التقارب الكردي – الكردي حقيقة الهدف وماهية الهجمات..

آلدار خليل –

في تناول القضية الكردية في سوريا؛ هناك من يتجاهل الكثير من النقاط التي هي الأساس في هذه القضية، منها تاريخية هذه القضية، وكذلك يتجاهلون بأن حل هذه القضية سيجلب معه الحل للعديد من الأمور؛ كونه لا يوجد تعارض بين الحل الذي نتحدث عنه في القضية الكردية وعن الحل العام في سوريا. بالرغم من أن القضية الكردية لها خصوصية معينة إلا إنها ليست منفصلة عن سوريا، وهنا تكمن المفارقة في شكل الحل الذي نريده والحل الذي يريده البعض الآخر، فنحن نرى بأن تطوير الشراكة مع الشعب السوري بكافة مكوناته هو تطوير لحل الأزمة. إذ؛ نبحث عن الحلول التي تحقق الشراكة الفعلية وتجلب معها الإنصاف من سلسلة الإقصاء والتهميش والتنكيل وما دون ذلك، بينما الحل الذي يريده الآخرون هو ما يلغي التقاربات ويرفض كافة الحلول المقترحة، وبالتالي؛ فإن حلولهم تعزز شراكتهم مع الاحتلال التركي على حساب الشعب السوري.

إن اعتبار البعض أنفسهم ولاة على سوريا وإن من حقهم التفرد في تشخيص الأمور وفق منظورهم بمعزل عن أصحاب القضايا التاريخية، فان هؤلاء لا يريدون سوريا موحدة قوية في وجه من يعتدي عليها وفي المقدمة في وجه الاحتلال التركي الذي يريد التوسع في احتلال الأراضي السورية، كما أن التقارب الكردي ـ العربي وغيرهم من الشعوب الأخرى هو بالنسبة لنا خيار أساسي يمثل نهج ثورتنا. لذلك؛ فإنهم يحاولون إحداث الفتن والتفرقة بشتى الطرق والوسائل بغية تنفيذ سياسات وأجندات تركيا.

إضافة الى ذلك؛ فإن الشخصيات التي تدّعي بأنها سورية وأنها تمثل الدرجة الأولى في البلاد وتهاجم اليوم الكرد وقضيتهم في سوريا ورؤيتهم في حل الأزمة، هم من تسببوا في تدمير سوريا، واليوم يتداولون بأن التقارب الكردي ـ الكردي سيشكل الخطر على العرب وغيرهم من جهة، ومن جهة أخرى يقولون بأن الكرد سينفردون حسب وصفهم بالأمور؛ إن هذه التحليلات لا تعبّر إلا عن حالة من التشوه الفكري والسياسي الموجود في عقولهم، فهم لم يفهموا حتى الآن ما هو مشروع شعبنا وما هي حقيقة الشراكة بين الشعوب في شمال وشرق سوريا، كما أنهم لن يستوعبوا ذلك؛ كونهم بعيدين عن كل أشكال القرارات الذاتية والإرادة الحرة، وهم مجرد اتباع يفعلون ما يأتمرون به فقط.

أما بالنسبة للأحاديث عن إننا نستغل في شمال وشرق سوريا خيرات هذا البلد ونصادرها؛ فمن يسمعهم سيتوقع وكأنهم فعلوا ما لم يفعله أحد لسوريا مع إنهم هم من جلبوا “الاحتلال ـ الإرهاب ـ التطرف ـ التفرقة ـ النعرات ـ التغيير الديموغرافي”، كما أنهم محوا هوية سوريا التاريخية واستبدلوها بالتركية في التعليم والثقافة واللغة ومؤخراً حتى في العملة. ولأنهم يبنون أفكارهم على كيفية المنفعة الشخصية؛ فإنهم يعتبرون كل إجراء خدمة للشعب هو نهب، طبعاً سوريا التي نريدها وندافع عن وحدتها ومجتمعها المتماسك هي ملك لكل السوريين ولا يوجد لدينا أية احتكارات لأي شيء هو ملك للسوريين ولا نريد مطلقاً تجاوز الحقائق التاريخية والثقافية والمجتمعية والموجودة في بلدنا؛ لأن هذه الأمور هي التي تضيف سمة التميز في سوريا.

إن الإجراءات التي تتم اليوم في التقارب الكردي – الكردي تشكل مصدر قوة ودعم للخطوة التي تدافع عن التعددية والشراكة في المستقبل، وإن وحدة الكرد لا تشكل خطراً على أحد بقدر ما هي دعم لوحدة وقوة كل الشعوب السورية، حيث أن الفكر الذي يعتمد عليه الكرد هو فكر ديمقراطي قائم على الحلول العامة وليس على التفرقة بين الشعوب والمذاهب والأديان، وبالتالي؛ فإن هذه الوحدة ستسهل في حل القضية الكردية التاريخية في سوريا، وستساهم في تطوير الحلول للقضايا العالقة في سوريا. أما من يتهجم ويتحدث بغبن؛ فهم من لا يريدون لسوريا الحل الذي يلبي طموح شعبها ومستقبلها الديمقراطي. والاتهامات الكيدية التي لا تنتهي في مسيرة هؤلاء ليست إلا نوع من الحرب على سوريا وعوامل قوتها الاستراتيجية المستقبلية بالشكل الذي يتم الآن من قبل هذه الفئات المسعورة.