية، وبيوت الدعارة وغيرها”.

نساء إقليم شمال وشرق سوريا حولن معاناتهن إلى إنجازات

وأضافت بيريفان، أن النساء في إقليم شمال وشرق سوريا حولن معاناتهن إلى تحديات وإنجازات: “إن مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، وكان للأزمة السورية تأثير عليها، إلا أن المرأة ومع انطلاقة ثورة التاسع عشر من تموز، استطاعت أن تخلق لذاتها مكانة ووجوداً، واستطاعت أن تحول مأساتها بداية انطلاقة نوعية نحو تحقيق حريتها، حيث أنها حققت لنفسها مكانة ووجوداً في المجالات العسكرية والسياسية والاجتماعية، ولا تزال نساء شمال وشرق سوريا مثالاً يُحتذى به في العالم”.

واختتمت الإدارية في مكتب العلاقات بمجلس سوريا الديمقراطية “بيريفان علي” حديثها: “تجربة النساء النوعية في إقليم شمال وشرق سوريا، وثورة المرأة، يجب أن تنقل للعالم أجمع، لأنها طريق الخلاص، ونموذج نحو تحقيق الحرية والمساواة والديمقراطية وحل مشاكل المجتمع، إضافةً إلى تجربة الإدارة الذاتية ومشروعها الديمقراطي، التي كانت مظلة للشعوب، والتي ستكون حلاً وحيداً ليس لسوريا فقط بل لعموم الشرق الأوسط”.

تركيا عمقت الأزمة وفاقمت المعاناة

من جانب آخر، بيّنت عضوة منسقية مؤتمر ستار لمقاطعة عفرين والشهباء “كلى محمد” دور تركيا التخريبي في الأزمة وما سببته بتضاعف المعاناة باحتلالها العديد من المناطق السورية: “لا يغفل على أحد، ما تفعله دولة الاحتلال التركي من استغلال لأي أزمة موجودة، ولقد لعبت دوراً كبيراً في التحريض لإطالة عمر الأزمة، حيث أنها حولت الثورة المنادية بالحرية وإسقاط النظام المستبد، إلى ثورة تخدم مصالحها ومصالح الدول الكبرى، وطبعاً بموافقة سوريا التي هي راضية عن المشاهد، التي تحدث على أرضها، وعمقت تركيا هذه المعاناة باحتلالها العديد من المناطق السورية بما فيها مقاطعة عفرين، حيث تعاني المرأة في المناطق المحتلة على يد الاحتلال التركي، ومرتزقته، من أبشع صنوف العنف، والانتهاكات اليومية، التي تحدث بحقها من قتل واختطاف، واعتداء، واغتصاب، إلى جانب ما تعانيه المرأة في ظروف التهجير القسري من هجمات تركية مستمرة، واستمرار الحصار الحكومي، الذي يمنع دخول المواد الضرورية لكثير من المناطق، حيث أن حكومة دمشق تستكمل مخططات الاحتلال، بدلاً من إبداء موقف حازم تجاه سياسة تقسيم الأراضي السورية”.

مقاومة المرأة تفشل المخططات

وأكدت عضوة منسقية مؤتمر ستار لمقاطعة عفرين والشهباء “كلى محمد” في ختام حديثها، أن المقاومة، التي تبديها المرأة ستفشل المخططات: “على مدار هذه الأعوام، مازالت المرأة متمسكة بخيار المقاومة، فالمرأة ناضلت لأجل قضية وطنها، ولأجل قضيتها العادلة، وهذه المقاومة التاريخية لا زالت مكللة بالكفاح والنضال، فبدورنا نحن النساء المهجرات، وجهة تنظيمية معنية بتنظيم المرأة، والمجتمع، ودعم ثورة النساء المطالبة بالحرية في كل مكان، نؤكد بأننا ندعم النساء السوريات، والنساء في مختلف بقاع العالم، فالنضال المشترك للنساء قادر على أن يغير السياسات، وأن يتخطى العقبات، وكلنا إيمان بأننا سنحقق سوريا تعددية، لا مركزية”.