اتحاد المرأة الأرمنية…. ميثاق جديد لتوحيد الصف ضد الإبادادت

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

للم شتات المرأة الأرمنية بعد الإبادات، التي تعرضت لها، جاء تشكيل اتحاد خاص أعلن عنه في أول مؤتمر للمرأة الأرمنية أولى الخطوات نحو التنظيم، وتوحيد الصف في مواجهة أخطار قد تتعرض لها المرأة الأرمنية في المستقبل، ومحاسبة كل من كانت له يد في تلك الإبادات.

 غالباً ما تُرتكب الأعمال الوحشية، وعمليات الإبادة الجماعية في سياق الحرب، وتعدّ الإبادة الأرمنية على يد الأتراك واحدة من بين أبشع المجازر الوحشية المرتكبة في تاريخ البشر.

وبعد هذه الإبادة، تشتت النساء الأرمنيات، فاختلطن بالمجتمعات الأخرى، إلا أنهن قد لملمن شتات أنفسهن، فواجهن الاحتلال التركي ببسالة، مشاركات الواقع نفسه مع نساء شعوب شمال وشرق سوريا، وقد عقدت المرأة الأرمنية أول مؤتمر خاص بها بعد 107 أعوام من الإبادة والذل، الذي لاقته لتقف من جديد، وتوحد صفوفها ضمن ثورة روج آفا، فكانت الخطوة الأولى، لتعرف المرأة الأرمنية جذورها الأصلية، ولغتها وعادتها وتقاليدها، إضافة إلى ترسيخ ثقافة الشعب الأرمني، الذي تعرض للتهميش، لتكون يد قوة للتنظيمات النسائية في شمال وشرق سوريا، ساعيةً معها لتخليص نفسها، والعالم من الظلم.

ثورة روج آفا ولادة جديدة للمرأة الأرمنية

ألقت الإبادة الجماعية للأرمن بظلالها على النساء الأرمنيات، ليعانين من الأمرين، منذ الحرب العالمية الأولى، حيث تعرضن للقتل، والاغتصاب الجماعي، والتهجير القسري من مناطقهن، فسيقت المرأة الأرمنية في مسيرات الموت، فجابت البلدان، والجبال، والسهول إلى صحراء دير الزور، وانتهى بها المقام في جبال مركدة لتكون شاهده على ما قاساه الأرمن.

وقد التقت صحيفتنا “روناهي” بالناطقة في اتحاد المرأة الأرمنية “آناهيد قصابيان” التي حدثتنا عن واقع المرأة الأرمنية منذ الإبادة الجماعية، التي تعرض لها شعبها: “قُتلت، وهجرت، فوجدت الموت في طريقها، حتى وصل من وصل إلى صحراء دير الزور، ومركدة، فشهدت البشرية أبشع جرائم الإبادة هناك، وبعد نصب الخيام في مناطق بلاد الشام، لأكثر من ثمانين مخيماً، فأصبحت المخيمات ملتقى الفرق الحميدية في الليل، لاغتصاب، وقتل من تشتهي لهم أنفسهم، حتى بلغ عدد الضحايا إلى 500 ضحية في اليوم”.

وأشارت آناهيد إلى أن المرأة الأرمنية، اندمجت مع الشعوب الأخرى، فتعلمت لغتهم، وثقافتهم، وعاداتهم، التي لا تمت لها بصله، إلا أنها نظمت ذاتها بعد ثورة روج آفا عسكرياً وسياسياً واجتماعياً، فأُملت الوقوف من جديد، ململمة شتات ذاتها، معيدةً رسم تاريخها، وصنع حاضرها بنفسها”.

صنعت من أوجاعها قوة

انعقد بتاريخ 30/8/2022 مؤتمر اتحاد المرأة الأرمنية الأول بشمال وشرق سوريا، بعد مسيرة ماراثونية من العمل الدؤوب، والجهد المكثف لضم الأرمنيات من الشتات في مدن شمال وشرق سوريا إلى الاتحاد، وقد أشارت إلى ذلك أناهيد: “لقد آمنا بضرورة لمّ شمل العائلة الأرمنية، بعد سنوات طويلة جداً من الاختباء في الشتات؛ لحماية أرواحهم من الإبادة، التي قامت بها الدولة العثمانية ضد شعبنا وشعوب المنطقة”.

مشيرة إلى قوة، وإمكانات المرأة الأرمنية، التي أثبتتها بالمشاركة في إقامة مجتمع ديمقراطي حر، تعيش فيه بسلام ومحبة، ويكون لجميع الشعوب الحق بتقرير مصيرها: “لقد لملمت المرأة الأرمنية تحت سقف هذا المؤتمر شتاتها، لتصنع من انكساراتها وآلامها الحافز للتقدم نحو مستقبل أفضل”.

ونوهت آناهيد خلال حديثها إلى أهمية المؤتمر، الذي عُقد منذ أيام، والهدف منه: “بعد 107 سنوات من الإبادة الجماعية للأرمن، والتي راح ضحيتها ملايين الأرمن، اتحدت نساؤنا مع نساء المنطقة، لنكون يداً واحدة في وجه الطغيان مطالبين بحقوقنا، وجاء انعقاد هذا المؤتمر تشجيعاً للكثيرين من الأرمن للمطالبة بحقهم، ونشر الثقافة الأرمنية ليعرف العالم عاداتنا وتقاليدنا”.

وعن أهم النقاشات، التي دارت ضمن المؤتمر، كما تطرقت لها آناهيد: “تأهيل اللغة الأرمنية، والتركيز عليها ضمن المدارس، وفتح دورات للكبار والصغار، وتدريب المرأة فكرياً، وتعليمها على السلاح؛ لتقف مع القوات العسكرية الأرمنية مدافعةً، وحاميةً أرضنا من الاحتلال، والعمل على تقوية العلاقات الخارجية مع الدول، التي تعترف بالإرادة الأرمنية، ومع المنظمات الدولية، وحقوق الإنسان، لفتح ملفات الإبادة، ومحاسبة مرتكبيها (دولة وأفراد)، على جرائمها سابقاً، واليوم بحق شعوب المنطقة، كما دارت بعض النقاشات حول حماية المرأة الأرمنية من الذهنية الذكورية، والحفاظ على حقوق المرأة ضمن الأسرة والمجتمع”.

اتحاد المرأة الأرمنية قطاف مجهود دام لسنوات

 وأضافت آناهيد: “سيكون هذا المؤتمر الخطوة الأولى لإعادة الثقافة الأرمنية للمجتمع، وتسليط الضوء على قدرة المرأة الأرمنية على تنظيم نفسها، ومجتمعها وإدارة مؤسساتها، لأن المرأة المنظمة لا يمكن كسرها، ولنؤكد على أننا لن نتوقف عن النضال، ونثبت للعالم بأكمله، أننا كأرمن موجودون، وسنبقى على أرضنا مهما حدث”.

وبينت آناهيد، أن اتحاد المرأة الأرمنية جاء نتيجة مجهود دام لسنوات، وبينت أهميته للنسوة الأرمنيات: “لقد كانت خطوة مهمة لنا لإعادة المرأة إلى جذورها، وإعادة هيكلها، ولغتها وتاريخها وثقافتها وفلكلورها الأرمني، الذي سعى الاحتلال التركي لسلبه منها، وهذا الاتحاد سيعمل على تنظيم صفوفها داخل الإدارة الذاتية؛ ليكون لها صوتها الخاص ضمن المؤسسات النسائية والأحزاب السياسية”.

واختتمت آناهيد حديثها مباركةً للنساء الأرمنيات بتشكيل اتحاد خاص بهن، ودعتهن لتوحيد صفوفهن، ضد الاحتلال لمنع تكرار الإبادة التي طالتهن منذ 107 سنوات: “نحن اليوم صانعات القرار، ولن نسمح للاحتلال بتكرار مجازره بحقنا وحق شعوب المنطقة”.