إلى متى ستبقى الحيتان تسرح وتمرح كما تشاء؟

جوان محمد/ كاتب وصحفي-

مستغلي الحروب والثورات كثر، ومع بدء انتفاضات الشعوب في مختلف البلدان في الشرق الأوسط، تنامى دور من باتوا يعرفون الآن في المنطقة بالحيتان، بحيث بدأت عملية الاحتكار للمواد الأساسية في الكثير من الأوقات وهنا يقع الدور الأكبر على الجهات المختصة لردع هؤلاء، ولكن ورغم مرور عدة سنوات للإعلان عن الإدارة الذاتية الديمقراطية في الجزيرة، وكوباني، وعفرين المحتلة حالياً، عام 2014، وبعدها تشكيل الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا عام 2018، لم نجد السيطرة على هؤلاء الحيتان وكبح جماحهم في عميلة استغلال المواطن، وعلى الأقل كان من المفترض رفد الأسواق بالمواد الأساسية وفتح مراكز حقيقية وناجحة مخصصة للمواد الغذائية، وليس كما حصل عام 2016 كجمعيات هفكرتن التي تلاشت وكانت الاستفادة منها قليلة، التجار على مختلف المجالات والسلع يسرحون ويمرحون وهذه حقيقة واضحة بدون أي رادع حقيقي فمن يقف خلفهم؟ لا يجوز لشعوب المنطقة أن تبقى مُستغلة من هذه الشخصيات التي تمص دماء الشعوب تارة في إخفاء مادة الزيت وتارة إخفاء مادة السكر، بحيث وصل سعر كيلو من مادة السكر في عام 2016 إلى 1800 ل.س، والمساعد الأكبر لهؤلاء التجار “الحيتان” هو عامل الدولار، فمع بدء التبادل التجاري مع إقليم كردستان بدأت عملة الدولار تدخل على الخط، وليدخل النظام السوري فيما بعد ويشتري من أسواق قامشلو الدولار ويبيعها في السوق السوداء في المناطق التي تخضع لسيطرته؛ ليرتفع السعر ومعه المواد، ومن يدفع الضريبة الأكثر هم الفئة المتوسطة والفقيرة في المجتمع. كذلك هو حال  التجار الكبار للخضروات والفواكه، يقومون ببيع سلعهم إلى البائع المفرق بفاتورة وتسجل فاتورة أخرى لكي تُعرضَ على حماية المستهلك في إقليم الجزيرة، ورغم معرفة المعنيين بذلك لكن لا يقومون بردع حقيقي لهم والحجة بأن البائع الذي يشتري منهم لا يشتكي؟ ورغم أن البائع يعطي أدلة دامغة وهي الفواتير التي هي على شكلين، الأولى سعر يتم كما ذكرنا سابقاً عرضه للمعنيين والسعر الآخر هو للبائع، ويتوجه من يعملون في حماية المستهلك للبائع والذي يطلعهم على الفاتورة التي هي أغلى من الفاتورة التي منحها التاجر الكبير للجملة للجهات المختصة، وهنا تقوم هذه الجهات بمخالفة البائع للمفرق لأنه مجبر أن يبيع بسعر لا يتناسب مع سعر التموين، لأن سعر التموين قائم على فاتورة التاجر، وليس البائع، وما يثير للدهشة! وأثناء تطبيق حظر التجوال الأول في شهر آذار الماضي كإجراء احترازي لمنع تفشي فيروس كورونا وفي إحدى الفيديوهات على وسيلة إعلامية يظهر مواطن ويقول لن أشتكي على التاجر فها أنا أطلعكم على الفاتورة التي بحوزتي التي وصلتني من بائع الجملة عبر الواتس آب بعد استلامي باليد فاتورة منه وكل فاتورة لنفس المواد بسعر مختلف، المعني يرد بأنه أن لم يشتكِ عليه رسمياً فلن يتم مخالفة البائع بالجملة والبائع بالمفرق يخاف بكل الأحوال من هؤلاء التجار ولكي لا يقطع رزقه لا يتكلم ولا يشتكي، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، في حال أن البائع للمفرق لم يشتكِ على تاجر الجملة، ولكنه يمنح الجهات المعنية الأدلة الواضحة على التلاعب بالأسعار والفواتير، فهل ستبقى الجهات المعنية صامتة؟ إن قام أحدهم بجريمة قتل لطفل يتيم مثلاً ولا يوجد أي شخص يشتكي له، هل المجرم سوف يبقى بلا عقاب؟ هؤلاء الحيتان يجب ردعهم بأي شكل من الأشكال لأن تركهم يسرحون ويمرحون هو أمر ينقص من ثقة الشعب بالجهات المعنية وعليها تدارك هذا الأمر لأنه استفحل بشكلٍ كبير بين التجار ولا يحسبون حساباً لأي جهة بسبب تركهم بدون عقاب، فهل وصلت الرسالة للمعنين أم لا؟