أحمي: حزب العمال الكُردستاني أُسِّسَ على قوة وإرادة ومقاومة الشعب

 حاوره/ رفيق إبراهيم-

أوضح الرئيس المشترك لحزب الخضر الديمقراطي لقمان أحمي، أنه عندما أُسِّس حزب العمال الكردستاني، قوبل بالرفض من قبل الأحزاب الكلاسيكية، بطرفيها الطبقة الاقطاعية واليسارية أيضاً، وأشار إلى أن قوة الحزب تمكن في الانخراط بين صفوف الجماهير، حيث أنه اتخذ الحراك الثوري الشعبي، وطبق الأقوال بالأفعال، وأكد أنه على الرغم من الظروف المحيطة بالقائد أوجلان، غير أنه استطاع جعل” إمرالي” مصدر التغييرات جميعها، وقِبلةً لأحرار العالم جميعهم.

في ظروف استثنائية، وغير طبيعية أسس حزب العمال الكردستاني، لتصحيح مسار الحركة الوطنية الكردستانية، والنضال من أجل الحقوق المشروعة للشعب الكردي، فكانت بحق ثورةً جماهيرية، غيّرت المفاهيم السائدة عن الكرد، وأثبتت أن الكرد قادمون وبقوة؛ ليكون لهم دور كبير في حل الكثير من القضايا العالقة في المنطقة والشرق الأوسط، بشكل عام.

حول هذا الموضوع أجرت صحيفتنا حواراً مع الرئيس المشترك لحزب الخضر الديمقراطي، لقمان أحمي، وإليكم نص الحوار:

-أُسِّس حزب العمال الكردستاني في عام 1978، ما التغيرات التي طرأت على الحركة الوطنية الكردية بعد تأسيس الحزب؟

بداية نبارك لشعبنا الذكرى السنوية الثالثة والأربعين، لتأسيس حزب العمال الكردستاني حزب الشهداء، وأيضاً نبارك هذه الذكرى العظيمة على الرفاق في الحزب جميعهم؛ بانطلاقتهم الشعبية والثورية في جميع أجزاء كردستان، أما بخصوص الذي تغير في الحركة الوطنية الكردية، في الحقيقة عندما أُسّس حزب العمال الكردستاني، قُوبل  بالرفض من قبل بعض الأحزاب الكردية الكلاسيكية، بطرفيها الطبقية الاقطاعية واليسارية أيضاً، ولكن القفزة النوعية للحزب كانت على الصعيد الجماهيري والشعبي، حيث انخرطت كوادر الحزب بقيادة القائد عبد الله بين الجماهير بشكل كبير، وفي كل مكان، وبخاصة أن الحزب اتخذ الحراك الثوري الشامل، والنهج الذي يقوم على تطبيق الأفعال بالأقوال، ما أحدث تغييراً جذرياً في المجتمع، ومن خلال ذلك أصبح حزباً جماهيرياً؛ لأنه أُسّس على قوة الشعب.

ـ لماذا اتّخذ الحزب تسمية حركة التحرّر الكُردستانيّة اسماً له؟

التسمية جاءت؛ لأن نضال الحزب شمل الأجزاء الكردستانية الأربع، ولم يبقَ ضمن إطار باكور كردستان، وبإمكاننا القول: إن نضال الحزب امتد حتى خارج الوطن، وأيضاً شمل طبقات المجتمع جميعها، بلا استثناء، حيث عمل الحزب على خصوصية الشعب الكردي الثورية، وأكد على ضرورة المقاومة الشعبية الشاملة، في وجه الأعداء، والحصول على الحقوق المشروعة للشعب الكردي، والنقطة الأخرى الهامة، أن الحزب عمل على تغيير المفاهيم السائدة والذهنية بين الشعب الكردي بفئاته جميعها، وقام بتغيير النمطية التي كانت تتبناها الأحزاب المتواجدة على الأرض، وإحداث ثورة ذهنية وفكرية بين الجماهير الكردية، ومنذ البداية اعتمد الحزب على نفسه بالدرجة الأولى، إضافة لهذا، التعامل مع محيطه بما يخدم المصلحة الكردية العليا، ما أدى إلى الانتشار الكبير بين الجماهير، التي قبلت أفكار الحزب بكل رحابة صدر، وهذا كان السبب الرئيسي لإطلاق التسمية على الحزب، وأيضاً من الأهمية بمكان التذكير، أن الحزب قام بإنشاء منظومات، تُعنى بالشأن الكردي، والكردستاني وفي المجالات جميعها.

-حزب العمال الكردستاني أُسِّس في ظروف استثنائية، وعلى الرغم من ذلك، نجح بلعب الدور الأبرز على الساحة الكردستانية، فما السبب؟

بالفعل نشأ الحزب في ظروف استثنائية، ولكن حتى تلك الظروف منها السلبية ومنها الإيجابية، فمن الظروف الإيجابية التي بإمكاننا التحدث عنها، هي أن الظروف كانت مهيأة لوجود حركات التحرر في الكثير من الأماكن، وكان الاتحاد السوفياتي آنذاك قائماً، ويمثل قطباً عالمياً ترتبط به الكثير من تلك الحركات، وهذه كانت نقطة معنوية إيجابية، أما الظرف السلبي الذي مر به الحزب، كان يتمثل بمرور ثلاث سنوات على فشل ثورة باشور كردستان، وتسليمها الأسلحة، وإيقافها الكفاح المسلح، ما شكل تحدياً آخر للحزب في مرحلة التأسيس، الأمر الآخر الذي اتخذه الحزب هو الاعتماد على قواه الذاتية، وهذا ما شكل المنعطف التاريخي لمسيرة الحزب، حيث فشلت الحركات الكردية جميعها، التي اعتمدت على الآخرين، ما تسبب بنكسات مستمرة للكرد ومسيرة نضالهم، وعبر المجموعات الدعائية، التي شكلها الحزب، والتي انتشرت بين الجماهير الكردية في كل مكان، استطاع الحزب اثبات نفسه، فسار من نجاح إلى نجاح، والحزب اتبع سياسة القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقة جميعها، ضمن ما يخدم القضية الكردية المصيرية، ومقاومة السجون خير شاهد على المقاومة ونكران الذات، والتي قادها مظلوم دوغان، وكمال بير، وخيري دورموش وغيرهم، ومع إنهم اعتمدوا على مفهوم النظرية الاشتراكية، ولكنهم على أرض الواقع لم يستفيدوا شيئاً من وجود الاتحاد السوفياتي.

وقفزة 15 آب، مثلت التحول الجذري في النضال والدفاع عن الكرد، فكان الكفاح المسلح ضد الدولة التركية، ومخططاتها، التي استهدفت إبادة الكرد، وبإمكاننا تسميتها بطلقة النصر الأولى، ضد عمليات الصهر والانحلال، التي كانت تنتهجها الحكومات التركية المتعاقبة، عسكريةً كانت أم مدنية، هذه الأمور مجتمعة، أدّت إلى التفاف الكرد حول الحزب، الذي انطلق من بين الجماهير، فنجح الحزب جماهيرياً، وهذا هو المهم، وأثبت نفسه دولياً أنه المدافع عن قضية الشعب الكردي في كل مكان، وكان الحزب في تغيير مستمر ودائم مع متطلبات كل مرحلة على حدا، ما ساهم في الوصول إلى مبدأ الأمة الديمقراطية، الذي يعطي كل ذي حق حقه.

-تبنّى حزب العمال الكردستاني مبدأ الأمّة الديمقراطية، الذي يعتمد على فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان، ما الهدف من ذلك؟

نتيجة التغييرات، التي أحدثها الحزب على نظريته الثورية، وبخاصة في الظروف، التي أدّت إلى اعتقال القائد آبو، والمؤامرة الدولية المشينة، التي جرت بحقه، ووضعه في سجن بجزيرة إمرالي، حيث تفرض عليه العزلة المشددة والاستثنائية، وعلى الرغم من تلك الظروف، غير أن القائد استطاع أن يغير تلك الظروف المحيطة به، لتكون إمرالي مصدر التغيرات التي طرأت في مسار الحزب كلها، وبعمله المتواصل ليلاً ونهاراً، استطاع التوصل إلى مشروع الأمة الديمقراطية، الذي أساسه القبول بالآخر، والتعايش المشترك، واعتراف الكل بالكل في إطار ديمقراطي حر، وعند ذلك تنتفي الصراعات والحروب في الشرق الأوسط، واعتمد الحزب هذه النظرية، التي تساوي بين الجميع من حيث الحقوق والواجبات.

-كيف تقيّمون اعتماد شعوب شمال وشرق سوريا على فكر وفلسفة الأمة الديمقراطية؟

شعوب شمال وشرق سوريا، اختارت هذا المبدأ؛ لأنه يعتمد على المساواة، ومشاركة الجميع في صنع القرار، ولا يفرق بين اللون، والدين، واللغة، فالكل يشارك في العملية السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، ووضع الخطط المناسبة لما فيه خدمة شعوبها، والإدارات الذاتية والمدنية في شمال وشرق سوريا، نجحت في تطبيق النظرية، وأثبتت أنها الأفضل على أرض الواقع العملي، وها هي شعوب المنطقة، تدير نفسها بنفسها، واستطاعت تحقيق الكثير من الإنجازات، التي تحسب لها، على الرغم من الظروف القاسية، التي تمر بها المنطقة، وبالفعل حققت شعوبنا معاً خطوات هامة في المجالات جميعها؛ اعتماداً على هذه النظرية.

-كان لحزب العمال الكردستاني أكثر من مبادرة سلام مع المحتلّ التركيّ؛ لإيقاف الحرب؛ وإيقاف نزيف الدم، لماذا فشلت تلك المبادرات برأيكم؟

مبادرات السلام، التي قام بها حزب العمال الكردستاني، كانت كثيرة من أجل حل القضية الكردية، في باكور كردستان، ولكننا نعلم بأن الأنظمة المحتلة لكردستان، كيف تتعامل مع مثل تلك المبادرات، وبخاصة الذهنية الفاشية التركية، التي تتخذ من أساليب الحرب والإبادة بحق الشعب الكردي، وهي تقول: إنها قادرة على إنهاء الشعب الكردي، وطمس هويته، كما كان يحدث كل مرة، هذه الذهنية الإقصائية والديكتاتورية، تتعامل مع القضية الكردية بأن الكرد ليس لهم وطن، ولا يحق لهم المطالبة بحقوقهم بأي شكل من الأشكال، وهذا التعامل مع الكرد كان يؤدي دائماً إلى فشل طريق المحادثات والسلام.

المبادرة التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان، في عام 2013، لم تستمر لأكثر من سنتين، وفشلت أيضاً؛ نتيجة التعنّت التركي، واعتماده على الأسلوب الوحيد، الذي يفهمه وهو الحرب، برأيي: لن تستطيع الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط، ومن ضمنها المحتل التركي، حل أية قضية عن طريق الحرب، واللجوء إلى هذه الطريقة في إبادة الشعوب، لن تجدي نفعاً في حل القضايا العالقة والمصيرية، وتؤثر حتى على الشعوب المتعايشة معها، ومن الجوانب جميعها، والطريق الوحيد للوصول لحلول لجميع القضايا العالقة في المنطقة، يكمن في الحل السلمي والحوار الحقيقي مع الشعوب، والاعتراف بالآخر والقبول بحقوقهم كاملةً دون تفرقة أو تمييز.

-هل من كلمة أخيرة توجهونها في نهاية هذا الحوار؟  

ندعو شعبنا الالتفاف حول حركة التحرر الكردستانية في أجزاء كردستان كلها، لأنها الأمل الوحيد في حل القضية الكردية بشكل عادل، كما نوجه نداءنا إلى شعوبنا في مناطق الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، بالالتفاف حول الإدارة الذاتية، وقواتها، قوات سوريا الديمقراطية، لتتمكّن من ضمان حقوقها في سوريا تعددية ديمقراطية، لا مركزية.