المرأة العربية الريفية وسر جاذبيتها على مدار السنين 

جل آغا/ أمل محمد –

لطالما انفردت المرأة العربية الريفية في شمال وشرق سوريا منذ القِدم بجمالها الذي خلقت من خلاله بصمة نادرة تميزت بها، وكأي امرأة أخرى عهدت هذه النساء على التزيّن والعناية بأنفسهنَّ لتبرزنَّ من خلاله الجمال العربي الفريد عن طريق العديد من الأساليب، مع مراعاة شح المستحضرات التجميلية آنذاك، وفي تلك الأيام كانت هناك عدة معايير للجمال كانت المرأة تصبو للوصول إليها.

منذ آلاف السنين وعلى مدار قرون عدة تميزت النساء في مختلف الحضارات بشغفهنَّ للجمال والتزين، فهذا الأمر خُلق معهنَّ منذ نعومة أظافرهن، واختلفت طرق التزين وخطوات الجمال من حضارة لأخرى، واليوم تطورت الأساليب الجمالية فتجد النساء في الوقت الحاضر يلجأنَّ لعمليات يغيرنَّ من خلالها ما يرغبنَّ بالإضافة للعديد من الحقن التي بدورها تُضيف جمالٍ وجاذبية، ولكن هل تساءلت يوماً كيف كانت النساء قديماً تعتني بنفسها؟ فلكل حضارة وثقافة طرق مختلفة عن الأخرى في إبراز الجمال لدى النساء.

جوزة الفواز من سكان ناحية جل آغا امرأة تخطت السبعينيات من عمرها حدثتنا عن كيفية عناية المرأة بذاتها في الزمن الغابر قائلةً: “من أهم سمات الجمال في ذاك الوقت (الخزام) وهو مثل حلق صغير يُضع في الأنف، لذلك كانت الفتيات تتسابقنَّ على ثقب أنوفهنَّ ووضع الخزام فيه وهذا كان يُكسب الفتاة جاذبية”.

عادات وتقاليد منفردة

وللحصول على شعر صحي وبشرة نقية كانت المرأة حينها تقوم بعدة أمور منها وضع الحناء على الشعر ودهن الوجه ببعض الزيوت مثل دهن القطن والذي يعطي نضارة للبشرة، الحناء والزيوت لم تكن تفارق خزانة الفتاة تلجأ إليها في كل مرة، وقبل كل مناسبة بالإضافة لعديد من الخلطات التي كنا نصنعها يدوياً”.

الكحل العربي هو إحدى المستحضرات التجميلية وهو العنصر الرئيسي في زينة المرأة، والذي تشتهر به النساء العربيات صاحبات العيون الواسعة، وكان هذا الكحل يُصنع بطريقة طبيعية يُضع في العين ليزيد من فتنة النساء، وتضيف جوزة: “لا أزال أحتفظ بالكحل العربي وأنا في هذا السن ولا زلت أكتحل به لفوائده الطبية”.

ولا تكتمل زينة المرأة العربية آنذاك إلا بالنقوش الزرقاء التي كانت تُنقش على الجبين واليدين والتي ترمز إلى مكانة المرأة في عائلتها وتثير أنظار الرجال وزادت جوزة: “النقوش والوشم كان معياراً جمالياً حينها، يوضع على الجبين واليدين عن طريق إبرة ورماد ممزوج بالماء، لذا تجد العديد من كبار السن قد نقشوا رسومات على أجسادهم”.

بساطة الأساليب 

هذا وكما كانت للعطورات دور في زينة المرأة، والتي كانت هي الأخرى تصنع بشكل يدوي من مواد طبيعية: “كنا نضع عطور مصنوعة بطريقة يدوية كانت هناك عشبة عطرية نصنع من جذورها عطراً فواحاً، وتُسمى باللغة العامية “سعدة” نستخرجه من الأرض ونقطعه وطحنه ونضعه في قطعة قماش صغيرة ونعلقها في ملابسنا”.

وكانت المرأة الريفية تولي ملابسها أهمية بالغة، ترتدي ثوب وزبون مع وضع الهبرية على الرأس بألوان متفاوتة والتزين بقطع من المجوهرات البسيطة مصنوعة من الأحجار والفضة لتُضيف الكثير من التألق لها.

وأشارت جوزة إلى بساطة هذه الأساليب، والتي لم تكن لها أي آثار جانبية على المرأة: “كل ما ذُكر كان من الطبيعة ويُصنع بطرق يدوية فعالة زادت من وقار النساء وأكسبها جاذبية، وإلى يومنا هذا لا يزال الكثيرون يتغنون بفتنة المرأة قديماً، ولكن اليوم تخلت الكثيرات عن هذه الطرق واستغنت عنها، لتحل محلها المستحضرات التجميلية التجارية بالإضافة إلى تغير معايير الجمال”.

“الفكر هو الأهم”

وأشارت جوزة إلى أن السر الذي يكمن وراء هيبة النساء العربيات هو فكرهن الذي ينتهجنه: “الشكل الخارجي مهم للنساء ولكن ما كان يضيف لنا تلك السمة هو الفكر الحر، فالمرأة لا يكتمل جمالها الخارجي إلا مع فكرها النير”.

وأكدت جوزة على أن شخصية المرأة الريفية ومعتقداتها ما أكسبتها النظرة الشائعة عنها اليوم: “سر الجمال الذي كان آنذاك لم يكن ينبع من الجمال الخارجي للنساء، بل الجوهر الداخلي والصفات السامية التي كانت تتحلى به المرأة هو الذي كان يكسبها تلك الجاذبية والوقار، قوة الشخصية والثقة بالنفس هي من أهم الخصال التي كانت تُميز النساء قديماً، فكرها وقرارتها كانت كفيلة بجعلها أيقونة خلقت من خلالها هالة حافظت عليها على مدار السنوات”.

واختتمت جوزة الفواز حديثها بالقول: “لا يكتمل المظهر الخارجي ولا يعطي ذاك الانطباع الإيجابي إلا بوجود كيان داخلي مؤثر، وهذا ما يتجلى بالنساء الريفيات في مناطقنا، تلك النساء القياديات العاملات تجدهنَّ سباقات في محيطهنَّ صاحبات القرارات الجوهرية، عزة النفس التي تمتلكها أصبح يتغنى به إلى يومنا هذا”.