تقرير/ صلاح إيبو –
حملوا في قلوبهم الحزن وأمل الانتصار والعودة، ولكن تعبيرُ وجوهم كانت مغايرة، تلك الوجوه من رجال ونساء وأطفال، حملت تعبير الابتسامة الممزوجة بروح الانتقام وإبراز طابع المقاومة الذي عاشه هذا الشعب العفريني خلال 58 يوماً من مجابهة قوات جيش الاحتلال التركي وتلاحم الشعب مع المقاتلين في صورة لم يشهد لها مثل في تاريخ الشرق الأوسط.
إنه يوم العشرون من كانون الثاني، ذلك اليوم الذي بدأ فيه أهالي عفرين بالتلاحم ورسم لوحة مقاومة مُشرفة في التاريخ الكردي عامة، هو اليوم الذي غطى المجتمع الدولي أجمع عينه عن همجية وبربرية العصور المظلمة المتمثلة بالدولة التركية ومرتزقتها من الإسلاميين المتشددين، وللتنديد بهذه الهجمات وتمجيد مقاومة العصر وشهدائها، خرج يوم الأحد أكثر من مئة ألف متظاهرة من مُهجري عفرين في الشهباء وأهالي الشهباء، في لوحة تضامن بين المكونات كالتالي كانت في أيام المقاومة.![]()
وحمل المتظاهرون الذين خرج غالبيتهم منذ ساعات الصباح رغم الجو البادر إلى الساحات والتوجه إلى مكان التظاهرة في بلدة الأحداث شرقي حلب، شعار “بروح مقاومة العصر سنحرر عفرين ونطرد المحتل التركي”، إضافة لحمل صور ضحايا القصف التركي ومجازرهم ضد المدنيين في عفرين، وصور شهداء مقاومة العصر، في لوحة تبرهن مدى عظامة هذه المقاومة التي عجز جيش الاحتلال التركي عن كسرها رغم عدم دعم حلف الناتو له بالأسلحة المتطورة إلا بعد قرابة شهرين.
وأغلق الأهالي كافة المحلات، وتوقف السير، وتوجه الجميع للانضمام إلى التظاهرة الحاشدة للتنديد بالاحتلال التركي والتأكيد على مواصلة المقاومة والتصميم على العودة إلى عفرين.
واكد المتظاهرون على الثبات في خندق المقاومة حتى تحرير عفرين، عبر الشعارات التي نادوا بها ومنها “عفرين لنا- تحيّي مقاومة العصر- لن يستطيع المحتل إطفاء شمسنا” وعبارات أخرى تحي الصمود والحياة الحرة وتبين مدى حقيقة الاحتلال التركي وقبح وجهه الاخر الذي يحاول استغباء العالم به ومنها “الاحتلال التركي للقمع والمجازر، الاحتلال التركي لقتل الأطفال والنساء”.
“ الاعتماد على الذات هو الضامن الأمثل للبقاء”![]()
وتحولت التظاهرة إلى مهرجان خطابي في ساحة قرية معراتة المسلمية بعد نحو نصف ساعة من السير على الأقدام والهتافات تعلوا في السماء، وهناك شرح عضو منسقية حركة المجتمع الديمقراطي حسن كوجر السياسة التركية الحالية القائمة على الخداع والاحتلال وقال “تحاول تركيا اليوم ثنينا عن هدف تحرير عفرين عبر تهديد احتلال شرق الفرات بمسميات مختلفة” مبيننا أن الرد الأمثل لهذه السياسة هو انتهاج خط الشهيد كاركر الذي فضل الاستشهاد على الخروج من عفرين والاعتماد على الذات في الدفاع عن الوطن وليس الاعتماد على القوى الدولية التي لا تهمها سوى مصالحها وتنفيذ مخططاتها.
وتساءل كوجر عن مدى جدية الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا بحماية الكرد قائلاً “عن كانوا جادين في ذلك فعلاً، فليفضحوا سياسة الدولة التركية، ويطلقوا سراح قائد هذا الشعب، لكن هذه الرواية لا أظنها جادة بل يهدفون لشيء مختلف”، مضيفاً “الاعتماد على الذات هو الضامن الأمثل للبقاء”.
وقال كوجر إن عفرين هي قضية جوهرية وقال “عفرين هي كرامتنا، وكردستان بدون عفرين لا معنى له، لذى هدف هذا التجمع اليوم هو تحرير عفرين ونحن باقون على هذا الوعد وسنحرر عفرين قريباً، لذا يتطلب منا تنظيم صفوفنا وردف قواتنا العسكرية بالفئة الشابة التي ستقوم بتحرير عفرين، إضافة للعمل الدبلوماسي”.
وفيما يخص الأزمة السورية، أكد كوجر ان الحكومة السورية يجب أن ترى الحقيقة أن ليس لديها سوى خيارين “أم تحرير إدلب وعفرين او التقسيم”.
علينا كسوريين بالحوار الداخلي![]()
كما قُرِئ بيان باسم مجلس مقاطعة عفرين، تمت الإشارة فيه إلى مقاومة العصر ومدى فظاعة الهجوم التركي، مبيناً في الوقت ذاته قوة الشعب في تغيير مسار الحرب وفق مخططات الاحتلال، وتوعد المجلس المضي في النضال لتحقيق النصر.
وأشارت منسقية مؤتمر ستار إلى دور المرأة في المقاومة وحيّت الشعب عامة لتجمعه في مثل هذا اليوم وإرسال رسالة واضحة للمحتل التركي والعالم معاً.
وانتقد عماد داوود الرئيس المشترك لمجلس مقاطعة الشهباء الوقف الروسي الذي وصفه بـ”المخزي” فيما يخص احتلال عفرين، ودعا خلال كلمته الدولة الروسية لتقيم الدور التركي الهادف لاحتلال سوريا، ووجه داوود رسالة للشعب السوري أجمع قال فيها “على الشعب السوري إن يعلم إن شعوب الشمال السوري يسعون لتحقيق الديمقراطية، لذا يجب عليهم معرفة هذه الحقيقة وتحمل مسؤوليتهم تجاه الوطن”، في حين وجه داوود انتقاد أخر لموقف الحكومة السورية فيما يخص عفرين وشرق الفرات ودعها لأن تجد حلاً عبر الحوار الداخلي لسفك دماء الشعب السوري وأن تتحمل مسؤوليتها في الحفاظ على سيادة سوريا وإعطاء حقوق مكوناتها كافة.
الاحتلال لم يحصد ما كان يرنوا له![]()
وفي سياق التظاهرة قالت عضوة المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية في عفرين فاطمة لكتو أن الشعب الكردي في عفرين استطع عبر تصديه للعدوان التركي على مدار 58 يوماً ان يبرهن للعالم أجمع أن إرادة الشعوب لا تقهر، مبينة أن الاحتلال التركي رغم احتلاله الأرض إلا انه لم يتمكن من الاستحواذ على قبول الأهالي الذين ما زالوا يقاومون احتلاله في الداخل والخارج.
وقال السياسي محمد رشو أن الاحتلال التركي لم يستطع حصد ما كان يرنوا له سياسياً من احتلال عفرين، فحالة عدم الاستقرار والفلتان الأمني هو سيد الموقف في عفرين والمناطق الأخرى التي يحتلها في سوريا، إضافة لوجود مجموعات متشددة مصنفة إرهابية تنشط تحت سيطرتها، وهنا لم تستطع تركيا ترويج هذه المناطق كمناطق آمنة للسوريين وهذا يضع مخططها في شرق الفرات على المحك، وأبرز رشو دور المقاومة الشعبية ضد الاحتلال مبيناً أن النشاطات الجماهيرية كفيلة بفضح سياسات ![]()
الاحتلال التركي.
الاحتلال التركي.مع مضي عام على شن جيش الاحتلال التركي ومرتزقته هجماته الهمجية على مقاطعة عفرين، ففي مثل هذا اليوم من العام المنصرم في الساعة 16:00 حلقت 72 طائرة حربية فوق سماء مقاطعة عفرين واستهدفت منازل المدنيين والمواقع الأثرية والمرافق العامة، واستشهد المئات من المدنيين بينهم أطفال ونساء بالإضافة لجرح المئات.
