تل كوجر/ مثنى المحمود ـ
التعدد العشائري يشكل نواة المجتمع في جل مناطق شمال وشرق سوريا، ما ينعكس بشكل إيجابي في بعض الأحيان وسلبياً في أحيان أخرى.
يشكل النسيج المجتمعي في مناطق تل كوجر، والقرى المحيطة بها حالة متفردة، من حيث تعدد العشائر، وتوزعها داخل البلدات، والقرى المنتشرة في ريف تل كوجر، فتشكل هذه العشائر يعكس طبائعها وطرق عيشها، وأساليبها التي تختلف من عشيرة إلى أخرى، لذا قد ينعكس هذا على طبيعة المنطقة وطريقة التعايش بين أبناء العشائر.
أنا وابنُ عمِّي على الغريبِ
في عرف العشيرة تبقى المواقف مرهونة بصلة الدم، حيث يحدثنا “سلمان الزوبع” أحد وجهاء العشائر العربية في تل كوجر، “أن الموقف في العشيرة في حالات النزاع الداخلي، ضمن العشيرة الواحدة يُبنى على مدة القرابة أو صلة الدم، حيث ينتشر مثل قديم، يقول: “أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب”، حيث دائماً ما يشكل هذا العرف معضلة في مجتمعنا”، يضيف الزوبع أن هذه الحمية، التي تجعل ابن العم والأخ قادراً على التصرف بشكلٍ سلبي بهدف دعم ابن عمه، أو أخيه، هي من أكثر الأمور التي تولد المشاكل داخل صفوف العشيرة الواحدة، هنا يلعب الشيخ أو الوجيه دور الحكم، ويحاول جاهداً الفصل بين أبناء عشيرته المتخاصمين، وعند سؤالنا للزوبع عما إذا كان هناك خلاف عشائري بين عشيرتين، فماذا يتوجب على كل فرد في العشيرة، أجاب الزويع: إن المواقف تكون موحدة وهي دائماً يجب أن تصب لصالح العشيرة، دون التفكير إذا ما كان الشخص مخطأ أو مصيباً، كما يبنى موقف العشيرة على أساس محاولة الخروج بأقل الخسائر، وأكثر الأرباح من أي نزاع مع عشيرة أخرى، غالباً يعمم هذا المثال في العشائر المتواجدة في المنطقة كلها.
كتلةٌ واحدةٌ
من أفضل الجوانب الإيجابية التي تنتشر ضمن أعراف العشيرة، هي وحدة الحال والتكاتف في المصائب والنوائب، يقول المواطن علي المحمود أحد أبناء عشيرة الشرايين، التي يتوزع أبناؤها على مساحة واسعة وفي عدة قرى من منطقة تل كوجر وأريافها، أن العشيرة تعد سنداً حقيقياً لأبنائها، حيث يتكاتف أبناء العشيرة الواحدة في الحالات، التي تتوجب دعم مادي ومعنوي حيث يكون لزاماً على أي فرد ذكر في العشيرة، دفع مبلغ معين في حال اضطرت العشيرة لدفع دية لعشيرة أخرى، أو إذ ما توجب عليهم دفع نفقات تخص العلاج في حالات الخلاف، الذي يُؤدَّى إلى مثل هذه الحالات، لكن في بعض العشائر يتوقف هذا الدعم على موقف ابن العشيرة، إذا ما كان في حالة دفاع عن النفس، أو كان غير معتدي أما في حالة الاعتداء، فإن جل عشائر المنطقة ليس لديها أي نية في دعم معتدٍ، يضيف المحمود: أن الوضع داخل العشيرة يختلف عن خارجها، في حال الخلاف بين أبناء العشيرة يتكفل كل فخذ من أفخاذ العشيرة بدعم أبناء فخذهم، فيما يبقى الآخرون على الحياد، ولا يحق لهم الدعم المادي ولا المعنوي لأي فخذ على حساب الآخر، ويعد عرف التكتل الإيجابي من أبرز الميزات الإيجابية، التي تمتاز بها عشائر منطقة تل كوجر.