المدينة الصناعية في الحسكة… بين الشكوى والتعليل

الحسكة/ آلان محمد ـ

بعد الأزمة الاقتصادية التي مرّت بها سوريا عموماً, وخروج الكثير من المحركات عن الخدمة بشكلٍ نهائي, ومنها مصافي النفط التي تطرح المواد النفطية القياسية الملائمة لعملية سير الآليات وتشغيلها, لجأ العديد من أصحاب تلك المركبات للوقود المكرر بطريقة بدائية عن طريق الحراقات هنا وهناك, وقد نال الحصار الحاد على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تحديداً حصتهُ الكبيرة, ومع قلة المنافذ الحدودية والمعابر الضرورية لجلب واستيراد الحاجيات الضرورية لهذهِ المركبات والمحركات, أصبح الاعتماد على ما يتوفر من قطع تبديلٍ وغيارِ للمحركات ذاتياً ومحدوداً, وشبه معدوماً.

تأثير الحصار وتقلّب الأسعار

من المعروف بأنّ الأزمة الاقتصادية الحادة والمتردية, قد ألقت بظلالها على عموم البلاد, والآثار السلبية للحصار الخانق على سوريا عموماً ومناطق شمال وشرق سوريا خصوصاً, باتت واضحة المعطيات, فلسنين الحرب الطويلة دورٌ كبير في خروج المصانع والمعامل التي كانت تنتج البعض من قطع الغيار, أصبحت خارج الخدمة بشكلٍ نهائي.

إذاً يتركز الاعتماد الرئيسي على الاستيراد من دولٍ أخرى, ومن جهةٍ أخرى هبوط الليرة السوريّة أمام سعر صرف الدولار بشكلٍ غير مسبوق كان له أيضاً تأثيره الخاص على حجم الأسعار, وأصبح ذلك جليّاً عند زيارة المنطقة الصناعية, فتكاليف الصيانة صادمة لأصحاب المركبات.

 ومن خلال جولة قامت بها صحيفتنا “روناهي” في المنطقة الصناعية بمدينة الحسكة, والتقينا صاحب إحدى الآليات الزراعية محمود النايف الذي قال “أصبح التصليح يُكلفنا نصف ثمن الآلية”, مُبالغاً بالقول بسبب امتعاضهِ الشديد من غلاء أجور التصليح وارتفاع قطع الغيار بشكلٍ جنوني, وأضاف “ما الذي تريده منا تلك الدول التي تحاصرنا فليتركونا بسلام”, فأقسم منزعجاً بأنهُ لم يعد يستطيع تحمّل تكاليف المعيشة من شدة الغلاء وضعف الدخل, وتابع “أنا أعتمد على قطعةِ أرضٍ زراعية وهي مصدر رزقي الوحيد, إذا أردت حرثها وتعطل الجرار أفكر بثمن الإصلاح الذي لا أملك ثمنه, ومن جهةٍ أخرى قلة المياه وشح الأمطار, مستأثراً بالظروف المحيطة, ولكن حتى لأصحاب الورشات كلامهم ومبرراتهم الخاصة بهم”.

استغلال التجار للظروف الحاليّة

يبدو أنّ لـ أحمد أحمد رأي مختلف مع تسليمهِ بغلاء الأجور وتكاليف الإصلاح على أصحاب المركبات, ولكن هذا الإقرار نابعٌ من معاناتهِ أيضاً كصاحب ورشة, حيث قال “مع عدم توازن سعر صرف الدولار, نتأثر نحنُ بشكلٍ مباشر فأنا أدفع بدل الإيجار عن الورشة المستأجرة مبالغ طائلة, وبالعملة الصعبة, وأجور العاملين المرتفعة, والأهم من كل هذا, هو ارتفاع أسعار قطع الغيار للمركبات وللآلات التي عندي”.

حيث ارتفعت أسعار تلك المُعدات لأكثر من خمسة أضعاف, بحسب أحمد، وبالتالي “سنزيد من أجور التصليح لتبقى التكاليف متوازنة, وإلا سنقوم بإغلاق الورشة”.

وأكثر ما يعاني منه أحمد هو أجور النقل المرتفعة جداً, التي باتت تُفرض عليها إتاوات وضرائب غير قانونية, ويقصد هنا الحواجز بالقرب من دمشق وحلب, مؤكداً أن تكلفتها ملايين الليرات, وعن قطع الغيار أضاف “لقد تغيرت أسعارها من المقصد فمثلاً القطعة التي كنا نشتريها بثلاثين دولار, أصبحت اليوم بخمسةٍ وأربعين دولار, وهذا بالتأكيد ينعكس سلباً على صاحب المركبة المُعطلة, ويزيد من أجور الإصلاح” , وبالتالي نعرف جميعاً بأنّ هذا الحصار الذي فرضتهُ بعض الدول مثل دولة الاحتلال التركي وغيرها على مناطق شمال وشرق سوريا, ما هو إلا حصار ممنهج ومدروس, ولكن ستبقى إرادة شعبنا أقوى من كل مخططاتهم.