المحكمة الدولية.. استئصال للإرهاب

بات تشكيل محكمة دولية لمحاكمة معتقلي في شمال وشرق سوريا مرتزقة داعش ضرورة ملحة، حيث تصرّ شعوب شمال وشرق سوريا على ذلك؛ نظراً لتطرف فكر داعش الذي يشكل تهديداً على العالم برمته؛ وهذا ما أكده المناقشون في المنتدى الدولي حول داعش، إذ وجدوا أنّ التأخر في المحاكمة يزيد من خطورة داعش….

مركز الأخبار ـ يشكل فكر مرتزقة داعش خطراً على شمال وشرق سوريا، بل وللعالم برمته وخطراً على الإنسانية من خلال إحداث خلاياه النائمة تفجيرات في أماكن عدة وأنى يشاؤون. لذا؛ يتوجب على المجتمع الدولي إقامة محكمة دولية لهم في شمال وشرق سوريا لمحاكمة معتقلي داعش لدى الإدارة الذاتية، وتخليص البشرية من ظلمهم واستئصال فكرهم المتطرف من الوجود؛ وحول هذا الموضوع؛ التقت وكالة هاوار بالرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بيريفان خالد على هامش المنتدى الدولي حول داعش الذي أقيم في مدينة عامودا بمقاطعة قامشلو في إقليم الجزيرة على مدى ثلاثة أيام متتالية في الفترة الممتدة ما بين السادس والثامن من شهر تموز الجاري؛ حيث أوضحت أنه ظهر خلال المنتدى أن داعش تهديد لا يخص شمال وشرق سوريا فقط وإنما العالم أجمع، وأضافت: “كانت هنالك آراء حول إنشاء محكمة دولية، وهذه نتيجة هامة. وانعقاد مثل هذا المنتدى على الأراضي التي هُزم فيها داعش له أهمية أكبر، فالآن يتم النقاش في المكان الذي هُزم فيه داعش على يد أبناء وبنات المنطقة، وهذا ما يعطي رسالة للعالم أن الذين هزموا داعش لهم الحق في محاكمة عناصره، وهذا حق طبيعي”.

وأشارت بيريفان أن داعش مارس وحشية بحق الإنسانية على هذه الأرض، وارتكب جرائم بحقها مثل الشراء والبيع والاستعباد والقتل، وكانت المرأة هي الضحية في الدرجة الأولى ثم الأطفال في الدرجة الثانية، لذلك سيكون للمرأة الدور الأساسي في محاكمة معتقلي داعش.

وذكرت بيريفان خالد بأنه تم التأكيد في نتائج المنتدى على إقامة محكمة دولية في مناطق شمال وشرق سوريا، وتابعت بالقول: “نحن مصرون على محاكمة داعش هنا، ونريد أن تقام المحكمة وفق القوانين الدولية، وللدول الحق في حضور عملية محاكمة مواطنيها من المرتزقة، كما أن لشعوب المنطقة الحق في حضور المحكمة الدولية”.

وأكدت: “هزمنا داعش سوية، وعلينا أن نواصل العمل وفق استراتيجية جديدة معاً، على الجميع التحلي بالمسؤولية لنستطيع القضاء على فكر داعش، يجب دعم الإدارة الذاتية في هذا المجال؛ لأن هذه الأرض تضررت كثيراً جراء الحرب”.

وفيما يتعلق بالتأخر في إقامة محكمة دولية لمحاكمة داعش، قالت بيريفان أن التأخر في هذا السياق له خطورة كبيرة، وأكملت قائلة: “هنالك عدد كبير من المعتقلين الدواعش لدى الإدارة الذاتية، وهم بمثابة قنبلة موقوتة يتواجدون على هذه الأرض، ومن شأن التأخر في إقامة محكمة دولية أن يجلب المخاطر والصعوبات”. وأشارت إلى أن إقامة المحكمة سيجلب معه الحلول، منوّهة إلى أن إقامتها سيعطي رسالة للعالم أن الإرهاب لن ينتصر، بل ستنتصر إرادة الشعوب.

ومن جانبه؛ عبّر أستاذ القانون في جامعة باريس، دومينيك أنشوسبيه، عن اعتقاده أن مشكلة داعش لن تستمر طويلاً على هذا المنوال، في وقت أكد فيه المحامي لقمان إبراهيم أن تهديدات الاحتلال التركي تصعّب من عملية السيطرة على المرتزقة المعتقلين بشمال شرق سوريا.

واعتبر أنشوسبيه، أنه ومنذ عام 2014 هناك خطوات تمهد لمحاكمة داعش وقال في هذا الصدد: “هناك أرضية إنشاء محكمة هنا. تتمثل الخطوة الثانية بإنشاء محكمة دولية في شمال شرق سوريا لمقاضاة مرتزقة داعش”. ويعتقد أنشوسبيه، وهو مسجل في قائمة المستشارين لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، أنه وفي حال إنشاء محكمة دولية سيكون من الممكن محاكمة الضالعين الرئيسيين في الجرائم المرتكبة بشمال شرق سوريا. وتابع: “المدانون من الدرجة الثانية يمكن محاكمتهم في محاكم محلية. هذا ما جرى في ألمانيا عام 1945.  في محكمة نورنبيرغ حوكم المدانون من الدرجة الأولى، المدانون من الدرجة الثانية حوكموا في بريطانيا وأمريكا واسبانيا وفرنسا، هذه المحاكمات استمرت طيلة أعوام”.

ويرى أنشوسبيه، ان وضع المرتزقة لن يستمر لفترة طويلة على هذه الحال وتابع بالقول: “في عام 1945 شكلت الحلفاء محكمة في نورنبيرغ، وشكلت محكمة مماثلة في طوكيو. الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا تتماشى مع القانون الدولي. مشكلة داعش لن تستمر طويلاً، يجب أن تنشأ المحكمة في المكان الذي ارتكب فيه داعش جرائم ضد الإنسانية”.

بدوره قال المحامي وعضو لجنة حقوق الإنسان في شمال شرق سوريا، لقمان إبراهيم: “كانت هناك حاجة لهذا المنتدى لمناقشة ملف المرتزقة، المرتزقة ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وارتكبوا إبادة عرقية. هذه الجرائم تخلق الظروف لمحاكمتهم عبر محكمة دولية، مشكلة داعش مشكلة عالمية ولا تقتصر فقط على شعوب شمال شرق سوريا، إذا لم تحل هذه المشكلة سنشهد ظهور داعش تحت مسمى آخر. يجب العمل على إزالة ذهنية داعش وعلى المجتمع الدولي العمل من أجل ذلك”.

وتابع إبراهيم: “ارتكب المرتزقة جنايات هنا واعتقلوا هنا أيضاً. كل الوثائق والأدلة هنا، الأضرار لحقت بهذه المنطقة، ويجب محاكمة المرتزقة على هذه الأرض. وإذا لم يحصل ذلك، يجب على الدول استعادة مواطنيها المنخرطين في صفوف داعش ومحاكمتهم وفق قوانين دولهم. محكمة الدفاع عن الشعب تشكلت في عام 2014 هنا بقرار من المجلس التشريعي. في هذه المحكمة حوكم الكثيرون من المتورطين في أعمال إرهابية، وتمت محاكمة ما يقارب 7 آلاف مواطن سوري. إذا اكتسبت هذه المحكمة اعترافاً دولياً حينها يمكن محاكمة المرتزقة في محكمة الدفاع عن الشعب”.

وكرر إبراهيم تحذيراته من خطر داعش على العالم: “هناك ألاف المرتزقة المعتقلين، هؤلاء المرتزقة بمثابة قنابل موقوتة. تهديدات الاحتلال التركي لمناطق شمال شرق سوريا تصعب من عملية السيطرة عليهم”.