الحركة المسرحية في شمال وشرق سوريا.. بين الواقع والمأمول

دلشاد مراد_

 اهتمت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا منذ إعلانها في عام 2014م بالفن المسرحي، فأدرجت هذا الفن في أعمال جميع مراكز الثقافة، والفن المنتشرة في جميع مناطق الإدارة الذاتية، بغرض النهوض بهذا الفن من خلال أعمال التدريب اللازمة لكوادر المسرح، وإنشاء الفرق المسرحية، فيما تشكلت مديريات أو لجان خاصة ضمن هيكلية هيئات الثقافة في الحكومات المحلية لأقاليم شمال وشرق سوريا، للإشراف على الفعاليات المسرحية، وأفسحت المجال لظهور فرق مسرحية خاصة، وافتتحت أكاديميات فنية، وخصصت مهرجانات سنوية للمسرح.

وفي تتبع لحال وواقع المسرح المحلي بعد مرور ثماني سنوات على إعلان الإدارة الذاتية، يمكننا دق جرس الإنذار كون الخط البياني للفن المسرحي المحلي في حالة تراجع مستمر.

تعد المهرجانات المسرحية من أبرز الأنشطة المتعلقة بالفن المسرحي وتطويره، ولاسيما أنها تعد مناسبة لتلاقي الفرق والكوادر الناشطة في هذا الفن، وإحداث تفاعل إيجابي، والاطلاع على أعمال بعضهم، وتكريم الفاعلين منهم، وقد أُطلق أول مهرجان مسرحي في ظل الإدارة الذاتية في عفرين، وكان ذلك عام 2014م وسمي “مهرجان ميتان للمسرح” واستمر حتى عام 2017م، وبسبب الحصار على مقاطعة عفرين لم يتمكن القائمون عليه إخراجه من قوقعته المحلية، إلا أن الكوادر المسرحية المحلية استطاعت بناء معهد أكاديمي مسرحي، وهو ما كان له الأثر الإيجابي في رفد الفرق وتنشيط العمل المسرحي، إلى أن توقف كل شيء إثر الاحتلال التركي للمنطقة عام 2018م. وفيما بعد ونتيجة إصرار الكوادر المسرحية ودعم الإدارة الذاتية استؤنفت الأنشطة الفنية وبينها “مهرجان ميتان” في منطقة الشهباء حيث التجمع الأكبر لمهجري أبناء شعبنا في عفرين.

المهرجان الثاني، الذي جرى إطلاقه هو مهرجان “يكتا هركول للمسرح” مركزها مدينة قامشلو ليكون على مستوى شمال وشرق سوريا، وكان ذلك في عام 2015م، وحتى عام 2021م أُقيمت خمسة دورات لمهرجان يكتا، وتوقفت لسنتين بسبب تطورات الاحتلال التركي لسري كانيه، وكري سبي والإجراءات المتعلقة بكورونا. ورغم إيجابية انعقاد المهرجان ودوره في نشر الثقافة المسرحية ولو إلى حد ما، إلا أن المقارنة بين دوراته يمكننا ملاحظة تراجع في الأداء، واستمراراً لبعض السلبيات المرافقة، مثل قلة المشاركات النوعية، وضعف وقلة النصوص المسرحية المحلية، كما كان مصير الجانب الأكاديمي الخاص بالفن المسرحي الفشل، ولم تتمكن “أكاديمية الفن بتربسبيه” في بناء وتخريج كوادر مسرحية. ولم تصدر هيئة الثقافة وحركة ميزوبوتاميا للثقافة والفن أي إعلان أو توضيح بشأن إقامة الدورة السادسة للمهرجان، هذا العام، مع أن تاريخ انعقاده يصادف السابع والعشرين من آذار من كل عام.

وفي كوباني أطلق العام الماضي أول مهرجان مسرحي في إقليم الفرات وسمي “مهرجان آرين جدائل السلام” وكان ذلك في العشرين من تشرين الثاني 2021م بمشاركة فرق من مناطق إقليم الفرات.

وأمام الواقع غير الإيجابي الذي تشهده الحركة المسرحية في شمال وشرق سوريا، لابدّ من اتخاذ عدة خطوات للتطوير وللنهوض بها ونذكر منها:

1ــ بناء أكاديميات الفن المسرحي أو أقسام المسرح في جامعات شمال وشرق سوريا، وإدارتها من قبل مسرحين مختصين ومبدعين لبناء وتخريج الكوادر المسرحية في كافة أقسامها (التمثيل، الإخراج، النقد، الإضاءة والتقنيات الأخرى…).

2ــ التطوير الشخصي وبناء القدرات الذاتية، والتعمق في الثقافة والفكر والمعارف العامة، والعلوم المسرحية من جانب الكوادر، والعاملين الحاليين في الحقل المسرحي.

3ــ زيادة الدعم المادي والمعنوي للفرق المسرحية.