ارتقاء ثلاث قياديّات إلى مرتبة الشهادة العظمى في طريق النضال التحرّري والقيادة العامة لوحدات حماية المرأة تعاهد بالانتقام
روناهي/ قامشلو ـ
على خلفية تنظيم الملتقى الأول لثورة المرأة في الشرق الأوسط، استهدف المحتل التركي في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، ثلاث قياديات في مدينة قامشلو عن طريق طائرة مسيرة، هذا وكان الهدف من الملتقى توحيد، وحشد قوة المرأة السورية، والشرق الأوسطية؛ للوقوف بوجه الاعتداءات، والحروب المتتالية، التي تستهدف المرأة.
تسعى دولة الاحتلال التركي إلى كسر مشروع الأمة الديمقراطية، والإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بشتى الطرق، فهي تهدد تارة بالغزو، وبالهجوم تارة أخرى، وتستهدف المدنيين العزل، ضاربة قوانين حقوق الإنسان عرض الحائط، والذي يشغل بال هذه الدولة المحتلة الغاشمة، ويخيفها إرادة، وقوة المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا، بعد ثورة التاسع عشر من تموز، فالمرأة أصبحت أيقونة الحرية، والنضال، والمقاومة بوجه كل غاصبٍ معتدٍ، فالمجازر والانتهاكات، لا تعد، ولا تُحصى بحق النساء في هذه البقعة من سوريا، والمرأة تعاني في المناطق المحتلة من وسائل العنف والاغتصاب عامة، إلى جانب استهداف المرأة في المناطق الآمنة؛ لبث الرعب بين الأهالي، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نذكر صور الشهيدة هفرين خلف، التي استشهدت على أيدي مرتزقة تركيا أيضاً، وبأمرٍ منها، ومجزرة حلنج، التي أودت بحياة الشهيدات الثلاث زهرة بركل، هبون ملا خليل، وأمينة ويسي، في الثالث والعشرين من حزيران من عام 2020، حيث استهدفت دولة الاحتلال التركي قرية حلنج جنوب شرق مدينة كوباني بطائرة مُسيّرة؛ ما أدى إلى استشهادهن، هذه المجزرة تكررت في قامشلو، حيث استهدفت طائرة مسيرة تابعة للاحتلال التركي في الثاني والعشرين من تموز الجاري سيارة على طريق قامشلو، واستشهدت ثلاث شهيدات؛ جراء هذا الهجوم. وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن استشهاد القيادية في وحدات مكافحة الإرهاب، جيان تولهدان، والقيادية، روج خابور، وعضوة مكافحة الإرهاب بارين بوطان، خلال هجوم لطائرة مسيرة تابعة للاحتلال التركي على طريق قامشلو.
القصاص للقتلة وللجواسيس
وأكدت القيادة العامة لوحدات حماية المرأة على الانتقام للشهيدات القياديات، اللواتي استهدفهن الاحتلال التركي، وقالت: “لن يتمكّن هذا الهجوم من جعلنا نتراجع بأي شكلٍ كان، بل سيعزّز الهجوم التركي حقدنا تجاه الدولة التركية”، داعية نساء شمال وشرق سوريا، للانضمام إلى صفوف النضال.
وأصدرت القيادة العامة لوحدات حماية المرأة، بياناً إلى الرأي العام، بخصوص استشهاد القياديات في وحدات حماية المرأة، وقوات سوريا الديمقراطية، جيان تولهدان، وروج خابور، وبارين بوطان، وجاء في البيان: “يسعى نظام أردوغان الفاشي، وحليفه داعش، وجواسيسه، الذين يعادون ثورة روج آفا، ومؤسسيها من النساء الرائدات، إلى إنجاح مشروع الإبادة، التي يتبنّاها، والقضاء على المرأة بالهجمات اليومية التي يشنّها، إنّه يسعى باستهدافه للثورة إلى القضاء على قوة المرأة، التي تقود نضال الحرية الكردية.
ورغم أنّ هذه الهجمات تقع أمام أنظار قوات التحالف، والقوات الروسية في المنطقة، إلّا أنّ هذه القوى تغضّ الطرف عنها، ولا تبدي أي ردّ فعل حيالها، ولهذا نقول: إنّ القوى، التي تغضّ الطرف عن هذه الهجمات، وتتجاهلها مسؤولةٌ عنها، وشريكة فيها”.
وتابع: “استهدفت دولة الاحتلال التركي في الثاني والعشرين من تموز الجاري، سيارة على طريق قامشلو، بطائرة مسيّرة؛ ما أسفر عن استشهاد القيادية في وحدات حماية المرأة، وقوات سوريا الديمقراطية، جيان تولهلدان، والتي كانت في الوقت نفسه القائدة العامة لوحدات مكافحة الإرهاب، والقيادية روج خابور، ورفيقتنا بارين بوتان عضوة وحدات حماية الإرهاب، أثناء مغادرتهن لقامشلو بعد المشاركة في الملتقى، الذي عُقد فيها بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة للثورة، نقدّم تعازينا للشعب الكردي بأسره، ولمكونات شمال وشرق سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية باستشهاد قيادياتنا ورفيقاتنا، ونعد بالانتقام لشهيداتنا بالدفاع عن الثورة وتعزيزها، والقضاء على دولة الاحتلال التركي، ومرتزقة داعش وضمان تحرير روج آفا، وشمال وشرق سوريا”.
الدور المنظّم لنضال الشهيدات
وتابع البيان: “شهدت قائدة وحدات مكافحة الإرهاب جيان تولهلدان، الاسم الحقيقي سلوى يوسف على مصاعب الثورة ولحظاتها كلها، وعملت منذ بداية الثورة على تنظيم الشعب، تشكيل YXG وتجييش وحدات حماية المرأة، ومهام وحدات مكافحة الإرهاب بجهدٍ وبتفانٍ كبيرين، أصبحت ثورة روج آفا بجهود ونضال الرفيقة، والقيادية جيان ثورة للمرأة، ولقت صدىً واسعاً، وأصبحت أملاً لحرية جميع النساء، والإنسانية بأسرها.
وصلت هذه الثورة لعامها العاشر بجهود هؤلاء الرفيقات، والقياديات، وخلقت قوة وإرادة القيادية جيان الإيمان بالحياة الحرّة، لدى النساء كلهن، والمجتمع بأسره، وآمن كل من النساء والشبيبة من جميع المكونات في روج آفا، وشمال وشرق سوريا ومن العالم أجمع بهذه الثورة، لتصبح روج آفا هي المركز الرئيسي للثورة”.
الشهيدة جيان أيقونة النضال
وأضاف البيان: “أصبحت القيادية جيان بشغفها بالحياة الحرة، وثورة روج آفا ذات معرفةٍ، وخبرةٍ كبيرة، وقد درّبت آلاف المقاتلين بمعرفتها، وخبرتها هذه، وسيعزز هؤلاء المقاتلون اليوم ميراث النضال، الذي تركته لهم، ويضمنون الوطن الحر. شاركت رفيقتنا وقائدتنا الرائدة، جيان في حملات تحرير روج آفا، وشمال وشرق سوريا بالروح المقاومة للمرأة الحرة. فخاضت القيادية جيان في سري كانيه عام 2013 القتال ضد مرتزقة داعش، الذين كانوا كابوساً للبشرية جمعاء، وضد مرتزقة جبهة النصرة في الشيخ مقصود، الشدادي، منبج، ودير الزور من جبهة إلى جبهة، وشاركت ضد داعش مع التحالف في حملات التحرير، وأصبح نضال القيادية جيان تولهلدان أمل الحياة الحرة للبشرية جمعاء”.
وعلى هامش انعقاد ملتقى ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا، بمناسبة مضي عشر سنوات على ثورة روج آفا، كانت قد تحدثت الشهيدة جيان تولهلدان عن مواضيع هامة، وتناولت العديد من النقاط منها، استهداف الجماعات المرتزقة للنساء، إضافةً للحديث عن الحراك النسوي، ومعاناة النساء جراء انعدام نظام الحماية والدفاع، كما حدث في شنكال بحق النساء الإيزيديات، وفي مناطق شمال وشرق سوريا خلال سيطرة مرتزقة داعش، والجيش الوطني، منتقدةً وضع المرأة في الأنظمة التي تدعي الديمقراطية، قائلةً: “إنها لم تصل إلى حقيقة المرأة، وكانت قد أكدت على أن ثورة روج آفا كانت محط أنظار العالم: “رغم أن عدد الرفيقات الأمميات المنضمات للدفاع معنا، ليس بالكثير، إلا أن هذا الحضور تأكيد واضح على وصول ثورتنا إلى العالمية”.
وفي إحدى المداخلات ردت على سؤال، حول كيف يمكن للنساء حماية مكتسباتهن؟ بالإشارة إلى أن النساء قبل ثورة روج آفا كانت تنتظر أن يأتي الرجال للدفاع عنهن، أما اليوم فهناك تنظيم نسوي خاص، وأكدت على أهمية الحماية بالقول إن: “الإنسان لا يعيش بدون طعام، وماء، وكذلك لا يمكنه العيش بدون حماية”، مشددةً على أن: “النساء هن أكثر من يتأثرن بالحروب”.
وكانت آخر كلماتها توجيه رسالة للنساء عبر وكالة أنباء المرأة: “على النساء أن يعبرن عن رفضهن للهجوم عليهن، والحماية واجب يقع على المرأة، فعليها أن تعود لثقافتها في الحماية”.
الشهيدة روج روح المقاومة
وجاء في البيان أيضاً: “الرفيقة روج، الاسم الحقيقي، جوانا حسو تربّت في كنف عائلةٍ وطنية في الدرباسية، وأصبحت ذات تجربة وخبرة خلال وقت قصير من انخراطها في صفوف الثورة، وأصبحت بفلسفة حرية المرأة؛ امرأة ثورية ذات إرادة وقوة، وقد سارت وفق نهج وفلسفة حرية المرأة هذه، حتّى اللحظة الأخيرة، وتولّت مهامها الثورية، والوطنية بمسؤولية.
وقضت كلّ لحظةٍ من حياتها في النضال في سبيل الوطن الحر، وشاركت مع قوات التحالف في حملات التحرير من داعش، وأُنقذت البشرية من داعش بقيادة، وشجاعة الرفيقة، والقيادية جيان وروج”. وأيضاً كانت قد تحدثت الشهيدة روج خابور عن المرأة، ونضالها: “النساء في شمال وشرق سوريا، اللواتي انضممن لوحدات حماية المرأة YPJ ودافعن عن كرامتهن قبل أرواحهن، أصبحت مقاومتهن مثالاً”، مشيرةً إلى انضمام العديد من النساء من مختلف الشعوب، مؤكدةً على ضرورة اتحاد النساء فكرياً، وعسكرياً، ومجتمعياً لدرء الهجمات، التي تنوي تركيا شنها على المنطقة.
النضال بإصرار
وأكمل البيان: “تأثّرت الرفيقة بارين بوتان، الاسم الحقيقي، رها بشار، التي ترعرعت في كنف عائلة وطنية في عفرين، بثورة روج آفا في بحثها عن الحرية، وهي في سن الشباب، وانضمّت إلى صفوف وحدات حماية المرأة، عاشت رفيقتنا بارين بغضب وحقدٍ شديد تجاه الدولة التركية المحتلة، وناضلت بإصرار كبير لدحر الاحتلال”.
القيادة العامة لوحدات حماية المرأة قالت: “إن الثورة الشعبية أُسست في شمال وشرق سوريا بجهودٍ وتضحيات كبيرة من الرفيقات المستشهدات، وعلى أساس حرية المرأة، وأصبحت أمل الحرية لجميع نساء المجتمعات الحرة، إنّ الدفاع عن الثورة وضمان حرية روج آفا وشمال وشرق سوريا، هي وظيفتنا الأساسية في وحدات حماية الشعب، ووعدنا الذي قدّمناه لقيادياتنا”.
واختتمت القيادة البيان بالتأكيد على الانتقام، ودعوة النساء في شمال وشرق سوريا للانضمام إلى صوف النضال: “مرةً أخرى نقدّم تعازينا للشعب الكردي بأسره، وقوات وحدات حماية الشعب، وقوات سوريا الديمقراطية.
سننتقم لرفيقاتنا من قوات الاحتلال التركي، ومن جواسيسه، ولن يتمكّن هذا الهجوم من جعلنا نتراجع بأي شكلٍ كان، بل سيعزّز من كرهنا وحقدنا تجاه الدولة التركية أكثر، في هذه المرحلة التي تقع فيها ثورتنا وقياديوها هدفاً لهجمات الإبادة نقول لجميع نساء شمال وشرق سوريا، انضمّوا إلى صفوف النضال”.
“نعاهد الشهيدات جيان، وروج، وبارين في مواصلة مسيرة نضالهن“
عاهدت الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) آسيا عبد الله، باسم ملتقى ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا، الشهيدات (جيان، روج وبارين) اللواتي كن قد شاركن في اليوم الأول من الملتقى، وجرى استهدافهن بمسيّرة تركية على طريق قامشلو، على مواصلة مسيرتهن النضالية.
جاء ذلك خلال كلمة لها في ختام فعاليات اليوم الثاني، والأخير للملتقى الأول لثورة المرأة، الذي أقيم تحت شعار “بتكاتف المرأة سنحمي مكتسبات الثورة، ونطورها” في مدينة قامشلو.
وبيّنت، أن الشهيدات الثلاث كن من الطليعيات في مقاومة شمال وشرق سوريا، وشاركن في التصدي لمرتزقة داعش، وناضلن في جميع الساحات، كما شاركن في الجبهات الأمامية بإرادة وقوة متواصلة.
آسيا عبد الله أكدت أنهن منذ عام 2012، وإلى اليوم الراهن شاركن في جبهات المقاومة من أجل حرية المرأة، وبناء نظام الأمة الديمقراطية، وبناء سوريا ديمقراطية، وحماية المنطقة من الهجمات، التي تطالها، مشيرة إلى: مشاركة القيادية جيان في جميع الحروب، والجبهات الأمامية، حيث أبدت مقاومة لا مثيل لها في مقاومة الشيخ مقصود ضد جميع الهجمات، والأسلحة الثقيلة، وكانت في الطليعة لصد هجمات دولة الاحتلال التركي، ومرتزقته.
