أهالي مخيم العودة.. إصرار ومقاومة بالرغم من مخططات كسر الإرادة

الشهباء/ فريدة عمر-

يستمر نضال مهجَري عفرين، في موطن التهجير القسري والمخيمات الخمسة، رغم المعاناة والصعوبات، والمخططات الهادفة لكسر إرادتهم، ومخيم “العودة” في شيراوا خير مثالٍ، لذلك.

ومنذ اندلاع الحرب السورية، عانى مهجَرو عفرين، كغيرهم من الأهالي في مناطق سوريا، من تداعيات الصراعات وقد كان لانطلاقة ثورة روج آفا، نقلة نوعية في المشروع الديمقراطي، وصارت ملاذاً آمناً، لمختلف الشعوب في المناطق كافة.

حرب إبادة وكسر إرادة

وفي العشرين من كانون الثاني لعام 2018، تعرضت مقاطعة عفرين، لهجوم وحشي، من المحتل التركي ومرتزقته، وبتآمر دولي، طال البشر والحجر، فيما أبدى أهلها مقاومة بطولية، لا مثيل لها، دامت 58 يوماً، فسُطرت فيها ملاحم بطولية، تستحق تدوينها بحروف ذهبيَّة في سجلات التاريخ.

ومع اشتداد القصف والهجمات على المنطقة، تم احتلالها بتاريخ 18/3/2018، من قبل دولة الاحتلال التركي، فيما قرر أهلها “إدارةً وشعباً”، الخروج منها، وعدم الرضوخ والاستسلام لمخططاتهم.

موطن التهجير القسري والمقاومة

وبعد المقاومة العظيمة، كان نصيب أهالي عفرين التهجير القسري من أراضيهم وديارهم، حيث قصد الآلاف منهم مقاطعة الشهباء، والتي كانت قد تحررت مجدداً من رجس الإرهاب، بعد تعرضها لصراعات طويلة، وحرب طاعنة، بعد هجوم المجموعات المرتزقة عليها، فلم يكن في المنطقة شيء يوحي بالحياة والعيش فيها، إلاَّ أنَّهم وبالرغم من معاناتهم حوَّلوها إلى موطنٍ للمقاومة، ومصدرٍ للحياة والإصرار.

آمال أهالي مخيم العودة

يقع مخيم العودة في ناحية شيراوا، التي تبتعد بضعة كيلو مترات عن مدينة عفرين، ويعد أحد المخيمات الخمسة، التي يسكنها مهجرو عفرين.

وخلال زيارة صحيفتنا “روناهي” لمخيم العودة، تحدَّث لنا الإداري في المخيم “جكر خوين شيخو“: “أُسِّس هذا المخيم عام 2019، عقب تأسيس المخيمات الأخرى، بقرية “الزيارة”، الواقعة في ناحية شيراوا، وتقطنه أكثر من 120 عائلة”. مضيفاً: “ويعود سبب إنشاء هذا المخيم، إلى إصرار المهجرين على البقاء بالقرب من مدينتهم”.

وتابع: “ويعود سبب تسمية المخيم بهذا الاسم أيضاً، لرغبة سكانه، وآمالهم بالعودة لأرضهم وديارهم”.

مخططات الاحتلال ومساعي حكومة دمشق

وحول ما يتعرَّض له مهجَّرو عفرين، وتحديداً القاطنون منهم في مخيم العودة، من هجمات المحتل التركي، وسياسة حكومة دمشق، قال شيخو: “إنَّ مخططات الاحتلال التركي، لن تقتصر على عفرين فقط، فعلى الرغم من مختلف الانتهاكات والجرائم بحق أهالي عفرين، ممن لم يتركوا أرضهم، يستمر المحتل التركي بهجماته على مناطق أخرى، فقرى “شيراوا”، وخاصةً، القريبة من المخيم، في استهداف يومي ومتكرر لقذائف المحتل التركي، والتي تعرّض الآلاف من سكانها للخطر”.

وأضاف: “وبالرغم من كل ذلك، تتعمد حكومة دمشق، فرض حصارها الجائر على المنطقة، والتي تزيد من معاناة المهجّرين أضعافاً، وذلك لصعوبة الحياة المعيشية، وانعدام أبسط مقومات الحياة اليومية”.

وتابع: “ويوجد أيضاً، نقص في العديد من النواحي الخدمية بالمخيم، فقد كانت هناك نقطة طبية إسعافية بالقرب من المخيم، إلاَّ أنَّ الهلال الأحمر الكردي اضطر لإغلاقها، لعدم توفر المستلزمات والأدوية فيها، فيضطر أهالي المخيم للذهاب إلى مشفى “تل رفعت”، أو “فافين””، مضيفاً: “وبسبب قلة المحروقات، باتت أسعار المواصلات باهظة جداً، بالإضافة لصعوبة تأمين مادة الغاز والعديد من الأمور الضرورية الأخرى”.

غياب دور المنظمات الإنسانية

وانتقد الإداري في مخيم العودة، “جكر خوين شيخو”، غياب دور المنظمات الإنسانية، مناشداً في ختام حديثه، الجهات المعنية للقيام بواجبهم: “إن المخيمات الخمسة المتواجدة في الشهباء، والتي تحتوي كلٌ منها على آلاف المهجَّرين، وأغلبهم من الأطفال والنساء، وعدداً من المعاقين، وذوي الأمراض المزمنة، ممن يحتاجون للمساعدة، ورعاية خاصة، إلاَّ أنَّ المنظمات المعنية، طيلة سنوات النزوح الخمسة، لم تقدِّم سوى القليل من الخدمات”، مضيفاً، “وباستمرار تداعيات الحصار، ستزداد الصعوبات أضعافاً، لذلك، نناشد الجهات المعنية القيام بواجبها، وعدم التلاعب بالملف الإنساني، فازدواجية المعايير، من المنظمات، وفي سياسة الحصار، تنصب في خدمة مخططات الاحتلال اللاأخلاقية، بحق المنطقة وسكانها، و تندرج في سلسلة جرائم الحرب”.

والجدير ذكره، أن مقاطعة الشهباء تحتوي على خمسة مخيمات “سردم، برخدان، عفرين، العودة، الشهباء”، وقد أُسِّست إبان الاحتلال التركي ومرتزقته لمقاطعة عفرين، وتهجير سكانها قسراً نحو مقاطعة الشهباء.

ويعيش أكثر من 25 ألف مهجر عفريني، في مخيمات التهجير القسري، ومن بينها مخيم العودة، وفي منازل شبه مدمرة، يصارعون الحياة، على أمل العودة لديارهم.