الغاف… شجرةٌ نادرة ورمز للصمود والتعايش في صحراء الإمارات

الإمارات/ غزال العمر ـ

أُعلِنَت شجرة الغاف، شجرةً وطنيةً لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام ٢٠٠٨م؛ لأهميتها الثقافية والبيئية كما تم اختيارها أيضاً رمزاً للتسامح في عام ٢٠١٩م وذلك لكثرة انتشار أماكن زراعتها في الخليج العربي عامةً وفي الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص.

حيث أوضحت اللجنة الوطنية العليا لعام التسامح عن سبب اختيار شجرة “الغاف” شعاراً رسمياً لهذا العام قائلةً: مارس أجدادنا سلوكهم المجتمعي تحت أشجار الغاف، وكانت ظلالها الوارفة مركزاً للتجمع، والتنوع كما أنّ عدداً من حكام الإمارات، اتخذوا من أشجار الغاف مجلساً لاستقبال مواطنيهم، والاستماع لمطالبهم بشكل مباشر؛ كما أنّ لزراعة هذه الأشجار وسيلةٌ هامةٌ للحصول على الغذاء، ما يجعلها رمزاً للاستقرار والسلام في وسط الصحراء.

ما هي شجرة الغاف؟

صحيفتنا “روناهي” التقت أحد المواطنين الإماراتيين المعمرين حسن سعيد الكاسر ٨٨ عاماً من سكان إمارة العين، التي تبعد حوالي خمسين كم عن العاصمة أبو ظبي، حيث يقول الجد المعمر: إنّ شجرة الغاف تعدّ من النباتات المعمرة، التي تتبع الفصيلة البقولية من رتبة الفوليات حيث أنّها تتحمل أقسى ظروف الجفاف والملوحة، ودرجات الحرارة المرتفعة إلاّ أنّها لا تتأثر بأشعة الشمس حسب تعبيره.

هذا ويعرف شجر الغاف علمياً باسم البرسوبس prosopis وتتميز بعدة صفات، حيث تابع الكاسر حديثه: “تتميز شجرة الغاف بسهولة تكاثرها وسرعة نموها؛ فهي تتأقلم مع الأجواء المحيطة بها بشكلٍ لا مثيل له إذ تتعمق جذورها في التربة لمسافات عميقة يمكن أن يصل الى خمسين متراً، كما وقد يصل ارتفاع الشجرة الى اثني عشر متراً”.

أما لماذا تعد هذه الشجرة ثروة عظيمة، تعود بالنفع على البيئة، وعلى البشر، يؤكد المهندس الزراعي حمد الهاشمي ستة وثلاثون عاماً من أبناء دولة الإمارات، المهتمين بالزراعة بحكم تخصصه في المجال الزراعي: أنّ من أعظم فوائد الغاف هي محاربة التصحر، لأنّها نبات دائم الخضرة  كما يتم استخدام أوراقها في صناعة الأدوية المتخصصة في علاج التهاب الحلق والأمراض الجلدية؛ فهو يعمل أيضا على حل مشاكل الجهاز الهضمي المتعددة ويدخل ورقها في صناعة مستحضرات التجميل أيضاً؛ إضافةً إلى استعمالات ثمار الغاف الغذائية، حيث يتم طحن ثمارها وتحويلها إلى خبز ذو طعم حلو، يؤكل كغذاء غني بالمواد البروتينية والسكرية كما يستخدم خشب الغاف في أغراض البناء ويدخل في صناعة الأدوات الخشبية، والأثاث حيث أنّ خشب الغاف لا يصدر دخان عند احتراقه، ما يجعله مناسباً لطهو الطعام؛ كما يستخدم كوقود، وعلف للمواشي، إضافة لذلك يستخدم صمغ أشجار الغاف في طلاء الفخار كما يمكن استخدامه كغراء.

حماية شجر الغاف من الانقراض

ويتابع الهاشمي: إنّ دولة الإمارات اتخذت تدابيراً صارمةً بشأن قطع أيّ أشجار محلية، وبشكل خاص أشجار الغاف لما لذلك من أثارٍ سلبيةٍ هائلةٍ على التنوع البيولوجي المحلي، حيث يقوم مشتل هيئة البيئة لإكثار النباتات المحلية حاليا بتخزين بذور ثمانية وخمسين نوعاً من النباتات المحلية بما فيها شجرة الغاف.

وتابع الهاشمي في إطار عام التسامح تم زراعة ٦٠٠ شجرة غاف في منطقة الفاية لتوفير المأوى الأمن لعدة آلاف من أنواع الحيوانات، والتي يعدّ بعضها مهدداً بالانقراض على مستوى العالم.

واختتم المهندس حمد الهاشمي حديثه: “إنّ الحفاظ على الثروة النباتية واجب على كلّ شخص، يعيش على أرض الإمارات” وأظهر المهندس سعادته؛ لأنّ العدد في ازدياد والأشجار تكاد تغطي مدن الإمارات السبعة ما يحسن المناخ، ويخفف من وطأة حر الصحراء.