ارتبط الرجل العربي بمناطق إقليمي الجزيرة والفرات ارتباطاً وثيقاً بثقافته، وعاداته، وتقاليده، من حيث الشكل، واللباس على الرغم من التطورات التي حصلت في القرن الحالي، حيث أصبح للرجل العربي في المنطقة ما يميّزه، وعُدّ الزي التقليدي أكثر من موروث شعبي توارثته الأجيال عن بعضها مع طول السنين المنصرمة، بل بات رمزاً يعبّر عن الأصالة، والانتماء، وترتبط به الكثير من خصال الرجولة.
ويعد عقال الرأس أهمّ ما يميّز الرجل العربي عن أقرانه، ليس فقط على مستوى المنطقة، إنما على مستوى العالم أجمع، وتتشارك الكثير من الدول العربية بهذا الموروث، حيث يُلبَس العقالُ في مناطق الجزيرة العربية، والعراق، وبلاد الشام، ولا يزال يحظى بالحفاوة إلى يومنا هذا.
والعقال يأتي على شكل حبل ملفوف بشكل حلقتين متوضعتين فوق بعضهما البعض، يُوضع على الرأس، يُصنع من الصوف، ويُعدّ فيما يتعلّق بالمجتمع العربي في إقليم الجزيرة من أساسيات الرجولة، والعقال الرائج في المنطقة عقال أسود اللون، كان يلبسه المسنون من البدو.
أصل العقال
يُعدّ الحديث عن أصل وتاريخ العقال من الأمور الصعبة، من حيث تحديد المنشأ، حيث تختلف الروايات عن وقت ظهور العقال، ولم يتمّ التأكّد من صحة الروايات حول زمان ومكان ظهور العقال.
فمنهم من يرى، أنّ العقال جاء بسبب التكيف مع طبيعة المنطقة، إذ أن ارتداء الغترة، أو غطاء الرأس، أمر مهمّ بحكم الطبيعة الرملية وحرارة الشمس في المنطقة، فتراهم يغطّون به رؤوسهم، وأحياننا وجوههم من ذرات الرمل في الصحراء، التي أتخذها الإنسان العربي القديم موطناً له، وهو ما جعلهم يعتمرون العقال من أجل تثبيت غطاء الرأس هذا.
و في رواية أخرى: أنّ العقال هو: ما كانوا يعقلون به ساق الناقة من أجل تثبيتها في مكان ما، وحين يرغبون التنقّل بها، يفكّون هذا القيد و يضعونه فوق الغترة أو، غطاء الرأس، لحين حاجتهم إليه عند التوقف عن المسير لمعاودة ربط الناقة به، وهي رواية مرجحة أيضا.
وعدّ الكثير من المؤرّخين أنّ الروايتين كلتيهما مرجحة، بحكم إقبال الناس على التكيف بطريقة بسيطة مع نمط حياتهم، ولكنهما أيضا لا يفسران شكل ونمط العقال المتعارف عليه، إذ تقول رواية ثالثة، عن أصل العقال بما لا يتناقض مع الروايتين السابقتين: إنّ لون العقال لم يكن مهما، و ليس موحدا، فكان يكفي أن يفي بالغرض الذي وضع لأجله، ولكن لون العقال الأسود الذي درج إلى أن بدأ البعض بتغيره، يعود إلى واقعة، وهي خروج المسلمين من الأندلس، إذ يقال: إنّهم ارتدوه باللون الأسود، كنوع من الحداد، بعد أن قصّت النساء المسلمات آنذاك ضفائرهنّ، ووضعوهنّ على شكل عقال على رؤوسهنَّ ورؤوس الرجال على حدٍ سواء، وتعهدوا، أن يحافظوا عليه على رؤوسهم؛ كي لا ينسوا الأندلس، وتعبيرا عن نيتهم لاستعادتها فيما بعد، وبعد فترة من المزن خلعت النسوة العربيات العقال، فيما بقي الرجال يحتفظون به إلى يومنا هذا.
غير أنّ التاريخ الحقيقي، لا يزال مبهماً بعد تضارب الروايات المختلفة، ولكن يبقى القاسم المشترك بينها، أن العرب هم أول من لبسوا العقال.
مورثٌ شعبيٌّ، ورمزٌ من رموز المنطقة
في سوريا بشكل عام لا يزال العقال موجوداً، إلى يومنا هذا ويعدّه مرتدوه من الناحية الفعلية، أنّ العقال أكثر من جزء من الزي العربي التقليدي، إذ أنّه بات يرتبط برموز الأصالة والانتماء فهو «تاج الرأس» وبه ترتبط الكثير من الخصال، التي تتعلق بالرجولة ومفاهيمها، إذ إنّ عقال الرجل لا يُرمَى إلاّ لأمرٍ جلل، أو لحاجة كبيرة تجبر الرجل على خلع عقاله لحين تنفيذ طلبة.
ويُلبَس حالياً في مدن درعا، والسويداء، والقنيطرة، وأرياف حلب، وحماة، إضافة إلى مناطق الجزيرة، وحوض الفرات، والتي يشكل العقال جزءاً من هويتها البصرية.
دلائل لبس العقال
العقال في الوطن العربي بشكل عام، وفي إقليم الجزيرة بشكلٍ خاص يرمز لشموخ الرجل، وعزته وكرامته، فإذا أهينت كرامة الرجل، فإنّه لا يرتدي العقال أبدًا بعدها، ولكنّه يضعه حول رقبته، أو يتركه في المنزل، ولا يضعه على رأسه، حتى يعود له حقّه السليب وكرامته السليبة، وعندما يسترجع كرامته المهدورة، فإنّه يضعه على رأسه، ويشارك الرجال مجالسهم، ويشاطرهم الرأي، بعد أن تخلّص من الضغط النفسي وعودة حقّه إلية، وللطريقة التي يضع فيها الرجل عقاله تعبير عن حالته المزاجية، فإذا مات للشخص قريب عزيز عليه، فإنّه ينزع العقال أيام العزاء، وإذا سافر شخص عزيز عليه، وتبين أنّ غيابه سوف يطول؛ فإنّه يحسر عقاله إلى الخلف.
يُعدّ الحديث عن أصل وتاريخ العقال من الأمور الصعبة، من حيث تحديد المنشأ، حيث تختلف الروايات عن وقت ظهور العقال، ولم يتمّ التأكّد من صحة الروايات حول زمان ومكان ظهور العقال.
في سوريا بشكل عام لا يزال العقال موجوداً، إلى يومنا هذا ويعدّه مرتدوه من الناحية الفعلية، أنّ العقال أكثر من جزء من الزي العربي التقليدي، إذ أنّه بات يرتبط برموز الأصالة والانتماء فهو «تاج الرأس» وبه ترتبط الكثير من الخصال، التي تتعلق بالرجولة ومفاهيمها، إذ إنّ عقال الرجل لا يُرمَى إلاّ لأمرٍ جلل، أو لحاجة كبيرة تجبر الرجل على خلع عقاله لحين تنفيذ طلبة.
