الشاعر محمد النعيمي: “الفرات مصدر الإلهام الشعري والأدبي وشريان الحياة…!”

عين عيسى/ حسام اسماعيل ـ

أثرت الطبيعة التراثية، التي عاشها الشاعر الفراتي محمد النعيمي على أدواته الإلقائية لتنعكس على ألوانه الشعرية، التي تتصف بالشاعرية المرهفة، والرقة التي لا نضير لها، وخلقت في ذاته مساحات واسعة لتأمل واستحضار الخيال، الذي يساير عناصر الطبيعة الفراتية بسمائها وشجرها، وسهلها ونهرها.

يبدأ شاعرنا “محمد النعيمي” حديثه بالقول عن الطفولة والبدايات الجميلة: “عشت طفولتي في منطقة شمال الرقة وتحديداً في مدينة تل أبيض/ كري سبي (قرية عين العروس)، ومنطقة عين عيسى كان عمري حينذاك ثماني سنوات، أتذكر جيداً النخلة، التي زرعها جدي واهتمامه بالأشجار وزراعتها؛ ما ولد لدي حب الطبيعة، ومشاهد الطفولة التي لا تفارق ذاكرتي، وأثرت فيَّ كثيراً نبعة عين العروس، ونهر الفرات، ما جعلها حاضرةً في أبياتي الشعرية دائماً”.

ونظراً إلى البيئة في مناطق شمال وشرق سوريا نجد أن نهر الفرات نال نصيباً كبيراً من الحضور في الألوان الأدبية المعروفة لدى شاعرنا، لهذا يعلل سبب ارتباط الأدباء والشعراء في المنطقة بشريان الحياة، الذي يشكله نهر الفرات لذلك يُنسبون اليه، ويطلق عليهم لقب “الفراتيين” عبر الأجيال السابقة، ولا زالوا إلى يومنا، وينعكس رقة وجمال الفرات بلياليه وفصوله إلى مصدر شجن؛ تولدُ حباً ومشاعر جياشة، تذكر شاعرنا بذكريات الشباب والحب الصادق الذي لطالما عبر عنه بقصائده…ويقول في إحداها:

“أحبنك يا ليلي يا بو الأحزان

لأنك تذكرني بطيف الغوالي

أني كل ما أريد أحط رأسي

وأرجع وأنام

تمر ذكراك … يا لذكراهم

ما فاركت خيالي

كل النوارس هاجرت

بالشتا والليل

ويا ليل يمرني قاعد وأتاني

سفرتك قلي بعد شتطول…

ويا طول الوكت قهر ورماني”

احتل الفرات قيمة ومساحة لدى شعرائنا، كما أن حضوره لم يقتصر على مرحلة زمنية معينة، ولم يقتصر تناوله بشكل مباشر أيضا، فقد حمل رمزية عالية، وجاء كتعبير عن القيمة الجمالية والعذوبة، وأحياناً سلك مجرى الرمزية والمجاز ليكون صاحباً في أوقات الضيق ونديماَ في موجات السعادة، وقد ورد ذكره على ألسنة كثير من الشعراء يقول الشاعر النعيمي في احدى قصائده باللهجة المحلية:

“الرقة أطيب بلد بيها العزيز هواي

يا ربي وبعزتك تقبل أنا شكواي

شكواي لباري العرش ليل ونهاري

ولسجد لرب الخلق تا شوف هالغالي

غالي وعزيز وشهم وكلك عذوبة

عذوبة نهر صافي يتمتع بأسلوبه”

يرى الشاعر محمد النعيمي في “الفرات” معاني كثيرة، فهو لا يعني له حيزاً مكانياً أكثر مما هو نهر موغل في الماضي، بِقِدَمِهِ، وموغل في الحاضر بسبب الأحداث الدامية التي تحدث على جانبيه، وموغل في المستقبل إذ إنه في مروياتنا الدينية نهر من أنهار الجنة”.

ويختم الشاعر النعيمي بالقول: “الحضور الزمني المزدحم في الفرات كنهر يصبح الحيز المكاني ماثلاً للعيان، والقلب في الأحوال كلها، ولكن تزيده الأحداث الدامية المعاصرة بروزاً أكثر حدة، حيث إن حضور ذاتك “كفراتي” تَمْثُلُ دائمًا أمامك أو في ذاكرتك كما يَمْثُلُ اسمُك، أو شكلُك، أو لغتُك… وعلى ذلك يستطيع الفرات دائماً أن يكون وطناً لك تستغني به عن أي وطن آخر.