إعداد المونة… فرصة المرأة للاكتفاء الذاتي ومساندة عائلاتها

الحسكة/ آية محمد –

كشفت الأزمة السورية أنماطاً مختلفة من ازدهار الأعمال غير المرئية، بعدما تحولت منازل الآلاف إلى أشبه بمشاغل صغيرة للصناعة والإنتاج، والانخراط تالياً بالتجارة الالكترونية، التي مازالت حديثة العهد في المنطقة.

تحدين الصعوبات، وكابدن المشقات من أجل حياة أفضل لهن ولعائلاتهن، وخاصة النساء اللواتي يبحثن عن فضاء ليحققن ذواتهن في العمل ودورة الإنتاج، فيصنعن المونة البيتية ويسوقن لتكون رافداً اقتصادياً، ويتحولن إلى نساء منتجات في قلب معادلة الحياة، ويكرسن حضوراً بعيداً عن الصورة النمطية التي غالباً ما تقيد المرأة.

عمل المرأة وطرق تحقيق التوازن

“صفاء خيري” أم لستة أولاد، مهجرة من مدينة الحميدية بمقاطعة دير الزور منذ عام 2012م، مقيمة حالياً في حي خشمان بمدينة الحسكة، بينت لصحيفتنا: “أعمل في إعداد المونة البيتية منذ نحو أربعة أعوام، فالأحوال المعيشية الصعبة والراتب المخصص، والمعونات لم تعد كافية، لذا قررت البحث عن عمل يوفر احتياجات عائلتي، حيث كنت قبل انفجار أزمة 2011 ربة منزل، مكرسة حياتي لأبنائي وزوجي فقط”.

بمهارة يدوية وخفة في العمل والتحضير تنجز صفاء يومياً طلبيات زبائنها، بمساعدة ابنتها الشابة، التي رأت في ذلك فرصة للعمل في ظل الظروف الاقتصادية المتردية، والغلاء الفاحش الذي تشهده المنطقة.

لاقى مشروع صفاء قبولاً واسعاً في محيطها، لما تتميز من إتقان ونظافة ومذاق شهي، وأسعارها المناسبة، هي التي ساهمت في شهرتها ضمن المنطقة، كما تخبرنا أيضاً أن هناك زبائن يقصدونها من ريف الحسكة، بعد أن خبروا جودة العمل لديها.

وعن الأصناف التي تحضرها: “أنها تجفف الكوسا والباذنجان، وتعد المربيات، والمكدوس، والمخللات، والبامية، ودبس الفليفلة “المحمرة”، والملوخية، والكشك، ودبس البندورة، وغيرها من المونة السورية الشعبية”.

تحقيق الاكتفاء الذاتي مطلب ملح أمام التحديات 

حاولت صفاء جاهدةً توسيع عملها بعد أكثر من أربعة أعوام من العمل بهذا المجال، وكسب ثقة الزبائن والأهالي، الذين تعاملوا معها لتثبت أن المرأة السورية قادرة على تطويع ظروفها الصعبة، وبأبسط المقومات والمواد الأولية للحصول على لقمة عيش كريمة دون الحاجة لأحد.

كما تجاوزت مرحلة الترويج لإنتاجها بالطرق التقليدية، إذ كسرت دائرة الزبائن الضيقة من المعارف وأبناء الحي، ولجأت لتسويق إنتاجها على منصات التواصل الافتراضي.

لكن إلى أي مدى تكون هذه التجارة مربحة، تجيب صفاء: “هي ليست تجارة مربحة، ولكن تكفي نسبياً كنوع من الاكتفاء الذاتي، وأحياناً يكون المردود بمستوى الكلفة”.

وعن الصعوبات، التي واجهتها، “أنها واجهت بعض التحديات، وهي افتقارها للموارد والدعم، مالياً وتسويقياً، حيث عانت بداية الأمر من بناء قاعدة من الزبائن، وتوطيد علاقة الثقة بينها “كمنتج” وبين المستهلك، ناهيك عن عجزها ماديا ًعن تأمين المواد الأولية لصنع المونة”.

الاستقلالية في العمل

واختتمت “صفاء خيري” حديثها: “أدعم المرأة كي تحصل على حقوقها، لأن المرأة تتعب وتشقى، وأحب المرأة العاملة، وأشجعها على العمل لتشعر أن لديها كياناً واستقلالية”.

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تمر بها المنطقة من تدني قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، لابد من تشجيع المرأة وتمكينها من خلال دعم قدراتها وتسليط الضوء على المنتجات الغذائية التقليدية، التي تنتجها؛ ما يساهم بتحريك العجلة الاقتصادية، وإبراز دور المرأة الفاعل في تحسين سبل العيش.