الإعداد هو قلب المسرحية النابض

وليد عمر_

الكثير من المخرجين لا يعيرون انتباها لمسألة الإعداد المسرحي للنص الأدبي، فالعروض المسرحية بدون إعداد للنص المسرحي ستكون عبئاً على المخرج والممثل، وحملاً ثقيلاً على الجمهور، لذلك فإعداد النص يمنح العرض المسرحي حيوية وألقا كبيراً، وسيظهر العرض بحالة جميلة وأخاذة، وسيتابعه الجمهور بشغف واهتمام، وسيتابعه حتى النهاية بحماس، ولن يشعر بالملل مطلقاً مهما كان زمنه.

والسؤال كيف سنعد النص المسرحي، والجواب هو، أغلب كتاب المسرح ليسوا مخرجين، بل أدباء لذلك من المحتمل أن يدخل النص بحالة سردية، وأيضاً قصصية، أو حتى روائية، تصلح للقراءة وليس للتشخيص على خشبة المسرح المحدودة، مساحة، ومنه فقد يأخذك المؤلف إلى أماكن بعيدة لا يمكن أن يكون لها مكان على الخشبة، لا شكلاً ولا مضموناً، ولكن إذا كان المؤلف هو المخرج المسرحي، أو له خبرة كبيرة في الإخراج، هذا الأمر يحل المشكلة.

 من خلال عملي المسرحي كمخرج حاولت إعداد مسرحية الأطفال “البئر المهجورة” ولكني لم أستطع لأن النص المسرحي متماسك وحيوي، والمناسبة فرحان بلبل هو كاتب النص، وهو مخرج مسرحي أيضاً، وله تاريخ حافل في المسرح العمالي، وأعتقد بأن أغلب النصوص للكتاب الأجانب يحتاج للإعداد على الاقل، ليتناسب النص والعرض مع أوجاعنا الشرقية، ومشاكلنا الاجتماعية والطبقية، وغير ذلك ونستطيع القول فيما يتعلق بالإعداد المسرحي، بأنه على المخرج قراءة النص أكثر من مرة وفي أوقات مختلفة، ويعيد قراءته بعد فترة من الزمن، وبعد أن يكتشف الكنوز الدرامية في هذا النص، ويتعرف على أساس الصراع وهدفه وفكرته الأساسية، التي يجب أخلاقيا على المخرج الا يمس فكرة النص الأساسية بسوء، لأنها ملك شرعي للمؤلف، أو إعادة صياغة المسرحية على أساس الفعل ورد الفعل.

 يمكن في الحال هذه إضافة مشاهد، أو شخصيات يراها مناسبة، وتفيد في تقوية الخط الدرامي للمسرحية، أو حذف بعض مشاهد الشخصيات التي ليس لها علاقة، وتضعف صيرورة المسرحية، وخط الفعل الدرامي وتصاعده، وكل هذه الأمور تحتاج إلى مخرج خبير ومثقف جداً ولديه تجارب بالكتابة المسرحية، ومتابع للعروض المسرحية وقارئ جيد للنصوص والروايات والقصص، ومن الفوائد المهمة للإعداد بالنسبة للمثل الذي يجسد الشخصية المسرحية، فعندما يكون الحوار رشيقاً ومعبراً، ومختصراً ومعبراً عن حالة المشهد بجمالية، واستلام الحوارات وتسليمها بين الشخصيات مدروس بعناية، هذا الأمر سيؤدي إلى الايقاع السليم لخط العرض المسرحي، وسيكون الممثل في قمة عطائه الفني والدرامي، وسوف يؤكد ببساطة على حالة الشخصية التي يلعبها، والمخرج الذي يعد نصه، وهذا الشيء مهم جداً، لأنه الوحيد العارف بخطوطه الدرامية، وعلاقة الشخصيات ببعضها وهذه الأمور ستؤدي إلى الوصول لحالة الإبداع والوصول إلى فكرة وهدف العرض بكل سهولة وشفافية للمشاهدين، وهنا سيحقق المتعة والفائدة للجمهور، للتقديم على الخشبة وأي عرض يقدم دون إعداد مسرحي سيكون مترهلاً وميتاً، لذلك أصدقكم القول: إن الإعداد هو قلب المسرحية النابض.