تتعامل القاهرة بحذر مع مبادرات أنقرة لإصلاح العلاقات مع تركيا، فهناك سببان يدفعان تركيا إلى المصالحة الأول جيو سياسي، والثاني هو إدراك أنقرة لحدود قدرتها ونفوذها في المنطقة.
بعد ما يقرب من ثماني سنوات من الخلاف اللاذع والمشاحنات الإقليمية، تسعى تركيا إلى إصلاح علاقاتها مع مصر، على أمل أن تمهد احتمالات المكاسب الجيوسياسية المتبادلة الطريق للمصالحة وتساعد على تخفيف التنافس على الطاقة في شرق البحر المتوسط، بحسب موقع المونيتور الأمريكي.
وتبدو القاهرة منفتحة على مبادرات تركيا، لكن التطبيع الحقيقي قد يكون بعيد المنال إلى أن يتغلب قادة البلدين على ضغائنهم الشخصية وينخرطون في حوار مباشر.
وفي 12 آذار الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصف نظيره المصري بـ “القاتل” و”الطاغية”، إن اتصالات استخباراتية ودبلوماسية جارية مع القاهرة، مُعربًا عن رغبته في نقلها إلى مستوى أعلى، وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، إن الاتصالات تتقدم ببطء وتدريجياً بعد سنوات من الانفصال وانعدام الثقة بين البلدين.
سببان رئيسان دفعا جهود المصالحة في أنقرة، فالأول جيوسياسي: العزلة التي تجد تركيا نفسها في ظل التنافس على الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط.
ويرى الرأي السائد في أنقرة أن مصر لديها حافز للدخول في محادثات غير مشروطة مع تركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، لأن مثل هذا الاتفاق قد يسمح لها بالمطالبة بمنطقة أكبر من تلك الموجودة في اتفاقها مع اليونان، وعلاوة على ذلك، ستشجع الصفقة التركيّة المصريّة إسرائيل على تخفيف موقفها تجاه تركيا ويمكن أن تضفي قابلية للتطبيق الدولي على اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقّعته أنقرة مع الحكومة الليبية المؤقتة عام 2019.
السبب الثاني هو إدراك أنقرة التدريجي لحدود قدرتها ونفوذها في المنطقة، وتهدف أنقرة إلى إرسال وفد رفيع المستوى إلى القاهرة بحلول حزيران القادم لبدء عملية التطبيع، ودخل الجانبان في خلاف منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي عام 2013، الذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وكان حليفًا وثيقًا لأنقرة، وانتقد أردوغان بشدة الإطاحة بمرسي، بينما لجأ عشرات من شخصيات الإخوان إلى إسطنبول، وقد تم تخفيض العلاقات الرسمية إلى مستوى القائم بالأعمال منذ الانسحاب المتبادل للسفراء في آب 2013.
وبحسب ما ورد، فقد طلبت السلطات التركيّة من ثلاث قنوات تلفزيونية معارضة مصرية مقرها في إسطنبول – الشرق ومكملين ووطن – تخفيف حدة انتقاداتها للحكومة المصرية والتوقف عن مهاجمة الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيًا. وأكدت مصادر تركيّة اتصلت بـ “المونيتور” النبأ دون الخوض في تفاصيل.
المصالحة التركيّة المصرية لديها القدرة على تغيير التوازن الحالي في شرق البحر الأبيض المتوسط، والأهم من ذلك، أن القاهرة لم تغلق الباب أمام مبادرات أنقرة، واعترف وزير الخارجية سامح شكري بالاتصالات الدبلوماسية مع أنقرة الأسبوع الماضي بينما اشترط المصالحة بـ “تغيير حقيقي” في سياسات تركيا الإقليمية، وقال: “إذا وجدنا تغييرًا حقيقيًّا في السياسة التركيّة يتماشى مع تلك التي تتبعها مصر لتحقيق الاستقرار في المنطقة، يمكن أن يضع الأساس لتطبيع العلاقات، فالكلمات لا تكفي، يجب أن تقترن بالأفعال”.