الشعب بين مطرقة قيصر وسندات أصحاب العقارات

 مثنى عبد الكريم-

هل ماتت الشهامة أم أن الطمع الأعمى والجشع الفتاك قد استوطن في نفوس البعض بل الأغلب من تجار العقارات وأصحاب المنازل والبيوت ليصل الحد بهم بأن يرموا المستأجرين في الشوارع؛ لأنهم لم يعودوا يستطيعون دفع الآجار بالدولار المتزايد بلا رقابة ولا رقيب بل بحجة علمهم إياها ضعاف النفوس ممن امتهنوا المحاماة، ولكنهم لم يكونوا مدافعين عن الحق بل عن جيوبهم وعمن يدفع أكثر.

 لم يعودوا يدافعون عن الضعفاء أو المظلومين، بل عن الأغنياء ومن يمتلك المال ولو كان مجرماً فالدولار أعمى قلوبهم وأبصارهم وأمات ضمائرهم ولا أجمع أو أعمم بل سأقولها بالعامية (اللي على راسو ريشة يتحسسها)، وهو المقصود فقط، هذا الموضوع الذي كتبنا عنه وناقشناه كثيراً ولكن دون جدوى، مما أدى إلى تفاقم معاناة المواطن وازدياد الأعباء عليه ليضيق صدره، بل لتضيق عليه الأرض، أقرأ في كثير من المواقع نداءات استغاثة من أُناس ضاقت بهم الدنيا بحثاً عن مأوى لأتفاجأ بأن صاحب المنزل يريد الآجار بمائة دولار أو أقل بقليل فقط، بل وصل الجشع والابتعاد عن الإنسانية بالبعض إلى الطلب بأكثر من ذلك.

 وهنا أتوجه للجشعين الطامعين أصحاب الطابور الخامس من هذه الفئات وأعود وأكرر لا أعمم أبداً فرغم كثرة الجشعين إلا إنه لا يزال هناك خيرين ولكنهم قلة، وأقول لأصحاب المنازل والمكاتب العقارية والمحامين الذين باعوا أخلاقهم؛ هل امتلأت جيوبكم ونفوسكم المريضة؟

أليس هؤلاء أبناء شعبكم وجلدتكم دفعتهم الحرب اللعينة إلى الهجرة والنزوح لترك بيوت عزهم وجاههم؟ ألم يقال فيما مضى ارحموا عزيز قوم ذل! ولم يقل انهبوا ماله، ألم يقال بأن المروءة لا تموت فكيف ماتت مروءتكم!

من يتاجر بأبناء وطنه هكذا سيبيع الوطن والمشروع بحفنة من الدولارات وهم أخطر من أي جاسوس أو عميل فهؤلاء يعملون في السر، ولكن أولئك يجاهرون بجشعهم بحجة أنه مالي الخاص وأنا حر، ولكن أين كنت وكان مالك الخاص أيام داعش! عندما وضعتم الناس مجاناً خوفاً منها لا كرماً وليكون الناس حُراساً لأموالكم غير آبهين بأرواحهم؟

 لذلك لا أقبل المقارنة بأن يقال بأن الرواتب عندنا تختلف عن الداخل السوري فهذا عذر أقبح من ذنب، وهو دليل واضح لعملية تشليح وتنفير الناس من مشروعنا عبر إلقاء اللوم على الإدارة، فالشعب يطالب بوضع حد لهذه المهزلة يمكن مثلاً أن نفرض ضريبة على كل من يأجر بالدولار بشكل رادع ويمكن أن تُحدد الآجارات ويصدر قانوناً ملزماً؛ فكيف يكون الراتب بالسوري والآجار دولار؟! ويجب وضع قانون ضابط لعمل المكاتب العقارية وتكثيف الإجراءات الأمنية عليها، وكذلك محاسبة المتلاعبين حساباً شديداً بل وإحالة هؤلاء كلهم لمحكمة الشعب بتهمة العمالة الواضحة التي لا تحتاج لدليل أو برهان فهم سبب أساسي من ضمن مجموعة أسباب للهجرة وبالتالي إفراغ المنطقة من قوتها وتأجيج الوضع الشعبي وتأزيمه.

أردت أن أُعيد طرح هذا الموضوع لعله يلقى آذاناً صاغية، ولعلنا نغلق هذا الملف ونعين أبناء شعبنا ليحكوا لبعضهم يوماً ما وهم لم يستسلموا حكاية وطن.