روناهي/ عين عيسى ـ
على مر السنوات الماضية عاصرت مراحل عدة من الأزمة السورية في ربيع عام 2011، فعاشت أياماً مريرة مارسها المحتل التركي بعد احتلاله قريتها عقب سيطرته على المنطقة، وتأمل بمستقبل أكثر إشراقاً بقوة وصمود الشعوب السورية، وتضامنها للخلاص من المعاناة.
الأم المهجرة مريم الأحمد من أهالي قرية الشركراك التابعة لمقاطعة كري سبي المحتلة، عاشت قصصاً من المعاناة والصمود والتحدي مثل ما حصل لأهالي المنطقة، الذين عاصروا السنوات السوداء، التي سيطرت خلالها المجموعات المرتزقة على المنطقة، وعاثوا فساداً بالأمن والاستقرار، الذي كانت تعيشه قريتها، فأحرقوا المدارس وحطموا المرافق العامة والخاصة بحجة “الثورة السورية”.
وتستذكر الأم مريم مقولة همجية أطلقها أحد المرتزقة، وقتها بعد أن رفضت حرقهم للمقاعد الدراسية في مدرسة قريتها: “نحن الثورة… نحرق المقاعد لأنها للنظام”… فجاوبتهم: “هذه المقاعد للدراسة… وليست للنظام… اذهب إلى النظام وحاربه؛ إن كنت ثورجياً”.
وتقول بحرقة: “جعلوا حياتنا جحيماً لا يُطاق لم يتركوا شجراً، ولا حجراً، إلا وعبثوا به… لقد سرقوا المواطنين، وفرضوا الإتاوات وقوانين باسم ما يعرف بالثورة السورية… ولا أعلم أي ثورة كانوا يمارسونها في قيامهم بالضرر بالأهالي وتخريب المرافق العامة، ومصادر أرزاق الناس”.
ربيع ثورة روج آفا قلب المعادلة
بعد انطلاق ثورة روج آفا 19 تموز 2012 كانت الأم مريم، وعائلتها المكونة من ستة أفراد، وكان لهم أب يرى فيه أولاده الخلاص لمعاناتهم، وحلاً لما سببته الأزمة السورية من دمار وخراب، وتعاقب للمرتزقة، وعلى رأسها ما يعرف “بجبهة النصرة” سابقاً المدعومة من تركيا.
كانت تراقب الأم مريم وعائلتها الثورة المندلعة، التي قادها الشعب الكردي وشعوب المنطقة، حيث كانت تصلها أصداؤها وتصرفات القائمين عليها، فاستطاعت الثورة حماية المرافق العامة، وطرد العابثين، والحاقدين الذين تسلقوا على ثورة الشعوب السورية، والتي مثلتها ثورة روج آفا.
وتقول الأم مريم بهذا الصدد: “كنا نأمل أن تصل ثورة روج آفا باكراً إلى مناطقنا، إلا أن الدولة التركية المحتلة عملت خلال السنوات التالية للأزمة السورية على إعاقة تطور الثورة، ومحاولة إعاقة تعميمها على عموم المناطق السورية، وتقويض وتشويه النتائج العظيمة التي حققها”.
وأضافت: “بعد وصول ثورة روج آفا إلى مناطقنا ودحرها الإرهاب والمرتزقة في الفترة ما بين عامي (2016ـ 2017) كانت النتائج باهرة من خلال التنظيم والأمن والأمان، الذي حملته الى مناطقنا، وتوفر كل الاحتياجات الأساسية بعد إعادة تأهيل المرافق العامة والخاصة، التي دمرت على يد المرتزقة والإرهابيين باسم الثورة السورية”.
المحتل التركي فشل بتقويض ثورة الشعوب السورية
تعتصر الأم مريم ألماً كلما تذكرت العدوان التركي على مقاطعة كري سبي، واحتلاله لأجراء واسعة من قراها وبلداتها ومن ضمنها قريتها، حيث تؤكد بأن “المحتل التركي بعد أن استغل الأزمة السورية لصالحه بدعم التنظيمات الإرهابية والمرتزقة، عاد فلم يجد أمامه بداً إلا أن يحتل الأراضي السورية بشكل مباشر، بترسانته العسكرية وبتواطؤ دولي لم توقفه أصوات الشعوب السورية، بعدم دخول أي محتل الى الأرض السورية… ولكن حدث ما حدث ودخل المحتل إلى عفرين، والباب، وجرابلس، وإعزاز… وغيرها. ثم استكمل مخططته باحتلال مقاطعة كري سبي وقريتنا كذلك”.
وتضيف بأنه بالرغم من حالة التهجير والاحتلال، التي فرضها المحتل ومصادرة الأراضي الزراعية والممتلكات، وتسخيرها بيد مرتزقته إلا أن كل مهجر في المخيمات في سوريا على يقين بأن العودة حتمية إلى الأرض بعد دحر المحتلين والغاصبين عاجلاً أم أجلاً بقوة المقاومة والصمود.
وتأمل الأم مريم في نهاية حديثها بمستقبل مشرق بروح ثورة روج آفا، التي تعدّ الثورة الحقيقية التي تعبر عن هاجس الشعوب السورية، وتحقق النتائج المرجوة في تحقيق العدالة، والديمقراطية، والتعايش بين الشعوب السورية كافة.