سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

المرأة بشمال وشرق سوريا قطعت أشواطاً على دروب الفن والثقافة وتجاوزت كل العقبات

قامشلو/ رشا علي –

ما زالت المرأة في شمال وشرق سوريا تسعى بكامل طاقتها من أجل الوصول إلى التحرر وبناء كيان خاص بها، ولم تستسلم رغم كل الظروف الصعبة المحيطة بها والعراقيل التي اعترضت طريقها، ووضعت فكر القائد أوجلان صوب عينيها وتناضل على كل الأصعدة حتى تحقيق الهدف.
يقترب الثامن من آذار يوم المرأة العالمي؛ وما زال الكثير من النساء يعانين من سياسات الإقصاء والتمييز والعنف المنهج والاضطهاد على يد الاحتلال التركي ومرتزقته، وكل ذلك من خلال ثقافة التسلط الذكوري في المجتمعات، ولكن وقفن في وجه كل تلك السياسات بفضل عزيمتهن وإصرارهن ونجاحهن في جميع المجالات، ولا سيما في مجال الثقافة والفن، وتحدين ممارسات الاحتلال المتمثلة بالقتل والتهجير وانتهاك الحقوق الشخصية، ويعملن من أجل التحرر وإنجاح مشروع الأمة الديمقراطية.
وحول نضال المرأة على جميع الأصعدة منها الثقافية والفنية ومجابهتها للاحتلال ومدى أهمية الثامن من آذار، التقت صحيفتنا “روناهي” مع “روكن محمد “عضوة منسقية الهلال الذهبي في شمال وشرق سوريا (حركة الثقافة والفن الخاصة بالمرأة)، التي قالت بداية: “هذا اليوم هو يوم النصر والمقاومة الذي تجلت فيه إرادة النساء للوقوف في وجه الظلم والقيود، هذا اليوم الذي تردد صداه في كل أنحاء العالم، وأصبح شعلة تنير درب النساء، الثامن من آذار يوم المرأة العالمي، ولا ننسى بأن القائد أوجلان هو الذي رسم لنا الدرب لنتابع طريق التحرر، ومن خلال فكره زرع الشجاعة والقوة فينا”.
 المرأة هي الحياة… حقيقة وليست شعاراً فقط!
بالسير على فكر القائد أوجلان عن المرأة الحرة استطاعت كل امرأة أن تبني لنفسها شخصية مستقلة ذات دور ريادي لا يقبل الإنكار والتهميش، تقول روكن: “أثبت القائد لنا بأن المرأة هي الحياة، ونحن نستطيع أن نسير على هذا الدرب، وكل امرأة كردية تستطيع أن تعود إلى جوهرها وأصالتها، وألا تقبل بغير العدالة والحرية والمساوة بعيداً عن الذهنية الذكورية المتسلطة والرأسمالية”.
كل من أراد أن يقضي على ثقافة المجتمع أخذ في مهاجمة المرأة بكافة الوسائل والطرق الوحشية كنقطة وهدف أساسي له، وقد قال القائد أوجلان بأن المرأة هي الحياة. وهكذا يتبين بأن المرأة تستطيع أن تبني مجتمعاً حراً وديمقراطياً وتشاركياً من خلال العودة إلى أصالتها التي هي أساس المجتمع واللبنة الأولى في بنائه، ليس فقط الثامن من آذار هو عيد للمرأة، بل كل خطوة جديدة تخطو بها المرأة نحو الحرية وأي نجاح لها في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية الفنية هو عيد جمالي للمرأة.
 المرأة قبل الثورة
أما عن جوهر المرأة ودورها قبل الثورة فتحدثت لنا روكن عن ذلك وقالت: “تعرضت المرأة قبل الثورة للكثير من الصعوبات والعراقيل، ومورست عليها الضغوطات التي أجبرتها على الخروج من جوهرها الأساسي، والابتعاد عن طموحاتها، ولكن بقيام الثورة استطاعت المرأة أن تعود إلى أصالتها، وكل هذا بفضل فكر القائد أوجلان الذي عاش بين شعوب روج آفا لمدة عشرين سنة، نحن لم نره ولكن الكثير من الذين التقوا به في ذلك الوقت يتحدثون عن نهجه الذي يدعو فيه للمساواة بين الرجل والمرأة، وكل أدبياته تدعو إلى ذلك”.
وتشير روكن إلى أن أفكار القائد أوجلان باقية في أذهاننا وترافقنا دوماً، وأنه بقيام ثورة روج آفا انتشرت أفكار القائد في المجتمع من خلال الإدارة الذاتية ومشروع الأمة الديمقراطية: “لا تقتصر أفكار القائد أوجلان على المرأة الكردية فقط من خلال إعادتها إلى جوهرها وثقافتها الأصيلة، بل إعادة جميع النساء إلى جوهرهن، مثلاً المرأة السريانية لم تكن تتعلم بلغتها وثقافتها الأصلية وتعرفت عليها من خلال الثورة”.

تطور الفن بعد الثورة
أما عن ناحية تهميش المرأة باسم الدين والعادات وإقصائها أوضحت لنا روكن: “كثيراً من الأعمال اللاإنسانية والظلم وكم الأفواه مارسوه بحق المرأة باسم الدين والعادات، والكثير من التقاليد والعادات القديمة تقف في وجه تطور وتحرر المرأة، ولكن كل ذلك لم يقف عائقاً أمامنا فاستطعنا إيصال صوتنا والوقوف في وجه تلك العادات التي تعادي تطور المرأة”.
وعن تطور الفن بعد الثورة أوضحت روكن بأنها شهدت تطوراً ملحوظاً وافتتحت الكثير من المؤسسات الثقافية والفنية في مناطق شمال وشرق سوريا، وتأسست حركة الهلال الذهبي عام 2016 ووفرت الكثير من المجالات والفرص للنساء من خلال المهرجانات والفعاليات: “في دوائرنا نقوم بإعطاء الكثير من الدورات الفنية والفكرية، وتقام الكثير من المهرجانات مثل مهرجان أدب وفن المرأة، والذي يقام منذ ست سنوات، والهدف منه إبراز وتسليط الضوء على مواهب وأعمال النساء اللواتي لم يتوفر لهن الفرص، ولكن في هذا المهرجان تستطيع كل امرأة أن تعرض عملها وموهبتها الفنية والأدبية”.
 مهرجان المرأة تشجيع لجميع النساء
ويذكر بأن مهرجان المرأة تشجيع لكل نساء شمال وشرق سوريا، ويقام في كل سنة لعرض ثقافة وفن وأدب المرأة وإظهاره للمجتمع، ولإثبات نجاح ودور المرأة في جميع المجالات، ومن بينها سياسة الفن، فكل أغنية هي ثورة، ومن خلالها يتم إيصال رسالة للمجتمع، وكذلك الأمر المسرح وهذه الثورة رسمت طريق المرأة وأعطتها الكثير من الفرص لإثبات ذاتها والعيش بحرية.
ونوهت روكن بأنه قديماً كان هناك ضغوط يمارسها الرجل على المرأة وقفت عائقاً أمام تطورها: “في وقتنا الحاضر لم نعد نواجه تلك الضغوط التي مارسها الرجل قديماً، لذلك تستطيع المرأة العودة إلى أصالتها، وتجاوز كل العقبات، فقسم من نساء اليوم لا يتحملن المسؤولية بشكل جيد، وما زلنا نعاني من الناحية الفنية”.
وتابعت روكن حديثها عن الشهيدتين “هند وسعدة”، حيث استشهدتا في الدشيشة: “النساء اللواتي استشهدن لم يكنَّ نساء عاديات، بل سياسيات ويعملن ضمن الإدارة الذاتية، والهدف من هذا العمل زرع الخوف في قلوب النسوة العرب، وعدم مشاركتها في مجال السياسة”. وبينت بأن أفعالهم تجاه الشهيدة هفرين خلف كانت لأجل إيصال رسالة بأن أي امرأة تشارك في السياسة سيتم استهدافها.
 دورها في جميع المجالات
وذكرت روكن بأنه يتم تجهيز مسرحية عن الشهيدتين “هند وسعدة” ستعرض في جميع المناطق وبالأخص المناطق العربية لإيصال رسالة وفكرة للشعب وهي أن المرأة تستطيع المشاركة في جميع المجالات: “تزداد وتكبر مشاركة المرأة، وتخطو خطوات جيدة، فتكون محط الأنظار، ولو لم تكن المرأة مقاومة لما كانت تتعرض لهذه الهجمات، والمرأة المشاركة والمقاومة سوف تتعرض للكثير من المشاكل بسبب دورها الكبير”.
واختتمت “روكن محمد” عضوة منسقيه الهلال الذهبي في شمال وشرق سوريا حديثها: “أتوجه بالشكر لصحيفة روناهي لأجل إتاحة الفرصة لنا لإيصال صوتنا للمجتمع، ونحن في ثورة ويجب على الجميع العودة إلى اللغة الأم ودعمها”.