إلى أين وصل مشروع “الجدائل الخضراء”..؟!

 مشروع “الجدائل الخضراء” مشروع لزراعة الأشجار، ظهرت فكرته عام 2020، ويهدف إلى زيادة المساحات الخضراء في مناطق شمال وشرق سوريا. وسمي المشروع بـ “الجدائل الخضراء- Keziyên Kesk” تيمناً بنضال النساء في مناطق شمال وشرق سوريا، وكذلك جدائل النساء الإيزيديات اللواتي يقاتلن ضد مرتزقة داعش.

وحول أهداف المشروع تحدثنا مع كل من خفشي عرفات ومحمود جقماقي.

وأشارت خفشي عرفات بدايةً إلى أن نشاط المشروع لا تقتصر على زراعة الأشجار فقط، بل إنبات المشاتل أيضاً، وقالت إنهم يعتبرون الأشجار أرواحاً حية ويتعاملون معها كما يتعاملون مع الأطفال وقالت: “يجب أن نعمل على حمايتها من الأمراض. ونحن نسعى من خلال المشروع إلى زيادة المساحات الخضراء في المناطق التي نعيش فيها”.

وعبّرت خفشي عرفات عن سعادتها بالمشاركة في هذا المشروع، كما نوهت إلى أن العديد من المؤسسات تطوعت للمشاركة في هذا المشروع وبشكل خاص مؤتمر ستار ومنظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة وكذلك النساء العضوات في باقي المؤسسات.

كل غرسة ستتحول إلى شجرة

وأضافت خفشي عرفات: “بعد أن يتم جمع المشاتل من المناطق، نقوم بزراعتها، حاليّاً تبدو صغيرة، ولكنها سوف تنمو بعد حصولها على كمية كافية من الماء والأوكسجين، ونحن بدورنا سوف نقوم بتوزيعها على الأهالي. والأمر لا يتوقف فقط على زراعة الأشجار، بل يجب متابعتها والعناية بها. ونحن نحاول تعزيز هذه الذهنية، ولذلك فإن الذين يزرعون المشاتل يجب أن يتصرفوا بمسؤولية أيضاً”.

وعن أنواع الأشجار التي يتم زراعتها في مشروع الجدائل الخضراء قالت خفشي عرفات: “إنهم يزرعون مختلف أنواع الأشجار الحراجية والمثمرة المعروفة في مناطق روج آفا، وبشكل خاص أشجار التين والكروم التي تناسب مناخ المنطقة”.

“يعمل في زراعة المشاتل منذ 30 عاماً”

حسين فيصل (58عاماً) أُجبر على الخروج من عفرين إثر هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته، وهو الآن يعمل في مشروع الجدائل الخضراء في باحة جامعة روج آفا. يقول إنه يعتبر عمله فنّاً، وأضاف: “أنا أعمل في الزراعة منذ 30 عاماً، وحاليّاً أزرع مشاتل الأزهار وأنواع الأشجار”.

محمود جقماقي، أحد مؤسسي مبادرة الجدائل الخضراء، قضى فترة من الزمن في مناطق الشهباء بعد احتلال عفرين، ثم انتقل للعيش في قامشلو. جقماقي الذي يهتم بالكتابة الأدبية وكذلك بمجال السينما، تحدث لوكالة هاوار عن تفاصيل مشروع الجدائل الخضراء والأعمال التي تم إنجازها حتى الآن.

يقول محمود جقماقي: “إن قلة نسبة الأشجار في المساحات الشاسعة من الأراضي الواقعة بين كوباني وقامشلو كانت تشد انتباهه كثيراً، حيث تنتشر مساحات جرداء قاحلة، وعليه فقد بدأ بمناقشة الموضوع مع أصدقائه، وأسفرت النقاشات عن الوصول إلى قرار بالبدء بزراعة الأشجار بمشاركة مجموعة صغيرة من الأصدقاء، وفيما بعد وصلوا إلى نتيجة أن هذه المبادرة لن تحل المشكلة، بل يجب توسيع المشروع ليشمل إنبات البذور ورعاية المشاتل، فأطلقوا مشروع الجدائل الخضراء مع مجموعة من الأصدقاء”.

وبعد دعم ومساندة جامعة روج آفا تحولت مبادرة الجدائل الخضراء إلى مشروع موسع لزراعة المشاتل والأشجار.

تحقيق مستقبل أخضر

يقول محمود جقماقي بصدد المشروع: “لقد رأينا أنه يجب ألا نلقي هذا الأمر على عاتق الإدارة الذاتية وحدها، بل اعتبرنا أن زيادة المساحات الخضراء في هذه المناطق هي مسؤولية اجتماعية تهم جميع الناس، وبالتعاون والتشارك فقط سنتمكن من جعل مناطقنا وأراضينا خضراء”.

لدينا مجموعة من المختصين وأصحاب الخبرات

ونوّه جقماقي إلى أن مجموعة العمل في مشروع الجدائل الخضراء تضم مختصين وذوي خبرة يتقنون عملهم، وسبق لهم أن عملوا في مجال الزراعة، وأضاف أيضاً: “يضم مشروع الجدائل الخضراء العديد من المهندسين الزراعيين والعاملين في مجال الزراعية، بالإضافة إلى طلاب يدرسون الزراعة، ويهدف المشروع إلى زراعة أربعة ملايين شجرة خلال خمسة أعوام.

عادة يتم إحضار الغراس من الخارج، ولكن إذا قمنا بشراء تلك الغراس والمشاتل من الخارج، فإن هذا سوف يكلف حوالي 28 مليار ليرة سورية. إذن لماذا نحضر الغراس ونشتريها من الخارج، لدينا الماء والتراب وكل ما يلزم لإنبات البذار ورعاية المشاتل. كما أن أرض المنطقة ومناخها ملائم جدّاً لزراعة أنواع كثيرة من الأشجار”.

صرخة الأرض والطبيعة

ونوّه محمود جقماقي إلى أن نقص المساحات الخضراء في المنطقة وتراجع منسوب المياه كلها مرتبطة بالسياسات التي تستهدف المنطقة، وقال عن ذلك: “لقد أقدم المرتزقة على قطع الأشجار في المناطق المحتلة مثل عفرين وسري كانيه وكري سبي/ تل أبيض، كما يتم تغيير التركيبة السكانية في المنطقة. وهنا أيضاً يتم معايشة التجربة نفسها، فعلى سبيل المثال يتم قطع مياه نهر جقجق بشكل مقصود، هذا النهر كان يمنح الحياة للأشجار فيما سبق، والآن يشكل خطراً على الحياة”.

 إن مبادرة الجدائل الخضراء هي مشروع بيئي، وبمثابة صرخة الأرض والطبيعة، وإننا ندعو الرأي العام والأحزاب السياسية والمؤسسات إلى دعم ومساندة هذه المبادرة. قد تكون هناك اختلافات في الأفكار السياسية، ولكن يجب علينا جميعاً أن نتحد حول الطبيعة والحياة”.

محمود جقماقي نوّه إلى أن مشروع الجدائل الخضراء هو مشروع الشعب، وقال بهذا الصدد: “نحن لا زلنا بحاجة إلى مختصين ذوي خبرة. نحن جميعاً بإمكاننا تحقيق نتائج جيدة هنا، وهذا ما ننشده. حتى الآن هناك دعم واسع من قبل الأهالي للمشروع، ومن جهة أخرى فقد تواصلنا مع أحزاب الخضر والحركات التي تهتم بمجال البيئة في أوروبا، تواصلنا معهم عبر الانترنت، ونحن نعمل على تطوير مشروع الجدائل الخضراء بمساعدة الأهالي، وهذا الأمر لفت انتباه أنصار البيئة في أوروبا”.

وأضاف جقماقي أيضاً: “لا فرق بين مدينتي ديرك ودهوك، فهما مدينتان قريبتان ولكن تم وضع الحدود بينهما، إلا أن الطبيعة لا تهتم بهذه الحدود، العصافير والطيور لا ترى هذه الحدود. حاليّاً نقوم بتنفيذ المشروع في قامشلو، ولكنا نهدف إلى توسيعه ليشمل جميع مناطق شمال وشرق سوريا. في عفرين يتم حرق الأشجار وتدميرها، وفي سري كانيه يتم قطع الأشجار من قبل المحتلين، في الصيف الماضي نشب حريق في اللاذقية احترقت فيه آلاف الأشجار، وإذا تمكنا من الوصول إلى هناك فسوف نقوم بزراعة الأشجار فيها أيضاً، نحن نعتبر هذا الأمر واجباً ومسؤولية، كما ونسعى إلى زيادة المساحات الخضراء في جميع أنحاء كردستان، آمالنا كبيرة في هذا المجال، وواثقون بأننا سوف نحوّل المناطق إلى مناطق خضراء”.

محمود جقماقي قال في ختام حديثه إن هذا المشروع ليس مشروعهم وحدهم، بل هو مشروع أهالي روج آفا، ودعا الأهالي إلى تحمّل مسؤولياتهم نحو الطبيعة والبيئة.